قول الإمام الحليميّ الحسين بن الحسن الشافعيّ
(ت 403هـ)
قال الحافظ البيهقيّ([1]): «قال الشيخ أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليميّ الشافعيّ ـ وهو أحد أساطين المذهب الشافعي ومن مشايخ الحافظ البيهقيّ ـ: وأما البراءة من التشبيه بإثبات أنه -تعالى- ليس بجوهر ولا عَرَض فلأنّ قومًا زاغوا عن الحق فوصفوا البارئ جلَّ ثناؤه ببعض صفات المحدَثين، فمنهم من قال: إنه جوهر، ومنهم من قال إنه جسم، ومنهم من أجاز أن يكون على العرش كما يكون الملِك على سريره، وكان ذلك في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل والتشريك([2]).
فإذا أثبت المثبتُ أنه ليس كمثله شىء، وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عَرَض فقد انتفى التشبيه لأنه لو كان جوهرًا أو عَرَضًا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض، ولأنه إذا لم يكن جوهرًا ولا عرضًا لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حيث إنها جواهر كالتألُّف والتجسّم وشغل الأمكنة والحركة والسكون، ولا ما يجوز على الأعراض من حيث إنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء» اهـ.
وقد سبق الحليمي والبيهقي في تكفير المجسمة إمام المذهب الإمامُ الشافعيُّ رضي الله عنه حيث قال: «مَن اعتقد أنّ الله جَالس على العرش كفر»([3]) اهـ. وهو من المسائل المجمَع عليها، وقد تقدم.
[1] ) شعب الإيمان، البيهقيّ، 1/184.
[2] ) وهذا لا شك تكفير صريح من الحليمي للمجسّم الذي ينسب الجسمية لله تعالى، وقد نقل البيهقي كلامه على وجه الإقرار، فالتجسيم كفر كالتعطيل بإنكار وجود الله، وكفر كالشرك باعتقاد وجود إله مع الله أو عبادة غير الله.
[3] ) حكاه الإمام نجم الدين بن الرّفعة في كتابه كفاية النبيه في شرح التنبيه نقلًا عن القاضي حسين 4/24.