الجمعة سبتمبر 13, 2024

الحمد لله حمدًا يرضاه لذاته والصلاة والسلام على سيدِ مخلوقاته ورضي الله عن الصحابة والآل وأتْباعِهم مِن أهلِ الشرعِ والحال والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأنّ عيسى عبدُ الله وابنُ أمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه وأنّ الجنةَ حقٌّ وأنّ النارَ حق.

اللهم صلِّ صلاةً كاملة وسلِّم سلامًا تامًّا على سيدِنا محمدٍ الذي تنحلُّ به العقد وتنفرجُ به الكرب وتُقضى به الحوائج وتُنالُ به الرغائبُ وحُسنُ الخواتيمِ ويُستسقى الغمامُ بوجهِه الكريم وعلى آلِه وصحبهِ وسلِّم.

اللهم ارزقنا الإخلاصَ في النية والقولِ والعمل واجعل يا مولانا مجلسَنا الرفاعيَّ هذا خالصًا لوجهِك الكريم.

يقولُ شيخُ العُرَيجاء أبو العلمين الإمامُ الرفاعي رضي الله عنه في البرهان المؤيد

“أي سادة، حُدُّوا المراتب وإياكم والغلوّ، أَنزِلوا الناسَ منازِلَهم، أشرفُ النوعِ الإنساني الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأشرفُ الأنبياء نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأشرافُ الخلقِ بعدَهم التابعونَ أصحابُ خيرِ القرون، هذا على وجه الإجمال وأما على وجه الإفراد فالنصَّ النصّ”

حُدُّوا المراتب لا تُقَدِّموا وتؤخّروا بآرائكم وأهوائكم لا تفضِّلوا مِن عندِكم مِن غيرِ حجةٍ ولا برهان، لا تشهدوا لإنسانٍ بالتقوى والصلاح وأنتم تجهلونَ حالَه، لا تُسيئوا الظنّ بعبادِ الله حسِّنوا الظن لكنْ لا تجعلوا إطلاقَ الرُّتَب والدرجات والتفضيل بآرائكم وأهوائكم

كم مِن تقيٍّ خفيّ وكم مِن إنسان دَعِيّ يدّعي التقوى والصلاح وهو ليس كذلك، واحذروا الغلو لا تجاوزوا الحد فإنّما أهلَكَ مَن كان قبلَكم الغلوُّ في الدين، هكذا جاء عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

لا تجاوزوا الحد لا تقولوا في وليٍّ من أولياء الله شيئًا يخالفُ ما جاء به الكتابُ وسنةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا تجعلوا إنسانًا فوقَ منزلَتِه لا تنسُبوا له ما ليس له حُدّوا المراتب لا تتجاوزوا، محبةُ الأولياءِ والصالحين لا تعني الغلُوَّ فيهم، ليس لهم التصرُّفُ في الكون، مدبّرُ هذا العالم هو الله، سيّدُ الكونين عليه الصلاة والسلام الذي كان أكثرَ الأنبياءِ معجزات كان يقول “لا تُطروني -يعني على وجه الغلوّ- كما أطرَت النصارى عيسى بنَ مريم”

ماذا قالوا عنه؟ قالوا عنه ابنُ الله، هذا الغلوّ الذي نَهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

بعضٌ عبدَ عليًّا والعياذ بالله قالوا هذا الذي يحصلُ من علي لا يحصلُ إلا مِن إله فعبَدوه والعياذ بالله، بعضُهم غالَى فقال إنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم يعلمُ كلَّ الغيب ويعلمُ كلَّ ما في اللوحِ المحفوظ ويعلمُ كلَّ ما في علمِ الله، هذا غلوّ، {ولو كنتُ أعلمُ الغيبَ لاسْتَكثَرْتُ من الخير وما مسّنيَ السوء}[الأعراف/١٨٨] هذا جاء في كتابِ الله عز وجل حكايةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

الله تعالى أخبر عن سيدِنا محمد {قل إنما أنا بشرٌ مِثلُكم يوحَى إليّ أنما إلهُكم إلهٌ واحد فمَن كان يرجو لقاءَ ربِّه فليعملْ عملًا صالحًا ولا يُشرِك بعبادةِ ربِّه أحدًا}[الكهف/١١٠]

