(32) ما معنى قوله تعالى فى سورة طه ﴿الرحمٰن على العرش استوى﴾.
فسره بعض العلماء بالقهر لكن لا يقطع بأن مراد الله بالاستواء على العرش القهر إنما يظن ظنا راجحا وقد ورد عنه ﷺ اعملوا بمحكمه وءامنوا بمتشابهه، رواه ابن حبان فى صحيحه. وءامنوا بمتشابهه أى من غير أن تتوهموا أن معانيه من صفات الأجسام فقد نقل البيهقى فى كتاب المعتقد بإسناده عن الأوزاعى ومالك وسفيان والليث بن سعد أنهم سئلوا عن الآيات المتشابهة فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيفية، أى ءامنوا بها ولا تفسروها تفسيرا فاسدا بنسبة الكيفية أى صفات المخلوقين إلى الله. فمعنى ﴿الرحمٰن على العرش استوى﴾ قهر وحفظ وأبقى ولا يجوز تفسيره بالجلوس أو الاستقرار ونحو ذلك من صفات الخلق أما من يعتقد أن الله جالس على العرش أو أنه مستقر عليه أو محاذ له بوجود فراغ بينه وبين العرش فهو كافر لأنه لم يعرف الله. فتحمل الآية على القهر أو يقال استوى استواء يليق به أو استوى بلا كيف. والكيف المنفى عن الله هو الجلوس والاستقرار والمحاذاة أى كون الشىء فى مقابل شىء والتحيز فى المكان وكل الهيئات من حركة وسكون وانتقال. ومعنى قهر الله للعرش الذى هو أعظم المخلوقات أن العرش تحت تصرف الله هو أوجده وحفظه وأبقاه، حفظه من الهوى والسقوط ولولا حفظ الله له لهوى وتحطم. وليعلم أن الاستواء فى لغة العرب له خمسة عشر معنى منها ما لا يليق بالله كالجلوس والاستقرار ومنها ما يليق بالله كالقهر لقوله تعالى فى سورة الأنعام ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾.