الخميس نوفمبر 21, 2024

ثُمَّ اعْلَمنَّ [1] أنَّ في بعضِ الكَلِمْ *** ما هُوَ مبنيٌّ على وضعٍ رُسِمْ

فسَكَّنوا مَنْ إذ بَنَوها وأَجَلْ *** ومُذْ ولكِنْ ونَعَمْ وكَمْ وهَلْ

وضُمَّ في الغايةِ مِنْ قبلُ  ومنْ *** بَعْدُ وأمّا بعدُ فافْقَهْ واسْتَبِنْ

وحيثُ ثمَّ منذُ ثمَّ نحنُ *** وقطُّ فاحْفَظها عداكَ اللحنُ

والفتحُ في أينَ وأيّانَ وفي *** كيفَ وشتّانَ ورُبَّ فاعْرفِ

وقدْ بَنَوا ما ركَّبوا منَ العددْ *** بفتحِ كلّ منهما حيَ يُعَدّ

وأمسِ مَبنيّ على الكسرِ فإنْ *** صُغّرَ كانَ مُعربًا عندَ الفَطِنْ

وجَيْرِ أيْ حقًّا وهؤلاءِ *** كأمسِ في الكسرِ وفي البِناءِ

وقيلَ في الحربِ نزال مثلَ ما *** قالوا حَذامِ وقطامِ في الدُّمى

وقدْ يُنِي يفعلْنَ في الأفعالِ *** فما لهُ مُغَيّرٌ بحالِ

تقولُ منهُ النوقُ يسرحْنَ ولمْ *** يسرَحنَ إلا للّحاقِ بالنَّعَمْ

فهذهِ أمثلةٌ مِمَّا بُنِي *** جائِلةٌ جائِزةٌ [2] في الألسنِ

وكلُّ مبنيّ يكونُ ءاخرَهْ *** على سواءٍ فاسْتَمِعْ ما أذكُرَهْ

 

أي اعلمنَّ بنون التوكيد الثقيلة أن الكلمَ الذي هو اسم وفعل وحرف كما سبق بعضه معرب وهو الاسم الظاهر والفعل المضارع وقد أنهى الكلام على أحكامهما موضعَ علمِ الإعراب، وبعضه مبني على وضع رسمته العرب لا يتغير ءاخره باختلاف العوامل، والأصل في كل مبني من حرف أو فعل أو اسم أن يبنى على السكون، كما أن الأصل في الإعراب أن يكون بالحركة، لكن قد جاء المبني بالحركة إما بضم أو فتح أو كسر فصار المبنيّ أربعة أقسام، القسم الأول الساكن وقد ذكر الناظم منه سبع كلمات، اسمين وخمسة أحرف. فالاسمان مَنْ وكم، فأما مَنْ فتكون اسمًا موصولاً بمعنى الذي نحو: {وللهِ يَسْجُدُ مَنْ في السمواتِ والأرض} [سورة الرعد/15]، واسمَ استفهام نحو قوله تعالى: {قُلْ مَن يرْزُقُكم} [سورة يونس/31] الآية، واسم شرط وجزاء كما سبق، وأما كم فقد سبق أنها تأتي خبرية فَتَجُرُّ واستفهامية فتنصب، والحروف الخمسة: أجل ونعم وهما حرفا جواب، وهل ولكن الخفيفة، وقد سبق في حروف العطف، ومذ وقد سبق في حروف الجر بما فيه القسم الثاني المضموم، وقد ذكر منه ست كلمات، حرفًا وهو: منذ وقد سبق في حروف الجر بما فيه، وخمسة أسماء وهي: قبلُ وبعدُ وقط وحيث ونحن، فأما قبل وبعد فقد سبق في الظروف أنهما ظرفان، وفي الإضافة أنهما ملازمان للإضافة وذلك مقيد بما إذا ذُكِرَ المضافُ إليه بعدهما كقولك: جئت قبل العصر وبعد الظهر، ومن قبل العصر ومن بعد الظهر، فإن قُطعا عن الإضافة أي لم يذكر المضاف إليه بعدهما ثبتا على الضم سواء كان قبلهما حرفُ جر أم لا، قال تعالى: {للهِ الأمرُ من قبلُ ومِن بعدُ} [سورة الروم/4]، وقال تعالى: {ءَالآنَ وقدْ عَصَيتَ قبلُ} [سورة يونس/91] وقال تعالى: {فما يُكَذّبُكَ بعدُ بالدينِ} [سورة التين/7]، ومعنى “فافقه ذلك” أي افهمه و”استبن” أي اطلب بيانه ممن يعلمه. وأما “قط” المشددة المضمومة فهي ظرف لما مضى من الزمان، تقول: ما رأيته قط، أي في جميع الزمان الماضي، وضدها أبدًا بالنسبة إلى المستقبل، وأما حيث فهي ظرف مكان نحو قوله تعالى: {ثُمَّ أفيضوا من حيثُ أفاضَ الناسُ} [سورة البقرة/199]، وأما نحو فهو ضمير رفع منفصل للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه، ومعنى: “عداك اللحن” أي جاوزك.

