الخميس نوفمبر 21, 2024

تَنْزِيْهُ اللهِ عَنْ جِهَةِ فَوْق:

       اللهُ تعالى منزَّهٌ عَنْ أنْ يكونَ في جهةٍ مِنَ الجهاتِ فهوَ لا يتشرفُ بجهةِ العلوِّ ولا غيرِها. وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ  أَنَّهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ﭐﱡﭐ      ([1]) قَالَ: فَكَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى أزواجِ النبيِّ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ))([2]) فقدْ فَسَّرَهُ الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ فقالَ: “قالَ الكرمانيُّ: اللهُ منزَّهٌ عنِ الحلولِ في المكانِ، لكنْ لَمَّا كانتْ جهةُ العلوِّ أشرفَ مِنْ غيرِها أضافَها إليهِ إشارةً إلى علوِّ الذاتِ والصفاتِ- أيْ علوِّ عظمةٍ وقدرٍ لا علوَّ مكانٍ وجهةٍ – وبنحوِ هذا أجابَ غيرُه عَنِ الألفاظِ الواردةِ مِنَ الفوقيةِ ونحوِها. قالَ الراغبُ: “فوقَ” يُستعمَلُ في المكانِ والزمانِ والجسمِ والعددِ والمنزلةِ الدنيويةِ والأخرويةِ والقهرِ:

       فالأولُ: باعتبارِ العلوِّ المكانِّي ويقابلُه “تحت” نحوُ: ﱡﭐ     ([3])

       وَالثَّانِي: بِاعْتِبَارِ الصُّعُودِ وَالانْحِدَارِ نَحْوُ: ﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  ﱻ ﲅ([4])

       وَالثَّالِثُ: فِي الْعَدَدِ نَحْوُ: ﱡﭐ     ([5])

       وَالرَّابِعُ: فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ كَقَوْلِهِ:ﭐﱡﭐ   ﱳﲔ ([6])

       وَالْخَامِسُ: بِاعْتِبَارِ الْمَنْزِلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ نَحْوُ:ﭐﱡﭐ       ([7])

       وَالسَّادِسُ: بِاعْتِبَارِ الْمَنْزِلَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ نَحْوُ: ﭐﱡﭐ   ([8])

       وَالسَّابِعُ: فِي القَهْرِ نَحْوُ قَوْلِهِ:ﱡﭐ   ([9])، وقولِهِ:ﭐﱡﭐ ﲨﲭ([10]) انْتَهَى كَلَامُ الحَافِظِ ابن حجر فِي فَتْحِ البَارِي مُلَخَّصًا”([11]).

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِى فِيهِ: ((وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّاكَانَ الَّذي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا([12]))) فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَلائِكَةِ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الصَّحِيحَةِ وَالَّتِى هِىَ أَشْهَرُ مِنْ هَذِهِ وَهِىَ: ((لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ))([13]).اهـ

دُعَاءٌ: اللَّهُمَّ اخْتِمْ بِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَمُنَّ عَلَيْنَا بِإِصْلَاحِ عُيُوْبِنَا وَاجْعَلِ التَّقْوَىْ زَادَنَا.



 سورة الأحزاب / 37.([1])

 سنن الترمذي ج 9 ص 61.([2])

 سورة الأنعام / 65.([3])

 سورة الأحزاب / 10.([4])

 سورة النساء / 11.([5])

 سورة البقرة / 26.([6])

 سورة الزخرف / 32.([7])

 سورة البقرة / 211.([8])

 سورة الأنعام / 18.([9])

 سورة النحل / 50.([10])

 فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج 15 ص 360.([11])

صحيح مسلم كتاب النكاح باب تحريم امتناعها من فراش زوجها. ([12])

 المرجع السابق.([13]