باب كفاية الله تعالى نبيه المستهزئين به من كفار قريش ومن تبعهم
وقد كفى المُستهزئينَ البُعَدا *** الله ربُّنا فباءوا بالرَّدى
فعَمِيَ الأسودُ ثم الأسودُ *** الآخرُ استسقى وأرْدتهُ اليدُ
كذا أشارَ للوليدِ فانتَقَضْ *** الجُرحُ والعاصي كذاك فعرض
لرجلهِ الشوكةُ حتى أُزْهِقا *** والحارثُ اجتيحَ بقيحٍ بزقا
وعُقبة في يوم بدر قُتلا *** أبو لهب باءَ سريعًا بالبلا
ثامنهم أسلمَ وهو الحَكمُ *** فقد كفاهُ شره إذْ يسلم
وقد كفى الله تعالى نبيه أي حفظه من أذى أعدائه المستهزئين به الساخرين به ورؤوسهم ثمانية وهم البعداء من رحمة الله فباءوا أي رجعوا وانقلبوا بالردى أي بالهلاك بضروب من البلاء.
فالأول: الأسود بن المطلب بن الحارث [1] ودعا عليه رسول الله بالعمى فعمي.
الثاني: الأسود الآخر وهو ابن عبد يغوث استسقى، مر بالمصطفى وجبريلُ عنده فقال جبريل: قد كُفيته وأشار إلى بطنه بأصبعه فاستسقى في الحال، وأردته أي أهلكته اليد أي يدُ جبريل عليه السلام.
الثالث: الوليدُ بن المغيرة أشار جبرائيل إلى ساقه وكان قد أصابته شظية نبل فمنعه الكِبر والتّيه أن ينزعها حالًا فانتقض عليه الجرح وتألم ومات منها.
الرابع: العاصُ بن وائل السهمي أشار إلى أخمصيه فخرج على راحلته فنزل في شعب فعرض لرجله شوكة في أخمصه فصارت كعنق البعير حتى أزهق بضم فكسر أي لحقه الموت وغشيه الهلاك.
الخامس: الحارث بن العيطلة السهمي، أومأ إليه جبريل فاجتيح أي أَصابته جائحة حالًا فابتلي بقيحٍ يمخطه من أنفه وبزق قيحًا حتى مات.
السادس: عقبة بن أبي معيط قتل يوم بدر كافرًا شر قِتلة.
السابع: أبو لهب باءَ سريعًا بالبلاء القوي أي رجع قتيلًا بسرعة رماه الله بالعَدَسة داء معروف وذلك بعد وقعة بدر بسبع ليال فمات وأقام ثلاثة أيام لم يُدفن [2].
وأما ثامنهم: وهو الحكم بن أبي العاص فإنه أسلمَ يوم الفتح وقد كُفي رسول الله شره حيث أسلم وإلا أصيب بعاهة وانقلب. وقول الناظم: “أزهق” بالبناء للمفعول والألفُ في “قتلا” للإطلاق.
[1] كذا في الأصل والصواب: “ابن المطلب بن أسد”.
[2] العدسة العرب في ذلك الوقت من أصابته لا يقتربون منه لذلك هذا تركوه مع أنه عندهم كبير معتبر.