الثلاثاء أبريل 16, 2024

بَهجةُ أهلِ الإيمانِ في وَظائِف شَهرِ رَمضان

 

ستّة مجالِس نفِيسة في فضائِل شهر رمضان، وجِماع خِصالِ الخير فيه،

وخصائص العشر الأولى والوسطى والأخرى منه، ومقالات رِقاق في وداعه

 

 

 

جمع وتعليق

الشيخ جميل حليم الأشعري الشافعي

دكتور محاضِر في العقائد والفِرَق

غفر الله له ولوالديه ولمشايخه

 

 

المقدّمة

الحمد لله الهادي إلى سبِيلِه، الصادِق في قِيلِه، المشكورِ على كثِير الإنعام وقلِيلِه، الذي تسبِّحُ له الأصواتُ إذا عَجّتْ، وتخشَع له القلوبُ إذا وَجِلَتْ، سبحانه رافعُ السماءِ ومُسوِّيها، وساطِح الأرض وداحِيها، ومُثبِّتُها بالأطوادِ في نواحيها، العالِم بما يحدُثُ في أقاصِيها وأدانيها، أحمدُهُ حمدًا كثيرًا على فَضلِه الشامِل، وأشكرُهُ شُكرًا عظيمًا على إحسانِه الكامِل، وأعترفُ له بِنِعَمٍ لا أُحصيها مِن الفضائل والفَواضِل، وأشهدُ أنْ لا إلـٰه إلا الله وحدَهُ لا شريك له شهادةً سطَع نورُها ولاح، وغَدا برهانُها وراح، وأشرَق هَديُها في المساء والصباح، وأشهد أنّ سيِّدَنا محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، أرسلَه إلى النّاس بشيرًا ونذيرًان وبعثَه سراجًا وهّاجًا وقمَرًا مُنيرًا، وجعَلَ فضلَه في الخلائق مُستطِيرًا.

وبعدُ، فإنّ العُمر مراحل ومواسمُ، يَربح فيها مُمتثِل المراسم، ويَخسر فيها الـمُضيِّع والحاسِم، وقد مَنَّ الله علينا بشهر رمضان، وجعلَ صيامه فرضًا على الأعيان، ولا شهرَ أفضلُ من رمضان في الشُّهور، ولا صومَ أفضلُ مِن صومِه في الدُّهور، فالقيام فيه بالطّاعات غنِيمة، واغتنامُه دأبُ أهل القلوب السَّلِيمة، فلا ينبغي تضييعُ الوقت فيه سَبَهْلَلًا، ولا العيش في أيامه ولياليه همَلًا، فهو شَهر الصّوم والصّلاة، شهر البِرّ والزكَاة، شهرُ القرءان والتّرتيل، شهرُ الذِّكر والتّهليل، فيه تُعمَر المساجِد أكثرَ مِمّا سِواه، ويتُوب فيه التّائبون أكثرَ مِمّا عدَاه، ويَعتبِر فيه الـمُذنِب الـمُصِرُّ والغافِل، ويُعطَى فيه الدّاعي الرّاجي والسّائل، فطُوبَى لِمَن ملَأه بالخير وأعمَرَه، وقضَى بالعبادات فيه عمُرَه.

وهذه رسالة نفِيسة مُختصرةٌ مِن كتاب «لَطائِف الـمَعارِف فِيما لِمَواسِم العامِ مِن وَظائِف» للحافظ عبد الرّحمن بن رجَبٍ الحنبليّ مشتمِلة على تعليقات مُهِمّة، وقد جعلتُها مجالسَ جريًا على طريقةِ كتاب «اللَّطائِف» ثُمّ ضمَمتُ إليها بعض ما في رسالة الحافظ أبي الفرَج عبد الرحمن بن الجَوزيّ المعروفة بـ«وَداع رمَضان».

واللهَ أسالُ أنْ ينفَع بهذه الرّسالةِ نفعًا عميمًا، إنّه على ما يشاءُ قدَير، والحمدُ لله وحدَه وصلَّى الله وسلَّم على سيّدنا محمّد وعلى ءالهِ وصحبِه وسلَّم تسليمًا دائمًا إلى يومِ الدِّين.