لا يجوزُ أنْ يقالَ في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إنه المسيطر على هذا الكون

حُدّوا المراتب، لا يجوزُ أنْ يقالَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يعلمُ كلَّ الغيب لا يعلَمُ ما في غدٍ إلا الله، لا يجوزُ بدعوى محبةِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام أنْ نقولَ بأنه خُلقَ من نور، الله تعالى يقول عنه صلى الله عليه وسلم {قل إنما أنا بشرٌ مثلُكم يوحى إليّ} لكنه عليه الصلاة والسلام سيّدُ البشر وليس أولَ البشر، أبو البشر أولُ البشر آدم عليه الصلاة والسلام

لا يجوزُ أنْ يُعتقَدَ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خُلقَ مِن نور، رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وُلِدَ لسيدِتنا آمنة بنتِ وهب رضي الله عنها ولوالدِه عبدِ الله، وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من أبوينِ مؤمنين، هذا حقّ هذا ليس غلُوًّا بمعنى أنّ آمنة وعبدَ الله والدَا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كانا على شريعةِ عيسى، ما المانع؟ ما المانع أنْ يكونا كذلك بالفِطرة على الاعتقاد الصحيح؟

لذلك أبو حنيفة النعمان قال “والِدَا النبيِّ ما ماتا مُشرِكَينِ” حرّفَ بعضُ أهلِ الغلو فحذف حرفَ النفي فصاروا يقولون أبو حنيفة يقول والدا النبي ماتا كافريْن أي ماتا مشركين وهذا كذبٌ على أبي حنيفة رضي الله عنه.

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وُلِدَ لآمنة وعبدِ الله وآمنة كانت تقية ولية صالحة حصل لها في حملِها من الكرامات والعجائب الكثير هذا حق كانت ترى الطيورَ عاكفةً على بطنِها إجلالًا للذي في بطنِها عليه الصلاة والسلام كانت تسمعُ تسبيحَ الملائكة حولَها، كانت إذا جاءت تستقي من بئر يصعدُ الماءُ إليها إلى رأس البئر إجلالًا وإعظامًا للمولود الذي في بطنِها صلى الله عليه وسلم

لمّا وضعَت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ظهرَ لها نور أضاءت منه قصورُ بُصىرى في أرض الشام، رسولُ الله أجملُ من الشمس أحلى من البدر، هذا حق وصفُه عليه الصلاة والسلام ما جاء فيه هذا حق أما أنْ يُقالَ عنه مخلوقٌ من نور؟ وأين الحديث الذي ورد؟ “خُلقَت الملائكة من نور وخُلِقَت الشياطين مِن مارجٍ من نار وخُلِقَ آدم مما وُصِفَ لكم”

وأما ما يُروى وهو من الغُلوِّ الذي حذّرَ منه إمامُنا الرفاعي يقولون أولُ ما خلقَ الله نورُ نبيِّك يا جابر، رسول الله لا يقولُ ذلك وليس لهذا سندٌ صحيح ركاكةُ هذا اللفظِ أيضًا دالةٌ على وضعِه، أولًا يقولون أولُ ما خلقَ الله نورُ نبيِّك ثم يقولون محمد هو أولُ خلقِ الله، هم يقولون أولُ ما خلق الله نورُ نبيك

إذًا على اللفظ الذي هم يذكرونَه يوجَدُ نورًا قبل محمد عليه الصلاة والسلام وخُلِقَ من هذا النور محمد عليه الصلاة والسلام إذًا ما صار محمد أولَ المخلوقات.

فبدلَ أنْ يقولوا أولَ خلقِ الله صلوا عليه، الماء هو أول خلق الله، نقول لهم قولوا أفضلَ خلقِ الله صلوا عليه

محمد أفضلُ الخلق.

حُدّوا المراتب وإياكم والغلو، ليس بدعوى محبة الرسول والصوفية والصالحين يُفتَرى عليهم كما البعض افترى على سيدِنا عبد القادر الجيلاني أنه قال قدمي هذه على رقبةِ كلّ وليّ، سيدنا عبد القادر إمامٌ في التواضع لا يقول هذا رضي الله عنه

إياكم والغلو!!!