 

القسم الثالث المبني على الفتح، وقد ذكر منه سبع كلمات، حرفًا واحدًا وهو ربّ وقد سبق في حروف الجر، وستة أسماء وهي: أين وأيان وكيف وشتان والجزءان من العدد المركب، فأما أين فتكون اسم استفهام عن المكان كأين زيد، واسم شرط وجزاء كما سبق، وأما أيان فتأتي أيضًا استفهامًا اكن عن الزمان نحو: {أيَّانَ يُبْعَثون} [سورة النحل/21] أي متى، واسم شرط وجزاء، إلا أن الناظم لم يذكرها هناك، نحو: أيان تأتني ءاتك، وأما كيف فهو اسم استفهام عن حال الشئ، وقد أشار إلى ذلك الناظم في قوله: “وقدم الأخبار إذ تستفهم” إلى ءاخره، وأما شتان فهو اسم فعل ماض يعني افترقا قال الشاعر:

 

لشتان ما بين اليزيدين في الندا *** يزيد سُليم والأغرّ بنِ حاتم

 

وأما العدد المركب فقد سبق أنه الذي استوجب أن لا يعرب كثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما، وكذلك ثلاث عشرة للمؤنث وكذا ما جاء منهما على وزن الفاعل كالثالث عشر والتاسع عشر، والكل مبني على الفتح.

 

القسم الرابع المبني على الكسر وقد ذكر منه ست كلمات، حرفًا واحدًا وهو جَيْرِ بفتح الجيم، وجعله الناظم رحمه الله تعالى بمعنى حقًّا، والمشهور أنه حرف جواب بمعنى نعم، وخمسة أسماء وهي: أمسِ، وهؤلاء، ونزال، وحذام بفتح الحاء وذال معجمة،ة وقطام بقاف وطاء مهملة، فأما أمس فهو مبني على الكسر إذا قصدتَ به اليومَ الذي قبلَ يومِكَ الذي أنتَ فيه، فإن قصدتَ به الزمان الماضي مطلقًا أعربته وكذا إذا صغرته كما ذكره الناظم، أو وصفته أو عرفته بأل، ومن العرب من بناها في الحالة الأولى على الفتح ومنهم من أعربه فيها إعراب ما لا ينصرف، وأما هؤلاء فهو اسم إشارة يشار به إلى الجمع مطلقًا أي مذكرًا أو مؤنثًا كهؤلاء الرجال وهؤلاء النساء، وأصله أولاء والهاء حرفُ تنبيه زائدة كما زيدت في ذا فقيل هذا، وأما نزال فهو اسمُ فعل أمر بمعنىانزل، وكذا ما جاء من الأمر على فعال كحذار وتراك، فهو اسمُ أمر مبني على الكسر، وأما حذام وقطام فهما اسمان علمان لامرأتين، وكذا كل أسماء الأعلام للنساء وهو المراد بقوله في الدّمى بضم الدال المهملة جمع دمية، وهو اسم كل صورة حسنة فهو مبني على الكسر ومنه قول الشاعر:

 

إذا قالت حذامِ فَصَدّقوها *** فإن القولَ ما قالت حذامِ

ومن العرب من يعرب حذام ونظائره إعراب ما لا ينصرف، فهذا ما ذكره الناظم من مبنيات الأسماء والحروف، وأما الأفعال فقد سبق أن الماضي حكمُهُ فتحُ الأخير منه، وأن الأمر مبني على السكون وليس في الأفعال فعل يعرب سوى المضارع، وذكر هنا أنه يُبنى إذا اتصلت به نون الإناث على السكون فلا يتغير بعامل رفع نحو: النوق يسرحن، ولا جزم نحو: لم يسرحن كما مثَّل بهما، ولا عامل نصب كما اقتضاه عموم قوله: “فما له مغير بحال” نحو: لن يسرحن.

