الأحد ديسمبر 22, 2024

القرضاوي يذم الفقه في الدين ويصفه بالجاف

  • يقول في كتابه المسمّى: «العبادة في الإسلام» (ص300):
  • «الرسول إنما أناط الخير بالفقه في الدين لا بمجرد العلم الظاهري الجاف به».اهـ.
  • ويقول في (ص302) في نفس المصدر: «فقه الصلاة مثلًا هو إدراك سِرّها والنفوذ إلى لبها وروحها وعلم الصلاة هو المعرفة الجافة بشرائطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها».اهـ.
  • ويقول في (ص303) في المصدر نفسه: «وأن ندع جانبًا هذا التطويل والتفريغ والتعقيد الذي انتفخت به بطون كتبنا الفقهية ما بين أركان وشروط وفروض وواجبات ومستحبات ومبطلات ومكروهات… قد يجوز للعالم المتخصص أن يدرس العبادات على هذا النحو على أن يكون ذلك لنفسه. أما أن يعلم ذلك لسائر الناس فهذا خطأ مبين».اهـ.
  • ويقول في (ص308) من المصدر نفسه يذم شيخًا يعلم أحكام الطهارة: «إنه كغيره مما رأيت بعيني وسمعت بأذني يظل يدرس للناس طيلة ليالي رمضان في ءاداب الاستنجاء وفرائض الوضوء وسننه ومستحباته ونواقضه وأعذاره والمياه التي يجوز بها التطهر والتي لا يجوز… إلخ ما نعرف في لغة الفقه وينتهي الشهر الكريم والمسكين لم يخرج بعد من دورة المياه».اهـ.

الرَّدُّ:

  • في هذا الكلام يذم القرضاوي الفقه في الدين ويسمي أحكام العبادات من شرائط وأركان وواجبات وسنن يسميها العلم الجاف وهذا بسبب جفاف في عقله وقلبه فكل مسلم قديمًا وحديثًا يعلم أن للصلاة أحكامًا تبدأ بشرائط صحتها وشرائطها وأركانها وواجباتها وسننها فمن أتى بها وتجنب مبطلاتها ومكروهاتها فقد أتى بها على الوجه الأكمل لذلك قال ﷺ عن الأعرابي: «أفلح الرجل إن صدق» بعد أن قال الأعرابي والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص.

فمن أين للقرضاوي أن يقول: إن هناك علم الصلاة وفقه الصلاة ومن أين أتى بهذا التقسيم؟!

ثم يدعو إلى نبذ هذه الأحكام وعدم تدريسها أما أن يتعلم العالم لنفسه فهذا عند القرضاوي قد يكون جائزا أما أن يعلمها لغيره فهو خطأ مبين كما يزعم هذا الداعية على أبواب جهنم.

وكأن أحكام الشرع بكليته تحولت عنده إلى فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن الباقي ما المقصود من هذه الحملة على الفقه؟…

الجواب: تجده في (ص309، 310) من كتابه المسمّى زورًا وبهتانًا «العبادة في الإسلام» وبعد أن ذكر القرضاوي أنه مرة أعطى موعظة في ذكرى غزوة بدر الكبرى، وبعد أن ذكر عن شيخ يعلم أحكام الطهارة والوضوء في رمضان وقد سبّه القرضاوي بلؤم حيث قال عنه: «وينتهي رمضان والمسكين لم يخرج من دورة المياه» قال بعد ذلك القرضاوي بأن شيخًا وهو خطيب لأحد المساجد كان يسمع كلام القرضاوي قال له: يا أستاذ أما كان الأنفع أن يتعلم الناس في هذه الليلة شيئًا من أمور دينهم.

قال القرضاوي: قلت له وسيرة رسول الله وغزواته أليست من أمور دينهم؟

قال هذا الشيخ: أقصد أن يتعلموا كيفية الوضوء والغسل ويعرفوا شروط ذلك وواجباته وسننه إلى غير ذلك مما لا تصح الصلاة إلا به.

قال القرضاوي كم ءاية في القرءان عن الوضوء والغسل وما بينهما من أمور الطهارة؟ قال ذاك الشيخ: ءاية واحدة.

قال القرضاوي: وكم سورة نزلت في الجهاد والقتال في سبيل الله؟

قال: وسكت الشيخ، فقلت له: سور كثيرة منها: الأنفال والتوبة والأحزاب والقتال والفتح والصف والحشر والحديد والعاديات والنصر فكيف نهمل ما عنى القرءان به هذه العناية الفائقة في هذه السُّور والآيات الغزيرة ونعيش شهرًا أو أكثر ندور حول ءاية واحدة كما يدور الثور في الساقية». انتهى باختصار.

قلت: فمن هذا الحوار نستنتج أن القرضاوي وهو مرجع حزب الإخوان المسلمين ولا يريد من المسلم أن يتعلم أحكام الإسلام؛ بل يزعم أنه يريد منه أن يتعلم الجهاد والقتال في سبيل الله وهذه كلمة حق أريد بها باطل. والباطل الذي أراده القرضاوي هو أنه يريد كما حزب الإخوان زج الشباب في صراعات دموية ضد البلدان التي يعيشون فيها تحت مقولة «الجهاد»، وقد رأينا هذا الجهاد المزعوم وأولئك المجاهدين الدجالين ماذا فعلوا من مآسٍ في مصر وسوريا والجزائر والسودان واليمن وأفغانستان والشيشان هؤلاء الذين لا يرتاحون إلا في مستنقعات الدماء وهذا ليس غريبًا فلقد سبقه معلمه سيد قطب إلى ذم الفقه الإسلامي فإذا عرفت السبب بطل العجب.

