الخميس نوفمبر 21, 2024

سورة الفيل

مكية بإجماعهم وهي خمس آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

ألم تر: فيه قولان أحدهما : ألم تُخبر والثاني ألم تعلم.

كيف فعل ربك بأصحاب الفيل: ذِكر الإشارة إلى قصتهم فقد ذكر أهل التفسير أن أبرهة لما سار بجنوده إلى الكعبة ليهدمها خرج معه بالفيل فلما دنا من مكة أمر أصحابه بالغارة على نِعَم الناس فأصابوا إبلا لعبد المطلب وبعث بعض جنوده فقال سَلْ عن شريف مكة وأخبره أني لم آت لقتال وإنما جئت لأهدم هذا البيت فانطلق حتى دخل مكة فلقيَ عبد المطلب بن هاشم فقال إن الملك أرسلني إليك لأخبرك بأنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه وإنما جاء لهدم هذا البيت ثم ينصرف عنكم فقال عبد المطلب ما له عندنا قتال وما لنا به يد إنا سنخلي بينه وبين ما جاء له فإن هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعهم فهو بيته وحَرَمه وإن يخلي بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به قوة قال فانطلق معي إلى الملك فلما دخل عبد المطلب على أبرهة أعظمه وكرمَهُ ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك إلى الملك فقال له الترجمان فقال حاجتي أن يَرُدَّ عليَّ مائتي بعير أصابها فقال أبرهة لترجمانه قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت الآن فيك جئتُ إلى بيت هو دينك لأهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في الإبل أصبتها فقال عبد المطلب أنا رب هذه الإبل ولهذا البيت رب سيمنعه فأمر بإبله فردت عليه فخرج فأخبر قريشًا وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ورؤوس الجبال خوفًا من مَعَرَّة الجيش (أي أذاهم) إذا دخل ففعلوا فأتى عبد المطلب الكعبة فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول:

يا رب لا أرجو لهم سواكَ

           يا رب فامنع عنهم حِمَاك

إنَّ عدو البيت من عاداك

          إمنعهم أن يُخربوا قُــــــــــــراكَ

ثم إن أبرهة أصبح متهيئًا للدخول فبرك الفيل فبعثوه فأبى فضربوه فأبى فوجهوه إلى اليمن راجعًا فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك وإلى المشرق ففعل مثل ذلك فوجهوه إلى الحرم فأبى فأرسل الله طيرًا من البحر واختلفوا في صفتها فقال ابن عباس كانت لهم خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب وقال عكرمة كانت لها رؤوس كرؤوس السباع واختلفوا في ألوانها قيل خضراء وقيل سوداء وقيل بيضاء وكان مع كل طير ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره. وكان كل حجر فوق حبة العدس ودون حبة الحمص مكتوب على كل حجر اسم مرميه ينزل على رأسه ويخرج من دبره فهلكوا ولم يدخلوا الحرم.

قال الشيخ: هكذا.

ومرض أبرهة بن الصباح الحبشي فتقطع أنملة أنملة وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وانفلت أبو يُكسومَ وزيره وطائر يتبعه حتى وصل إلى النجاشي وأخبره بما جرى للقوم فرماه الطائر بحجر فمات بين يدي الملك فأراه الله كيف كان هلاك أصحابه وقيل كان العسكر ستين ألفًا لم يرجع أحدًا منهم إلا أميرهم في شرذمة قليلة فلما أخبروا بما رأوا هلكوا وقيل إن اسم الفيل محمود.

والذي دعا أبرهة الى أن يغزو مكة هو أنه بنى بصنعاء كنيسة أسماها القُلَّيس ليصرف إليها الحج عن مكة فأحدث رجل من كنانة فيها ولطخ قبلتها بالنجاسة احتقارًا بها فحلف أبرهة الأشرم ليهدمنَّ الكعبة فجاء مكة بجيشه وحصل ما ذكرناه.

واختُلف كم كان بين مولد النبي وبين هذه الحادثة والقول الأصح هو أنه ولد عام الفيل وقيل كان بينهما ثلاث وعشرون سنة وقيل أربعون سنة.

ألم يجعل كيدهم: وهو ما أرادوا من تخريب الكعبة.

في تضليل: أي في ذهاب وإبطال والمعنى أن كيدهم ضل عما قصدوا له فلم يصلوا إلى مرادهم.

وأرسل عليهم طيرًا أبابيل: وفي الأبابيل أقوال أحدها أنها المتفرقة من هنا وهنا وقيل الكثرة وقيل إنها الجمع بعد الجمع وقيل المختلفة الألوان جاءت من جهة البحر ليست نجدية ولا تهامية ولا حجازية.

ترميهم بحجارة من سجيل: وهو الطين طبخ بالنار.

فجعلهم كعصف مأكول: أي كورق الزرع اليابس المتفتت الذي أكلته البهائم وقيل إن عبد المطلب بعث ابنه عبد الله على فرس ينظر إلى القوم فرجع يركض ويقول هلك القوم جميعًا فخرج عبد المطلب وأصحابه فغنموا أموالهم.

والله أعلم وأحكم