 

تنبيه: اقتصاره على بناء المضارع في هذه الحالة يقتضي أنه معرب مع نون التوكيد وهو مذهب جماعة لكن الجمهور على أنه مبني مع المباشرة له نحو قوله تعالى: {كلا لَيُنبَذَنَّ} [سورة الهمزة/4] دون المفصولة نحو: {ثمَّ لَتُسْئَلُنَّ يومئذٍ} [سورة التكاثر/8]، وأشار بقوله: “فهذه أمثلة مما بني” إلى أنه لم يستوف كل المبنيات، وإنما ذكر هذه لكونها جائلة بالجيم بين الناس أي دائرة على ألسنتهم. وقوله: “وكل مبني يكون ءاخره على سواء” أي لا يتغير لدخول العوامل كما مثّلنا به في: {من قبلُ ومن بعدُ} [سورة الروم/4]، و: {من حيثُ أفاضَ الناسُ}[سورة البقرة/199] وإذا قالت حذام، والنوق يسرحن، ولم يسرحن، ولن يسرحن، لأن البناء في اللغة وضع شئ على شئ يراد به الثبوت، وفي الاصطلاح لزوم ءاخر الكلمة سكونًا أو حركة لا تتغير باختلاف العامل، كما أن الإعراب بتغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها.

 

تنبيه ءاخر: الحروف كلها مستحقة للبناء والأصل في الأفعال البناء وفي الأسماء الإعراب، فلا يعرف من الأفعال إلا المضارع لشبهه بالاسم ولا يبنى من الأسماء إلا ما أشبه الحرف، إما في وضعه كالضمائر الموضوعة على حرف أو حرفين في نحو: جئتنا، وحُمل عليها ما تضمن معناها كنحن وإياي، وإما في معناه كأسماء الاستفهام والشرط المتضمنة معنى همزة الاستفهام وإنْ الشرطية.

 

وقدْ تَقَضَّتْ مُلْحَةُ الإعرابِ *** مُودَعَةً بدائِعَ الآدابِ

 

تقضت أي انقضت شيئًا فشيئًا، والملحة: الواحدة من الملح بضم الميم ما يستملح من الكلام المشار إليه بقوله في المقامات:

 

ولولا الطّماح إلى شُربِ راحْ *** لما كانَ باح فمي بالمُلَحْ

 

والبديع: الشئ الغريب الذي لم يسبق إلى مثله، ولقد صدق رحمه الله تعالى فإنها مع سهولة ألفاظها مشحونة من العلم والآداب. أما العلم فقد اشتملت على مهمات علم النحو والتصريف، وأما الأدب فما تضمنته أمثلتها من الحكم الجامعة والأحكام النافعة التي من وفقه الله لامتثالها وفهم معانيها واستعمالها بلغ الرتبة العُليا وحاز شرف الآخرة والأولى كقوله: احذر صفقة المغبون، ولا تبع إلا بنقد في منى، واسع إلى الخيرات، وما المفخر إلا الكرم، الله الله عباد الله، يا نهمًا دع الشره، وخل المزح والمجونا، وكل لهو دنيوي موبق، واعطف على سائلك الضعيف، وثب واسم للمعالي.

 

وجاهدوا يا قوم حتى تغنموا *** وقاتلوا الكفار كيما يُسلموا

 

ولا تنتهر المسكينا، ولا تمار جاهلاً فتتعبا، ولا تأس: أي ولا تحزن على ما فات، ولا تؤذ خلق الله، ولا تقل بلا علم، ولا تحس الطلا: أي لا تشرب الخمر، ولا تهو المُنى: أي لا تحبّ الأماني الكاذبة، ففي الحديث: “الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني” [4] إلى غير ذلك مما يستوجب أن نفرد له شرحًا ولو لم يكن فيها إلا قوله:

 

واقتبس العلم لكيما تُكرما *** وعاص أسباب الهوى لتسلما

 

لكفاها فخرًا على نظائرها، إذ ليس بعد فضيلة العلم والعمل به ومخالفة الهوى فضيلة ولا رتبة أشرف من حيازة رتبة العلم والعمل الجليلة، فنسأل الله التوفيق لما يحبه ويرضاه من العلم والعمل بمنّه وكرمه.