يقول سيد قطب في كتابه المسمّى «في ظلال القرءان» (ج4 ص2012) طبعة دار الشروق:

  • فأما قبل قيام هذا المجتمع فالعمل في حقل الفقه الإسلامي والأحكام التنظيمية هو مجرد خداع للنفس باستنبات البذور في الهواء ولن ينبت الفقه الإسلامي في الفراغ كما أنه لن تنبت البذور في الهواء.اهـ.

ويقول سيد قطب: «إن العمل في الحقل الفكري للفقه الإسلامي عمل مريح؛ لأنه لا خطر فيه ولكنه ليس عملًا للإسلام ولا من منهج هذا الدين ولا من طبيعته وخير للذين ينشدون الراحة والسلامة أن يشتغلوا بالأدب وبالفن أو بالتجارة، أما الاشتغال بالفقه الآن على ذلك النحو بوصفه عملًا للإسلام في هذه الفترة فأحسب «والله أعلم» انه مضيعة للعمر وللأجر أيضًا».اهـ.

الرَّدُّ:

لاحظوا هذه الملاحظات في كلمات سيد قطب:

  • يعتبر أن العمل بالفقه الإسلامي خداع للنفس قبل قيام دولة سيد قطب.
  • عنده العمل بالفقه ليس عملًا للإسلام ولا هو منهج هذا الدين.
  • والعمل بالفن «موسيقى غناء رقص رسم نحت…» خير من العمل بالفقه.
  • يعتبر العمل في الفقه قبل قيام دولة سيد قطب مضيعة للعمر والأجر.

فالقرضاوي هو على نهج سيد قطب يوجبون على الناس العمل ضمن الأطر الحزبية والخلايا السرية ويحرمون عليهم العمل بالفقه؛ لأنه لو تعلم هؤلاء الشباب الذين غُرر بهم الأحكام الشرعية بالطرق السليمة لما انقادوا لحزب الإخوان المسلمين ولا لسواهم؛ بل لكانوا أنكروا عليهم ورفضوا كل مخططاتهم الإجرامية التي زرعوها بين البلاد والعباد.

أخيرًا: اسمعوا إلى القرضاوي يرد على القرضاوي فقد قال في كتابه المسمّى «الرسول والعلم» مناقضًا ما جاء سابقًا قال في (ص86) تحت عنوان: ما يجب على كل مسلم تعلمه: (ملخصًا):

حث الرسول على التعلم أعظم الحث ورغب فيه كل الترغيب حتى جعله فريضة لازمة وذلك في الحديث: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» والذي أراه أن العلم الواجب طلبه وتعلمه عينًا على المسلم وهو ما لا بد له في دينه فلا بد أن يتعلم من علوم الشرع:

  • ما يعرف به عقيدته معرفة يقينية صحيحة سالمة من الشركيات والخرافات.
  • وما يصحح به عبادته لربه ظاهرًا، بأن تكون على الصورة المشروعة وباطنًا بأن تتوفر فيها النية الخالصة لله تعالى.
  • وما يزكي به نفسه ويطهر به قلبه بأن يعرف الفضائل «المنجيات» ليتجراها ويتخلق بها ويعرف الرذائل «المهلكات» ليتجنبها ويتوقاها.
  • وما يضبط به سلوكه في علاقته مع نفسه، أو مع أسرته، أو مع الناس، حكامًا ومحكومين مسلمين وغير مسلمين، فيعرف في ذلك الحلال من الحرام والواجب من غير الواجب. وهذا القدر من العلم يجب أن يكون إلزاميًا يتعلمه كل مسلم ومسلمة. وعلى كل دولة تنتسب إلى الإسلام أن توفر هذا القدر لأبنائها بكل وسيلة مستطاعة ويجب على الأولياء والآباء أن يعلموا أولادهم ومن يولون عليهم أو يبعثوا بهم إلى المدارس والمساجد والأماكن يتلقون فيها العلم الواجب ولا يجوز للولي أن يدع موليه في ظلام الجهل بدينه، دون أن يعلمه أو يهيئ له من يعلمه، فضلًا عن أن يمنعه من التعلم إذا أراد، وذلك أن الحديث الشريف يقول: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» فدل على وجوب تعلم الصلاة ومثلها الصيام لمن يطيقه منذ تمام السابعة من العمر؛ لأن أداء الصلاة غير ممكن إلا بتعلمها بشروطها وأركانها وكيفيتها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فإذا قصّر الأب أو الولي عن تعليم من ولاه الله رعايته لم يعفه ذلك من وجوب التعلم وطلب العلم المفروض عليه حين يبلغ الحلم ويتحمله مسؤولية نفسه فقد رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ومن لم يجد هذا القدر اللازم تعلمه موفورًا في بلده وجب عليه أن يرحل في طلبه حتى يتعلمه من أهله ولو بالصين. وهكذا من كان له اختصاص بشيء وجب عليه أن يتعلم ما يتصل به من الأحكام فالتاجر يلزمه معرفة ما يحل وما يحرم من البيوع وأنواع المعاملات حتى لا يسقط في هوة الحرام وهو لا يدري وجهله ليس عذرًا له.

الرَّدُّ:

فما أعجب حال القرضاوي يذم الذي يعلم أحكام الطهارة والصلاة بتفصيلاتها ثم تراه هنا يذكر وجوب تلم هذه الأحكام – وهذا صواب – لكن يعترض عليه في ذمّه للتفقه والاستدلال العقلي الضروري على وجود الله تعالى.