كانت ولادة محمد بن عبد الوهاب عام 1115 هـ (1703م)، ووفاته عام 1206هـ (1791م)، وهو المؤسس للمذهب الوهابي، في منطقة العُيَيْنة. أما أبوه فهو قاضي حُرَيمِلاء (قرية من قرى نجد الحجاز).
صار ابن عبد الوهاب قاضيًا للقرية بعد موت أبيه، وعُرفَ عنه معارضته لبعض الممارسات فيها، يعني في كل ما يتعلق بالتبرك والتوسل بالأنبياء والصالحين، الأمر الذي أثار جماعة من أهلِها عليه، فهرب إلى مسقط رأسِه العُيَيْنة.
سافر ابن عبد الوهاب إلى عديد من الأقطار، ومنها: إيران، العراق، سوريا، مصر، فلسطين،… فاختلطَ بسكان هذه البلاد، وتأمّل أحوالهم.
صنّف ابن عبد الوهاب تسعة عشر كتابًا، كلّها تدور حول التوسل والتبرك، وزيارة القبور، ونحوها([1])…
هذا، ومَن تأمّل في كتبِه لا يجد أي تعليق لابن عبد الوهاب على أي حدث معاصر خارج محيطه، بل يجد أمورًا فقهية سبق وتحدث فيها الفقهاء وصدرت فيها إجابات قاطعة قبل مولد ابن عبد الوهاب بقرون متطاولة([2]).
بحث ابن عبد الوهاب عن مكان آمن لنشر دعوته، فاتّخذ من الدِّرعيةِ ملجأً له تحت حكم محمد بن سعود، بعدما أبرمَ اتفاقًا معه واعدًا إياه بحكم البلاد والعباد، ما وافق تطلّعات ابن سعود في حكم الجزيرة العربية.
وعليه، وبسبب ريبة تُجاه ابن عبد الوهاب تمسّك ابن سعود باتفاقيةِ مشروطة:
ثم أعقبَ هذا الاتفاق تحالف تاريخي عام 1747م، في سبيل الدولة التي يحلم بها الطرفان.
الوهابية تبغي قوة تحميها، وآل سعود تحتاج مظلة دينية تسوّغ تمددها العسكري واستقرار حكمها، ضمن هدفين استراتيجيين: الفتح والغنيمة([3]).
فكتابات وتعاليم ابن عبد الوهاب شدّدت على لزوم طاعة الحاكم، وإنْ كان ظالمًا، وحرمة الخروج عليه. كما عملَت على جمعِ زكوات الناس بانتظام من خلال محصّلين مصحوبين دائمًا بفرقة عسكرية([4]).
وكذلك عمد ابن عبد الوهاب إلى إرسال رسائل إلى العلماء خارج نجد، يدعوهم للانضواء تحت رايتِه راية آل سعود.
من ذلك، أنّ ثلاثين شيخًا من رؤوس الوهابية حينها باحثوا علماء مكة زمن الشريف مسعود بن سعيد، فتحقق لعلماء مكة جَهلُ الوهابيين، وبعد إقامةِ الدليلِ عليهم كفّرهم قاضي الشرع وحبسهم. ثم منعهم أشراف الحجاز بعدها من الحج. فتلقى ابن عبد الوهاب وابن سعود الخبر كالصاعقة، وتقرّر الزحف إلى الحجاز، بعد وَسْمِ أهلِها بالشرك والكفر، لعلهم بالقوة ينالون ما لم ينل بالإقناع([5]).
بدأت القوات الوهابية بغارات على البلاد المجاورة، ما بثَّ الهلع في قلوب أهالي البلاد الأخرى([6]).
وعليه، تكمن عوامل التمدد العسكري والسياسي للوهابية بالآتي:
كما أنّ التحالف بين الوهابيين والسعوديين صار في صورة مصاهرة، فبعد موت ابن عبد الوهاب أضحى سعود الكبير (الذي تزوج بنت ابن عبد الوهاب) حاكم نجد الأوحد، وإمامًا للوهابية، وهكذا استمر الأمر مع الأحفاد في عقد مصاهرة دينية وسياسية([7]).
[1])) فؤاد إبراهيم، الكتاب المسمّى السلفية الجهادية في السعودية، ص10.
[2])) مُحمد جلال كشك، السعوديون والحل الإسلامي، ص87.
[3])) عثمان بن بشر، الكتاب المسمّى عنوان المجد في تاريخ نجد، ص15.
[4])) أ. فاسيليف، فصول من تاريخ العربية السعودية، ص74، 75.
[5])) أحمد بن زيني دحلان، أمراء البلد الحرام، ص227، 228.
[6])) صلاح الدين المختار، تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها، ص98.
[7])) مصطفى أبو حاكمة، لمع الشهاب في أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص26.