الأحد ديسمبر 22, 2024

القرضاوي يزعم أنّ الإسلام قد ذمّ الفقر مطلقًا وزعم أن الفقير الذي لا يصبر كافر

– القسم التاسع –

  • يقول القرضاوي في جريدة اللواء([1]) (ص15) في 3 تموز 96: «وليس في مدح الفقر ءاية واحدة من كتاب الله ولا حديث واحد يصحّ عن رسول الله».اهـ.
  • وفي جريدة اللواء العدد نفسه قال نقلًا «كاذبًا» عن ذي النون المصري أنه قال: «أكفر الناس ذو فاقةٍ لا صبر له وقلَّ في الناس الصابر».اهـ.
  • ويقول في جريدة اللواء أيضًا العدد نفسه: «لا شكّ أنّ الفقر من أخطر الآفات على العقيدة الدينية وبخاصة الفقر المدقع الذي يجانبه ثراء فاحش وبالأخص إذا كان الفقير هو الساعي الكادح والمترف هو المتبطل القاعد. الفقر حينئذٍ مدعاة للشكّ في حكمة التنظيم الإلهيّ للكون وللارتياب في عدالة التوزيع الإلـٰهي للرزق».اهـ.
  • ويقول في كتابه المسمّى «مشكلة الفقر» (ص15): «يروى عن الرسول: كاد الفقر أن يكون كفرًا».
  • ويقول في (ص16) من المصدر نفسه: «يروى عن أبي حنيفة: «لا تستشر من ليس في بيته دقيق»، أي: لأنّه مشتت الفكر مشغول البال فلا يكون حكمه سديدًا».اهـ.
  • وقال في نفس المصدر (ص64): «ولهذا كان حقّ كل فقير مسلم أن يرفع دعوى النفقة على الأغنياء من أقاربه ومعه الشرع والقضاء الإسلاميّ».اهـ.
  • ويقول في المصدر نفسه (ص145): «الفقراء ليسوا طبقة في الإسلام: إن الإسلام يطارد الفقر بقوانينه وأنظمته وتوجيهاته».اهـ.

 

  •  

الرَّدُّ:

إنّ القرضاوي ممن أعمى الله قلبَه بحبّ المال حيث يتقلب بالآلاف المؤلفة من الرزم والحزم المكدسة جراء كتبه المليئة بالفساد والكساد وجراء المقابلات الفضائيّة([2]) المليئة بالتجرؤ على الإسلام وجراء مشاركته في كثير من البنوك المسماة إسلامية وباعترافه وهي بنوك فاسدة وسنفرد لها فصلًا خاصًّا بإذن الله.

لذلك كله راح يهاجم الفقر وبشدة شأنه في ذلك كشأن شيخ دمشقي في لبنان راح يشنّع على الفقر وقال فيما قال: «الغنى من أركان الإسلام» وقال: «إنّ الفقير مرتدّ على طوقين لأنّه عطل الحج والزكاة».

وما أنت عنه يا قرضاوي ببعيد.

ألا تخجل أن تروي حديثًا ليس صحيحًا في هذا المقام وأنت الذي ادّعيتَ أنَّك التزمت ألا تروي إلاّ الصحيح فقلت ما يروى عن رسول الله كاد الفقر أن يكون كفرًا فتتبع حديثًا لا أصل له وتترك ما جاء في القرءان والصحاح؟ ألم تقرأ قول الله تعالى في مدح فقراء المهاجرين بقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [سورة الحشر: 8].

ثمَّ أين قال أبو حنيفة لا تستشر من ليس في بيته دقيق ألَم تقرأ الحديث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: إنه يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيت ءال محمد.

فهل كان رسول الله ﷺ لا تجوز استشارته وكذلك الصحابة الذين كانوا يربطون الأحجار على بطونهم من شدّة الجوع أيامًا ومنهم من هم من أكابرِ الصحابة؟! حتى الرسول نفسه ربط الحجر على بطنه من الجوع.

