(صِفَةُ جَهَنَّمَ)
(وَالنَّارُ حَقٌّ) مَوْجُودَةٌ (فَيَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا وَبِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ الآنَ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ) قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء اﻫ أَىْ رَأَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِثَالَ مَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ الْحَالُ فِى الآخِرَةِ (وَهِىَ مَكَانٌ أَعَدَّهُ اللَّهُ) تَعَالَى (لِعَذَابِ الْكُفَّارِ الَّذِى لا يَنْتَهِى أَبَدًا وَبَعْضِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ مُدَّةً ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا إِلَى الْجَنَّةِ (وَمَكَانُهَا تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلةً بِهَا) أَىْ أَنَّ الأَرْضَ السَّابِعَةَ عَالَمٌ مُسْتَقِلٌّ وَالنَّارُ تَحْتَهَا عَالَمٌ مُسْتَقِلٌّ (وَ)هِىَ نَارٌ حِسِّيَّةٌ عَذَابُهَا شَدِيدٌ كَمَا جَاءَ فِى كِتَابِ اللَّهِ وَثَبَتَ فِى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ نَارَ الدُّنْيَا مَهْمَا اشْتَدَّتْ لا تَزِيدُ عَنْ جُزْءٍ مِنْ سَبْعِينَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ الَّتِى أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أَلْفًا حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أَلْفًا حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِىَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ يَتَعَذَّبُ فِيهَا مَنْ يَدْخُلُهَا بِالرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَ(يَزِيْدُ اللَّهُ فِى حَجْمِ الْكَافِرِ) أَىْ إِذَا صَارَ (فِى النَّارِ لِيَزْدَادَ عَذَابًا) بِزِيَادَةِ الْحَجْمِ الَّذِى يُلاقِيهِ الْعَذَابُ (حَتَّى يَكُونَ) جِلْدُهُ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَ(ضِرْسُهُ كَجَبَلِ أُحُدٍ وَهُوَ خَالِدٌ فِى النَّارِ أَبَدًا) لا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ(لا يَمُوتُ فِيهَا وَ)لا يُرْفَعُ عَنْهُ الْعَذَابُ أَىْ (لا يَحْيَا أَىْ حَيَاةً) طَيِّبَةً هَنِيئَةً (فِيهَا رَاحَةٌ) بَلْ لا يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ وَلَوْ مُجَرَّدَ تَخْفِيفٍ كَمَا قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فِى سُورَةِ طَهَ ﴿لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾ وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِى سُورَةِ فَاطِرٍ ﴿وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا﴾ وَكَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ (لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) وَهُوَ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِى مِنْ جُوعٍ (وَشَرَابُهُمْ مِنْ) حَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ أَىْ مِنَ (الْمَاءِ الْحَارِّ الْمُتَنَاهِى الْحَرَارَةِ) وَمَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ.
(وَأَمَّا) مَا تَقَدَّمَ مِنْ (كَوْنِ الْجَنَّةِ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَذَلِكَ ثَابِتٌ فِيمَا صَحَّ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ (وَفَوْقَهُ يَعْنِى الْفِرْدَوْسَ عَرْشُ الرَّحْمٰنِ) اﻫ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ (وَأَمَّا كَوْنُ جَهَنَّمَ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ فَقَدْ قَالَ) الْحَافِظُ (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ) النَّيْسَابُورِىُّ (فِى الْمُسْتَدْرَكِ إِنَّ ذَلِكَ جَاءَتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ صَحِيحَةٌ) اﻫ.