بعضُ مَن انتسبَ إلى الطريقة التجّانية وهي مشهورةٌ جدا في السودان ولا نعتقدُ ذلك في الشيخ أبي العباس التجاني رحمه الله إنما في بعض المنتسبين، كما أنه من المنتسبين إلى بعض المشايخ وإلى بعض الطرق حرّفوها ودسّوا وكذلك دسَّ بعضُهم على الطريقة التجانية والشيخ أبو العباس التجاني رحمه الله لا يقول ذلك

افترَوا عليه ويقولون والعياذ بالله بأنّ طريقتَهم هذه وينسبون ذلك إلى شيخِ الطريقة وهو بريءٌ من ذلك يقولون الذي يعملُ طريقتَنا هذا يصيرُ أفضلَ من القطبِ من الطرقِ الأخرى لمجردِ أنه انتسبَ إلى هذه الطريقة، الشيخ التجاني لا يقولُ ذلك

بعضُهم والعياذ بالله يقول أغْنانا الله بصلاة الفاتح عن القرآن الكريم، بعضُهم يقول -وهذا من الغلو الذي يحذّر منه هنا سيدنا الرفاعي رضي الله عنه- الذي يعملُ صلاة الفاتح مرةً واحدة أفضل من ستةِ آلاف ختمة للقرآن الكريم، حتى إنّ بعضَهم وصلَ غلُوُّه والعياذ بالله إذا رأى مَن يحملُ المصحف يقول له ما لك تحملُ هذا الرغيفَ الثقيل وقد أغنانا اللهُ تعالى بصلاة الفاتح؟

هذا من الغلوّ الذي فعلَه بعضُ مَن انتسبَ إلى طرق الصوفية عندما أدخلوا عقيدةَ الوحدة والاتحاد وقالوا بأنّ اللهَ تعالى حالٌّ في خلقِه حتى إنّ بعضَهم والعياذ بالله من شدةِ غلوِّه يقول إذا أردتَ أنْ تنظرَ إلى الله فانظر في صورةِ شيخِك فإنّ اللهَ حالٌّ فيه.

بعضُهم يقول اللهُ هو هذا العالم وبعضُهم يذكرُ كذبًا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقول جاء في الحديث وإذا أحْبَبْتُه كنتُه أي كنتُ هو، وهذه الزيادة موضوعةٌ مكذوبةٌ مُفتَراةٌ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

سيدنا محي الدين بن عربي رضي الله عنه كان يقول “مَن قال بالحلول فدينُه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهلُ الإلحاد”

جعفر الصادق رضي الله عنه يقول “مَن زعمَ أنّ اللهَ في شىء أو على شىء أو من شىء فقد أشرك إذ لو كان في شىء لكانَ محصورًا ولو كان على شىء لكانَ محمولًا ولو كان مِن شىء لكان مُحدَثًا أي مخلوقًا”

لا يجوزُ أنْ يقالَ أنّ اللهَ هو جملةُ العالم، لا يجوزُ أنْ يقالَ إنّ اللهَ هو العالم، لا أنْ يقالَ إنّ اللهَ حالٌّ في العالم

الحلول والاتحاد هذا ليس عقيدةَ الصوفية وليس عقيدةَ أولياءِ الله، أولياءُ الله والصوفية الصادقون والعلماء العاملون كلُّهم يحذّرُ من هذه العقيدة التي هي نقضٌ للإيمانِ بالله وهدمٌ لمَعنى لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله

كيف يكونُ اللهُ تعالى حالًّا في جسدِ وليّ أو حالًّا في مكان؟ اللهُ لا يَحُلُّ في شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يَحُلُّ هو في شىء لأنه سبحانه ليس كمثلِه شىء ولأنه سبحانه القائل {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفُوًا}[الاخلاص/٣-٤] وهذا نفيٌ للماديةِ والانحلال

لذلك حذّرَ الإمامُ الرفاعي رضي الله تعالى عنه من الغلوّ قال “وإياكم والغلوّ” إياكم وتجاوزَ الحد لا تصفوا الأولياء بما لا يصحُّ أنْ يوصَفوا به لا تجعلوا واحدًا فوقَ منزلتِه فوقَ رتبتِه، كيف يكونُ وليٌّ من الأولياء الآن أفضلَ من أبي بكرٍ الصديق؟ لا يصحُّ هذا

بعضُهم ينسُبُ إلى بعض الأولياء والأولياءُ بريئونَ من ذلك يقولون يصلُ شيخُنا إلى مرتبة يصيرُ أفضلَ من أبي بكرٍ الصديق.

