(ولا يأكل الْمُضَحِّي) ولا مَن تلزمه نفقتُهُ (شيئًا مِنَ الأُضحيةِ الْمنذورةِ) حقيقةً أو حكمًا قوله (أو حكمًا) أي كأن قال جعلت هذه أضحيةً ولو نذر التضحية بمعيبةٍ أو صغيرةٍ أو قال جعلتُها أُضحيَّةً فإنه يلومُ ذبحُها ولا تجزئُ أضحيةً وإن اختصَّ ذبحُها بوقتِ الأضحيةِ وجرَتْ مجراها في الصوفِ فإن أكلَ منها شيئًا غَرِمَهُ بل يجب عليه التصدُّقُ بجميع أجزائها لحمِها وجلدِها وقرنِها بخلاف الْمتطوَّعِ بها فإنَّ له الانتفاعَ بجلدِها كجعلِهِ فروةً وله إعارتُهُ. ولو أخَّرَ الأُضحية الْمنذورة فتلِفَتْ لزمه ضمانُها ولا يُعذر في التأخير لعدم الفقراء أو امتناعهم مِن أخذ لحمها لكثرة اللحم في أيام التضحية فيلزمُهُ الذَّبْحُ في تلك الأيام ثم يَدَّخره. (ويأكلُ مِنَ الأُضحية الْمُتَطَوَّعِ بها) أي يُسَنُّ له الأكلُ منها ويُسَنُّ أن يكون مِنَ الكَبِد ويُسنُّ أن لا يزيد في أكْلِهِ على الثلث وأن يُهْدِيَ ثلثًا للمسلمين الأغنياءِ ويتصدقَ بثلثٍ على فقرائهم وخرج بقيد الْمسلمين غيرُهُم فلا يجوز إعطاؤُهم منها شيئًا كما نصَّ عليه في البُوَيطِيِّ وما في الْمجموع مِن جواز إطعام فقراء أهل الذمة من أضحية التطوع غيرُ معتمَدٍ. والواجبُ في الأُضحية الْمندوبة التصدُّقُ ببعض اللحم ولو قليلًا بأن يُمَلِّكَ فقيرًا مسلمًا شيئًا مِن لحمِها نِيئًا. واستوْجَهَ الشمسُ الرملِيُّ أنَّ النذْرَ والكفارَةَ ونحوَهُما منَ الواجباتِ تحرمُ على بني هاشم وبني الْمطلبِ كالزكاةِ فلا يُعطونَ منها وذكرَرَ أنَّ والدَهُ الشهابَ أفتى بحُرْمَةِ الأضحيةِ الواجبةِ عليهم وكذا الجزءُ الواجبُ من أضحية التطوعِ اهـ وحَرُمَ عليه صلَّى الله عليه وسلَّم الصدَقَةُ الواجبةُ وغيرُها لأنَّ مقامَهُ عليه السلام أشرفُ وحلت له الهدية لأنه ليس فيها ما في الصدقة وهي شأن الْملوك.
(ولا يبيعُ) أي يحرم على الْمُضَحِّي بيعُ شىْءٍ (مِنَ الأضحيةِ) ولا يصِحُّ سواءٌ كانت منذورةً أو مُتَطَوَّعًا بها وسواء في ذلك لحمُها وشعرُها وجلدُها فيحرم جعلُه أجرةً للجَزَّار.
(ويطعِمُ) حتمًا أي وجوبًا مِن لحمِ الأُضحية الْمُتَطَوَّع بها كما تقدم لا من غيره كالجلد والكرش (الفقراءَ والْمساكينَ) أي جنسَهُم ولو واحدًا أي يُعطِيهم مِن لحمها نِيئًا لا مطبوخًا مقدارًا غيرَ تافه ولو كان يسيرًا ولا يكفي الإهداءُ عن التَّصَدُّق. والأفضلُ التَّصَدُّقُ بجميعها إلا لقمةً أو لُقَمًا يتبرَّك الْمُضَحِّي بأكلِها فإنه يسن له ذلك كما تقدَّمَ. وإذا أكل البعضَ وتصدق بالباقي حصل له ثوابُ التضحيةِ بالجميع والتصدقِ بالبعضِ. واللهُ تعالى أعلم.