الْعَدْلُ:
هُوَ المنزَّهُ عنِ الظُّلمِ والجَورِ، لأَنَّ الظُّلمَ هوَ وَضعُ الشّىءِ في
غَيرِ مَوضِعِهِ وهوَ لا يجوُز على اللهِ قالَ تعالى: ﱡﭐﱙﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢﱠ([1]).
قالَ الفقيهُ الشافعيُّ زينُ الدينِ المليباريُّ([2]):
“إِنَّ الظلمَ هوَ وضعُ الشىءِ في غيرِ موضِعِهِ، وقيلَ التصرفُ في مِلْكِ
الغيرِ بغيرِ إذنِهِ” ([3]).اهـ
فلوْ أَنَّ اللهَ تعالى عَذَّبَ أهلَ السماواتِ وأهلَ الأرضِ لم يكنْ ظالِمًا لهمْ
فقدْ جاءَ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ
قَالَ: »أَتَيْتُ
أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّهُ حَدَثَ فِي نَفْسِي
شَىْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللهَ يَنْفَعُنِي« قَالَ: »إِنَّ
اللهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ أَرْضِهِ وَسَمَوَاتِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ
ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ
أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ
مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ الله مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى
تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا
أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ
وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ«. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ الله بنَ مَسْعُودٍ فَحَدَّثَنِي
مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بنَ الْيَمَانِ
فَحَدَّثَنِي مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي
مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ([4]).
فاللهُ تعالى لوِ ابتلى عبدًا صالحًا ببلاءٍ فلا يكونُ
ظالِمًا بذلكَ وكذلكَ لوِ ابتلى صغيرًا ففي الزبدِ في الفقهِ الشافعيِّ يقولُ ابنُ
رسلانَ: (الرجز)
كَذَا لَهُ أَنْ يُؤْلِمَ الأَطْفَالَ وَوَصْفُهُ بِالظَّالِمِ اسْتَحَالَ
([5])
وقدْ حذَّرَنا الشرعُ الحنيفُ مِنْ أنْ يظلمَ بعضُنا
بعضًا وأنْ نَحذرَ دعوةَ المظلومِ ثُمَّ إنَّ المظلومَ إذا دعا على الظالمِ كأنْ
قالَ: “اللَّهُمَّ انتقِمْ منهُ” ما عليهِ إثمٌ. فعنِ ابنِ عباسٍ رَضِيَ
اللهُ عنهما أَنَّ النبيَّ ﷺ بعثَ مُعاذًا إلى اليمنِ فقالَ: ((اتَّقِ دعوةَ
المظلومِ فإِنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ ([6])))
([7])
وقال رسولُ اللهِ ﷺ: ((اتَّقُوا دَعوَةَ الْمَظلُومِ فَإنَّهَا تُحمَلُ
عَلَى الغَمَامِ)) ([8])،
ويَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في الحديثِ القدسيِّ: ((وعِزَّتِي وجَلَالِي
لأَنصُرَنَّكِ ولو بَعدَ حِينٍ))([9]).