مهما بلغَ الأولياء من المراتب والدرجات بعد الصديقِ أبي بكرٍ رضي الله عنه لا يصلون درجةَ أبي بكر ولا درجةَ عمر ولا درجةَ عثمان ولا درجةَ علي ولا درجةَ أبي عبيدة ولا درجَة سعد ولا درجةَ سيد ولا درجةَ واحد من العشرة المبشرين بالجنة، لا يصلون.

“أي سادة، حدّوا المراتب وإياكم والغلوّ”

ثم مِن أين يعرفُ هذا أنّ هذا الولي أعلى درجةً من هذا الولي؟ بعضُ الناس إذا رأى شخصًا رثَّ الهئية يقولُ عنه هذا من المجاذيب وبعضُهم يقول هذا من أهلِ الكشف وهذا يقول هذا قطبُ هذه الناحية، حدّوا المراتب لا تتكلموا بآرائكم

لذلك طريقُ الصوفية العلم والعمل، بغير العلم يصير الغلو والتجاوز ولا يميّزُ هذا السالك في الطريق بين الحقّ والباطل فيختلطُ الأمرُ عليه

بعضُهم والعياذ بالله عملَ صيغةً في الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها هدمٌ للدين يقولون والعياذ بالله اللهم صل على محمد عينِ ذاتِك الغيبية، يعني على زعمِهم رسولُ الله هو الله، هل يرضى رسولُ الله بذلك؟ لا يرضى بذلك، هل يرضى الأولياءُ بذلك؟ لا يرضَوْنَ بذلك

بعضُهم بدعوى أنه شيخُ طريقة يُحلُّ لنفسِه أنْ يختليَ بالنساء ولمّا كلّمَه بعضٌ ممن كان يتردّدُ إليه كيف تفعلُ ذلك أنت تختلي بالنساء قال الشيخُ له خصوصية

“وإياكم والغلوّ” هذا غلوّ، من أين جاءت هذه الخصوصية؟

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول حرام ثم يأتي واحد فيُعطي استثناءً لنفسِه ويقول أنا لي خصوصية، إذًا هذا صار يُحلُّ الحرام ويُحرِّمُ الحلال، هذا غلوّ، هذا ليس شيخًا ليس وليًّا ولو كان مُصَدَّرًا باسمِ أنه شيخُ طريقة
بعضُهم من هؤلاء ذيْلُ عِمامتِه لطولِه يصل الأرض ثم يصافحُ النساء وتقبّلُ يده النساء ويقول الشيخُ له خصوصية

الخصائص لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء أنه خاصٌّ به عليه الصلاة والسلام فذلك من الله ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام فيما روَت عنه عائشة “إني لا أصافحُ النساء” فهل هذا أخذ خصوصيةً لم يأخذها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟

أيّ شيخٍ هذا؟ ثم يقول أنا شيخ والشيخ له خصوصية

يقول الرفاعي “حُدّوا المراتب وإياكم والغلوّ”

وشخصٌ آخر بدعوى أنه شيخ يقولُ لطلابه ومريديه المحبةُ للشيخ بلا إنفاق نفاق، يقول لا تأتِ لشيخِك ويدُك فارغة ليس فيها هدية وليس فيها مال

ومِن أين هذا؟ هل هذا أيضًا خصوصية لهذا الشيخ؟

“حدّوا المراتب وإياكم والغلو” لا تكونوا من أهلِ الغلو.