وأما ادعاؤك أنّه ليس في مدح الفقر ءاية واحدة في كتاب الله ولا في حديث واحد يصحّ عن رسول الله فهذا هراء باطل أمَّا الآية – غير ما سبق إيراده – فقد قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [سورة الحشر: 9]، فلو كان الفقر رذيلة فلِمَ ءاثروا على أنفسهم. وأما الحديث فقد عنون البخاري بابًا بقوله: «باب فضل الفقر»([3]) وإليك بقية الأدلة:

روى الترمذي([4]) عن أبي أُمامة عن النبيّ ﷺ قال: «إنَّ أغْبَطَ أوليائي عِندي لمؤمِنٌ خفِيفُ الحاذِ ذُو حَظّ من الصلاةِ، أحسَنَ عبادَةَ ربّهِ وأطاعَهُ في السّرّ وكان غامضًا في الناس لا يُشارُ إليهِ بالأصابع، وكان رِزقُهُ كفافًا فصَبَر على ذلك»، ثمَّ نفض بيدهِ فقال: «عُجلتْ منِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَواكِيْهِ، قَلَّ تُراثُهُ».

وبهذا الإسناد عن النبيّ ﷺ قال([5]): «عَرَضَ عليَّ ربّي ليَجْعَل لي بَطحاءَ مكَّة ذهبًا، قلتُ: لا يا ربّ، ولكن أشبَعُ يومًا وأجوعُ يومًا»، أو قال: «ثلاثًا»، أو نحوَ هذا، «فإذا جُعْتُ تضرَّعتُ إليكَ وذكرتُكَ، فإذا شبِعتُ شكرتُكَ وحمدْتُكَ» قال: هذا حديث حسنٌ.

ثم أنت يا قرضاوي أردت أن تكفر الفقير فلم تجرؤ على التصريح فنقلت زورًا وبهتانًا كلامًا عن إمام صوفي وولي صالح ذي النون المصري حيث نقلت مستحسنًا هذا النقل «أكفر الناس ذو فاقة لا صبر له» فلو أن فقيرًا لم يصبر فسرق أو اغتصب أو شحذ أو فعل أي فعل لم يصل إلى حد الكفر فكيف يكفره إمام كبير؛ بل إن هذه الرواية المكذوبة صادفت هوًى بنفسك فرويتها واستحسنتها.

روى الترمذي([6]) عن عبد الله بن مُغفَّل قال: قال رجُلٌ للنبيّ ﷺ: يا رسول الله والله إنّي أحبُّك، فقال له: «انظُر ماذا تقولُ» قال: والله إنّي لأُحِبُّكَ ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: «إن كنتَ تحبُّني فأعِدَّ للفَقْرِ تجْفافًا، فإنّ الفقرَ أسْرَعُ إلى مَنْ يُحبّني مِنَ السَّيْلِ إلى مُنتَهاهُ».

وروى الترمذي أيضًا([7]) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «يَدْخُلُ الفقراءُ الجنَّةَ قبلَ أغنيائِها بخمسِمائةِ عام، نَصف يومٍ» قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

وروى البخاري في صحيحه([8]) في باب فضل الفقر عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «اطّلعت في الجنّة فرأيت أكثر أهلها الفقراء».

وبعدَ هذه الأدلَّة الجامعة والبراهين اللامعة هل ستظلّ على ضلالك وبهتانك أم أنَّك تتوب وترعوي وتقلع عن ادّعاء الاجتهاد ذلك الادعاء الفارغ حتى وصل بك الأمر إن صرتَ تهرِف بما لا تعرف وتدخل فيما لا تعلم فهل المجتهد تفوته مثل هذه الأدلّة الواضحة لذوي الفهم، الفاضحة لذوي الادّعاء والتطاول.

[1])) جريدة اللواء 3 تموز 1996، (ص15).

[2])) زعم في مجلة الأهرام العربي عدد 95/1999 قال: لا أحصل على مليم واحد من قناة الجزيرة. بينما تواترت المعلومات بأنه يتقاضى على الحلقة عشرة ءالاف درهم وحتى إنه رُوي أنه قبل أن يدخل إلى استديو إحدى القنوات في الإمارات المتحدة سأل المذيع كم ستعطوني فقال له المذيع: أظن 3500 درهم فهنا استشاط غضبًا وهدد بعدم الدخول للمقابلة وقال: أنا أتقاضى في الجزيرة 10.000 درهم.

[3])) وقال الغزالي في الإحياء (3/249) «باب: ذم الغنى ومدح الفقر».

[4])) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الزهد، باب: ما جاء في الكفاف والصبر عليه.

[5])) التخريج السابق.

[6])) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الزهد، باب: ما جاء في فضل الفقر.

[7])) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الزهد، باب: ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنّة قبل أغنيائهم.

[8])) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب: صفة الجنّة والنّار، وباب: فضل الفقر، وكتاب بدء الخلق: باب: صفة الجنّة.