بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على رسول الله وعلى ءاله وصحبه وسلّم، وبعد
قال ابن كثير في تاريخه (ج/ص: 7/ 105) :
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي :
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، وأبو بكر الفارسي قالا :
حدثنا أبو عمر بن مطر، حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن مالك قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا. فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: إيت عمر، فأقرئه مني السلام، وأخبرهم أنه مسقون، وقل له عليك بالكيس الكيس. فأتى الرجل فأخبر عمر، فقال: يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه. وهذا إسناد صحيح. اهـ وهذا إقرار من ابن كثير بصحة هذا الحديث.
وأخرجه التقي السبكي في شفاء السقام وغيره، من حديث مالك الدار في استسقاء بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه في عهد عمر بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وأما مالك الدار بالإضافة فهو كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة، الجزء السادس [بقية حرف الميم] القسم الثالث من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقا أو مميزا [ص:268] الميم بعدها الألف :
مالك بن عياض مولى عمر هو الذي يقال له مالك الدار، له إدراك، وسمع من أبي بكر الصديق وروى عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة، روى عنه أبو صالح السمان وابناه عون وعبدالله ابنا مالك، وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطر يا رب لا ءالو إلا ما عجزت عنه، وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكى عمر وقال يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه، وروينا في فوائد داود بن عمرو الضبي جمع البغوي من طريق عبدالرحمن بن سعيد ابن يربوع المخزومي عن مالك الدار قال دعاني عمر بن الخطاب يوما فإذا عنده صرة من ذهب فيها أربعمائة دينار فقال اذهب بهذه إلى أبي عبيدة فذكر قصته، وذكر ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين في أهل المدينة قال: روى عن أبي بكر وعمر وكان معروفا، وقال أبو عبيدة : ولاه عمر كيلة عيال عمر فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمى مالك الدار، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني: كان مالك الدار خازنا لعمر. اهـ
وقال الحافظ الخليلي في كتاب الإرشاد عن مالك الدار: تابعي قديم متفق عليه أثنى عليه التابعون. انتهى
فهذا مالك الدار ثقة معروف روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي.
ويكفي في توثيقه تولية عمر وعثمان له بأمر المال، ومعنى قول الحافظ في الإصابة (له إدراك) أي أنه مخضرم وقد اختلف في هذه الطبقة هل هم من الصحابة أم التابعين؟ والصحيح أنهم من كبار التابعين كما قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري المجلد الثاني كِتَاب الْجُمُعَةِ باب سُؤَالِ النَّاسِ الإمَامَ الاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا:
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر قال :
أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر. الحديث.
وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة. اهـ
وهذا نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد منهم مع بلوغ الخبر إليهم، وما يرفع إلى أمير المؤمنين يذاع ويشاع. فهذا يقطع ألسنة المتقولين.