 

فانْظُرْ إليها نظرَ [5] المُسْتَحسِنِ *** وأحْسِنِ الظنَّ بها وحَسّنِ [6]

 

أي فانظر إليها نظر المستحسن لها لتُقبل على حفظها نفسُكَ، فإن من أساء ظنه بشئ ولو بنبي لم ينتفع به، وحُسْنُ ظنك بها في أن تبلغ بها ما تُؤَمّلُهُ من العلم، وأحسن إلى ناظمها بالدعاء كما أحسن إليك بها، ولهذا نصح رحمه الله تعالى، فإنها مشهورة البركة قلَّ أن يبتدئ بها طالب إلا وينجحَ له مطلوبه ويُفلح، وذلك لأن ناظمها تلميذ الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، صاحب التنبيه والمهذب، وكان مجابَ الدعوة كشيخه، وقد اشتملت هذه المنظومة على دعوات كثيرة لطالبها كقوله: “اسمع هديت الرشد ولقيت الرشد” و”قس على قولي تكن علامة” “واحذر هديت أن تزيغ عنها”، و”احفظها عداك اللحن”، و”احفظ وقيت السهو”، و”إن تخرج تصادف رشدا”، و”أينما تذهب تلاقي سعدًا”، مع قوله متضرعًا: “رب استجب دعائي”، فالرجاء في كرم الله أنه قد استجاب دعاه وبلغه من النفع ما أمَّلهُ ورجاهُ.

 

وإنْ تَجِدْ عَيبًا فسُدَّ الخللا *** فجَلَّ مَنْ لا عيبَ فيهِ وعلا

 

ولما حث الطالب على التزامها لما أودعها من العلم والأدب، التمس منه إذا وجد فيها عيبًا أن يسد خلله، وأصل الخلل الفُرَجُ التي تكون بين ألواح الباب وذلك ليكون ممن ستر عورة أخيه، ولا يكون من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا فإن الإنسان محل الخطإ والنسيان، ولا يسلم من الخطإ إلا كلام الله تعالى ورسوله المؤيد بالعصمة صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله تعالى: {أفلا يَتَدَبَّرونَ القُرءانَ} [سورة النساء/82]، {ولوْ كانَ منْ عندِ غيرِ اللهِ لوجَدوا فيهِ اختِلافًا كثيرًا} [سورة النساء/82]، ولحُسنِ موقع هذا البيت في القلوب والأسماع اشتهر في الآفاق وذاع حتى صار بتمثّل به الخاصُّ والعامُّ ويُستشهد به في كل حال ومقام، ثم ختمها بما بدأها به فقال:

 

والحمدُ للهِ على ما أوْلى *** فنِعمَ ما أولى ونِعْمَ المَولى

ثمَّ الصلاةُ بعدَ حمدِ الصمدِ *** على النبيّ الهاشميّ محمدِ [7]

وءالِهِ وصَحبهِ الأطهارِ [8] *** القائِمينَ في دُجى الأسحارِ [9]

 

ثمَّ على أصحابِهِ وعِترَتِهْ *** وتابعي مقالهِ وسُنَّتِهْ

 

أي فالحمد لله على ما أولى أي ملك ووهب من النعم التي هي نعمة الإسلام، ثم نعمة العلم، ولهذا أثنى على النعم بقوله: “فنعم ما أولى” شكرًا لها لأن من استخف بالنعمة فقد كفر بها، وأثنى على المنعم بقوله: “ونعم المولى” لأن الثناء شكر والشكر يوجب المزيد، والمولى هنا المالك، ثم عقب الحمد بالصلاة على من أوصل الله تعالى إلينا هذه النعم كلها على يديه وهو النبي الهاشمي المنسوب إلى جد أبيه هاشم المسمى محمدًا صلى الله عليه وسلم لكثرة خصاله المحمودة، وعلى ءاله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومهدوا قواعد هذا الدين ونقلوه كما سمعوه إلى من بعدهم، فجزاهم الله تعالى أفضل الجزاء. ووصفهم بالأطهار جمع طاهر، وأما الآل فلمنطوق قوله تعالى: {إنَّما يُريدُ اللهُ ليُذهِبَ عنكُمُ الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطَهّركم تطهيرًا} [سورة الأحزاب/33] وأما الأصحاب فلمفهوم قوله تعالى في اليهود: {أولئكَ الذينَ لم يُرِدِ اللهُ أن يُطَهّرَ قلوبهم} [سورة المائدة/41] وفي المشركين: {إنَّما المُشرِكونَ نَجَسٌ} [سورة التوبة/28]، والدجى: جمع دُجْيةٍ وهي ظلمة الليل.

