ويجب الحذَر من الدَّس الذي في كتاب «الأذكار»[(380)]، للحافظ النووي (676هـ) والحافظ بريء مما يقولون فيه، حيث قالوا: «وذكر الإمام أبو محمد القاضي حسين من أصحابنا رحمهم الله في كتابه (التعليق) في المذهب قال: نظر بعض الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى قومه يوما فاستكثرهم وأعجبوه، فمات منهم في ساعة سبعون ألفًا، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: أنك عنتهم، ولو أنك إذ عنتهم حصنتهم لم يهلكوا، قال: وبأي شئ أحصنهم؟ فأوحى الله تعالى إليه: تقول: حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدًا، ودفعت عنكم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال المعلق عن القاضي حسين: وكان عادة القاضي رحمه الله إذا نظر إلى أصحابه فأعجبه سمتهم وحسن حالهم، حصنهم بهذا المذكور، والله أعلم». وفي الهامش يقولون: «أخرج الإمام أحمد وغيره نحو حديث القاضي، لكن ليس فيه قوله (إنك عنتهم..)، وهو ما روي عن صهيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه بشئ أيام حنين إذا صلى الغداة، فقلنا: يا رسول الله! لا تزال تحرك شفتيك بعد صلاة الغداة ولم تكن تفعله، فقال: إن نبيًا كان قبلي أعجبته كثرة أمته فقال: لا يروم هؤلاء شىء، فأوحى الله إليه أن خَيِّر أُمَّتك بين إحدى ثلاث: إما أن أسلط عليهم عدوًا من غيرهم فيستبيحهم، أو الجوع أو الموت، قال: فقالوا: أما القتل أو الجوع فلا طاقة لنا به ولكن الموت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمات منهم في ثلاثٍ سبعون ألفًا. قال: فقال: فأنا أقول الآن: اللهم بك أحاول وبك أصول وبك أقاتل» اهـ.
وهذا مستحيل على أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام ولا يليق بهم، فقد عَصَمَهُم اللهُ تعالى من النظرة الخبيثة ومن الإصابة بالعين، ونسبة ذلك إليهم هو خروج من دين الإسلام والعياذ بالله من الزيغ والضلال.
ـ[380] الأذكار (النص لطبعة دار المنهاج، الطبعة الأولى 1425هـ، ص515، وكذا في طبعة مكتبة المتنبي – القاهرة ص284).