واحد من هؤلاء والعياذ بالله من شدة الغرور والكِبر يقول لطلابهِ أنتم لا تُبالوا يعني كأنه يقول افعلوا ما تريدون، عندما تصيرون في القبر ويأتيكم منكر ونكير قولوا نحن جماعة الشيخ فلان، هذه عندهم تكفيهم

الرفاعية أنكروا كل هذا، وكلّ طرق الصوفية الحقة أنكرَت كل هذا لا يقبلون بهذا

“حدّوا المراتب وإياكم والغلو أنزلوا الناسَ منازلَهم”

وكذلك مَن كان مِن أهل الفضل فقدِّموه وأكرِموه وأحسِنوا ضيافتَه “أنزِلوا الناسَ منازلَهم”

كان السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه على عنايةٍ كبيرةٍ بذلك بل وكان يعتني عنايةً كبيرةً بمَن كان يأتي إلى زاويتِه. كان بعضَ الأحيان في زاويةِ الإمامِ الرفاعي رضي الله عنه في أم عَبيدة في البصرة يجتمعُ في بعض المواسم مائةُ ألف يكفيهم الإمامُ الرفاعي طعامَهم وشرابَهم مِن غيرِ أن يأخذَ منهم مالًا، يُكرِمُهم لأنّ هؤلاء قومٌ جاءوا لصفاءِ باطنِهم وصلاحِ ظاهرِهم كما جاء عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه إذا جاءَه طالبُ علمٍ قال مرحبًا بوصيةِ رسول الله             

وإذا كان هذا في طلابِ العلم فكيف بالعلماء؟ كيف بأهلِ العلم؟

لذلك نحنُ نُجِلُّ أئمةَ الإسلام وعلماءَهم العاملين، نُجلُّ الإمامَ الشافعي نُجلُّ الإمامَ مالك نُجِلُّ الإمام أبا حنيفة نُجلُّ الإمام أحمَدَ بنَ حنبل، أئمةٌ كبار نصروا الدين علّموا سنةَ سيدِ المرسلين صلى الله عليه وسلم فكيف لا نُنزِلُهم منزلَتَهم؟

تجدُ بعضًا من الناس تجاوزَ الحد فإنْ قلتَ له قال الشافعي لا يقبل يقول لك أنا لا أقبلُ قولَ الشافعي يقول أنا فقط أريد القرآن والسنة، نقول له عندما نقولُ لك قال الشافعي مفسِّرًا كتابَ الله فإذًا هو مِن أينَ جاء؟ هو تكلّمَ بالقرآن، عندما نقول قال الشافعي مفسِّرًا حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهل قولُ الشافعيِّ إلا بما جاء في كتابِ الله عز وجل وفي سنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مفسِّرًا ومُبيِّنًا ومُلتزِمًا لهذه القواعدِ والضوابط؟

نحن لا نقولُ بأنّ الشافعيَّ لا يُخطىء والحجةُ كتابُ الله وسنةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والإجماع لكنْ مَن الذي بيَّن معنى الكتاب؟ مَن الذي بيّنَ معنى السنة؟ أليس هؤلاء الأئمة من أئمةِ العلم والفقه والحديث والتفسير؟

الإمامُ البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ومسلم وابنُ ماجه أبو داود وابنُ حبان أليس هؤلاء مَن نقل لنا حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟

كم ابتُلينا في زمانِنا بالطاعِنينَ الذين وقعوا في الغلو وتجاوزوا الحد ولم يُنزِلوا الناسَ منازلَهم فعندما تقولُ لهم روى البخاريُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نحن لا نأخذُ بالبخاريّ، نقول لهم ومَن الذي روى لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كنا نحن في زمانِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ كيف وصلَنا حديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟

إن قيل لا نقبلُ مقالةَ وروايةَ أئمةِ الحديث فإذًا كيف سنعلمُ ما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ معنى كلامِهم سقطَ حديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وما عاد لهم حجة هؤلاء غالَوا ولم يُنزِلوا الناسَ منازلَهم.

لذلك الرفاعيُّ رضي الله عنه قال “أي سادة، حُدّوا المراتب وإياكم والغلو أنزلوا الناسَ منازلَهم”

 ربنا لا تجعلنا فتنةً للقومِ الظالمين ونجِّنا برحمتِك من القومِ الكافرين، ربنا تقبّل منا إنك أنت السميعُ العليم وتب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

سبحانك اللهم وبحمدِك نشهدُ أنْ لا إله إلا أنت نستغفركُ ونتوبُ إليك سبحان ربِّك ربِّ العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.