الرد على من يطعن في صحة الأحاديث المرويّة عن طريق أبي هريرة رضي الله عنه
أبو هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، الدَّوْسِيّ أَكثَرُ الصّحابَةِ رِوايَةً عَنْ رَسُولِ الله صَلّى الله عليه وسَلّم، فقد رَوَى عَنْهُ 5370 حَدِيثًا مَعَ أَنَّ المدَّةَ التي لازَمَ فِيها الرّسُولُ تَقرُبُ مِنْ ثَلاثِ سِنين فقط لأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفاةِ النبيِّ صَلّى الله عليه وسَلّم بِثَلاثِ سِنين.
قَدِمَ مِنْ قَبيلَتِهِ، قَبيلَةِ دَوْس إِلَى رَسُولِ الله صَلّى الله عليه وسَلّم بعدَ أَنْ أَسلَمَ بِسَببِ ما سَمِعَهُ مِنَ الصّحابِيّ الطُّفَيْلِ بنِ عَمْرو الدَّوْسِيّ، الذي كانَ سَبب إِسلامِ أَبِي هُريرَة وإِسلامِ قَبيلَةِ دَوْس بأَكْمَلِها.
لَزِمَ أَبُو هُرَيرَة النبيَّ صَلّى الله عليه وسَلّم لا يَنْشَغِلُ عَنْ مُلازَمَتِهِ بِشَىء، لا بِأَهْل، ما تَزَوَّج، وَلا بِمال، ما كانَ لَهُ بَيْت يَأْوِي إِلَيْه، ولا اشْتَغَل وَلا كانَ لَهُ تِجارَة، لَمْ يَكُن مُنْشَغِلًا بِتِجارَة وَلا بِزِراعَةِ أَرض وَلا بِنَفَقَةِ زَوْجَةٍ وَوَلَد إِلا مُلازَمَةَ النبيِّ صَلّى الله عليه وسَلّم وَالتَّعَلُّمَ مِنْهُ، وكانَ يَبِيتُ عَلَى ما يَسُدُّ أَصْلَ جُوعِهِ، فَرّغَ كُلَّ وَقْتِهِ لِيَسْمَعَ مِنْ رَسُولِ الله، فَجَمَعَ فِى هذه المدّة ما لَمْ يسْمَعهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصحابِ رسُولِ الله الذينَ سَبَقُوهُ إِسْلامًا وَإِيمانًا.
بَعْضُ النّاس يَطعنون بروايات أَبِي هُريرَة، وَيَذمّونه ثُمّ يُشَكِّكُونَ بهذه الأحاديث التي يروِيها عن رَسُولِ الله، هؤلاء لا نلتفت اليهم.
فِى الصحيحَيْنِ، البُخارِيّ ومسلِم أَنَّ رَسُول اللهِ صَلّى الله عليه وسَلّم قالَ لأَصْحابِهِ يَوْمًا وَفِيهِم أَبو هريرَة (أَيُّكُم يَبْسُط لِي رِداءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقالَتِي ثُمَّ يَجمَعُهُ إِلَى صَدرِهِ فَلَا يَنْسَى مِمّا سَمِعَهُ مِنِّي شَيْئًا)، فقامَ أَبو هُريرة وبَسَطَ لِرَسُولِ اللهِ رِداءَهُ حَتّى قَضَى رَسُولُ اللهِ حَدِيثَه، فقامَ أَبو هريرة وضمَّ الرّداء إِلَى صَدْرِهِ، كما أَشار الرّسُول.
يقول أَبو هُريرة بَعْدَ ذلك [فَما كنتُ أَنْسَى شيئًا سَمْعُتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلّى الله عليه وسَلّم]، فلم يَنلْ كلّ الصحابَة هذا السّرّ النبَوِيّ وهذه البركَة العَظِيمَة.