 

تنبيه: يكره إفراد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن السلام وعكسه، فينبغي الجمع بينهما للتأكيد في قوله تعالى: {صلوا عليهِ وسلموا تسليمًا}[سورة الأحزاب/56]، لكن ليس المراد بالجمع بينهما أن يكونا مقرونين بل لا يخلو الكلام والمجلس عنهما معًا كما في التشهد، ومعلوم أن هذه المنظومة كلام واحد بل يقال إنه نظمها في مجلس واحد واشتهر أنها بنت ليلة، وحينئذ فالشيخ قد جمع بينهما بحسب ما وافاه النظم فقال في أولها: “وبعده فأفضل السلام” وفي ءاخرها “ثم الصلاة بعد حمد الصمد” ووصفه صلى الله عليه وسلم في أولها بأنه سيد الأنام، وباسمه العلم في ءاخرها، فانتظم بهذه المنظومة عِقْد جواهرها، وجمعت بين طرفي الكمال بأولها وءاخرها، ومع ذلك فلو قال: ثم الصلاة والسلام الأبدي لكان أحسن خاتمة.

 

تنبيه: ولما كانت هذه المنظومة العجيبة والملحة الغريبة كما وصف ناظمها بفيه وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، وكما وصفناها أيضًا من اشتهار عموم بركتها نثرًا، وكان الدين النصيحة، أحببت أن أختم هذا الشرح بمضمون ذلك شعرًا، فنظمت في حث الطالب للعربية عمومًا، وعلى الاعتناء بهذه المنظومة خصوصًا فقلت:

 

إن شئتَ نيلَ العلمِ والآدابِ *** وبراعةً في فهم كل كتابِ

وتلاوةَ القرءان حقَّ تلاوةٍ *** لفظًا وتفسيرًا وفصْلَ خِطابِ

وقراءةِ السنن المنيرة تابعا *** ءاثارها متوخيًا لصوابِ

وبلوغِ غايات البلاغةِ عارفًا *** بمواقع الإيجازِ والإطناب

فابدأ بعلم النحو فهو أساسها *** لا يمتري في ذا أولو الألباب

ومتى أردتَ النُّجح فيه باديًا *** فاشدد يديك بملحة الإعراب

رحم الإله إمامَها من ناظم *** محضَ النصيحة معشرَ الطلاب

حاز الفضيلة سابقًا في نظمها *** مَنْ قبلهُ وأتى بكل عُجاب

وأجاد في إيضاحها وبيانها *** والضرب للأمثال في الأعقاب

فجزاه رب الناس خير جزائه *** عنا وءاتاه جزيل ثواب

وأحله دار الكرامة عنده *** بالفوز والزلفى وحسن مآب

وكذا مشايخنا وأبنانا معًا *** والوالدين وسائر الأحباب

ثم الصلاة مع السلام على النبي محمد والآل والأصحاب

تم والحمد لله

[1] في نسخة: “تَعَلَّم”.

[2] في نسخة: “دائِرةٌ”.

[3] في نسخة: “الإعرابِ”.

[4] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع: باب [25]، وأحمد في مسنده [4/124] بلفظ: “الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله”.

[5] في نسخة: “نِظَرة”.

[6] في نسخة: “وحَسّنِ الظنَّ بها وأحسِنِ”، وفي نسخة: “وَحقّقِ الظنَّ بها وحَسّنِ”.

[7] في نسخة: “على النبي المصطفى محمد”.

[8] في نسخة: “وءاله الأئمة الأطهار”.

[9] في نسخة: “ما انسلخَ الليلُ منَ النهار”.