الخميس ديسمبر 12, 2024

 (فصلٌ) في أحكام الاستِبراءِ.

  (و)هو لغةً طلبُ البراءَةِ وشرعًا تَرَبُّصُ الْمرأةِ مدةً بسبب حدوث الملك فيها أو زوالِه عنها تعبدًا أو لبراءةِ رحِمِهَا منَ الحَمْلِ فيجبُ إذن بسببينِ حدوثِ الملك وزوالِ الفِراض فالأولُ (مَنِ استحدث مِلْكَ أمةٍ) ولم تكن زوجتَهُ بشراءٍ فتبدأُ مدةُ الاستبراءِ فيه بعد لزومِ الشراءِ لا في مدة الخيارِ لضعفِ الملكِ في خلالها وكذا لو مُهِبَتْ له فإنه يستبرِئُها بعد القبضِ ولو استبْرَأها قبله إذْ لا يُعتَدُّ بالاسْتِبْرَاءِ قبل القبض لتوقُّفِ الملك فيها عليه أو بإرثٍ أو وصيةٍ أو هبةٍ أو غيرِ ذلك مِن طُرُقِ الْمِلْكِ لها (حَرُمَ عليه الاستمتاعُ بها) فيما عَدَا الْمَسْبِيةَ (حتَّى يَسْتَبْرِئَها) بكرًا كانت أو ثيِّبًا استبرأها بائعها قبلَ بيعِها أو لا كانت منتقلةً مِمَّن لا يمكنُ جماعُهُ مِن صبيٍّ أو امرأةٍ أو مِن غيرِهِما ويلتحقُ باستحداثِ الْملكِ ما لو كانت مُكاتَبةً كتابةً صحيحةً ففسخَتْها بلا تعجيزٍ أو بتعجيز السَّيِّد لها عند عجزها عنِ النُّجُوم وكذا الأمةُ المرتدةُ إذا عادت إلى الإسلام ومثلُهما ما لو ارتَدَّ السَّيِّد ثم أسلم فإنَّهُ يلزمُهُ الاسْتِبْرَاء أيضًا وما لو طُلِّقَتْ أمتُهُ التي زوَّجَها قبل الدُّخولِ أو بعدَهُ. واسْتِبْرَاءُها (إن كانت مِن ذواتِ الحيضِ بحيضةٍ) كاملةٍ وخرج بالكاملةِ ما لو وُجِدَ سببُ الاستبراءِ في أثناء حيضِها فإنه لا تَكْفِي فيه بقيةُ الحَيضةِ بل لا بُدَّ لانقضاءِ الاستبراءِ مِنْ أَنْ تطهُرَ مِن تلك الحيضةِ ثم تحيضَ ثم تطهُرَ. واستثناءُ الْمَسْبِيَّةِ التي وقعَتْ في سَهْمِهِ مِنَ الغنيمةِ يَحِلُّ له الاستمتاعُ بها بغيرِ الوَطْئِ قبل الاستبراءِ. (وإن كانَت) الأمةُ (مِن ذواتِ الشهورِ) فاستبراؤُها (بشهرٍ فقط وإن كانت من ذواتِ الحملِ) فهو (بالوضع) والعبرة في الاستبراء وقوعُهُ بعد انقضاءِ عدتها فلو كانت حاملًا معتدَّةً لم يكفِ وَضْعُها للولدِ للاستبراء بل لا بُدَّ من استبرائها بعدَهُ. ولو اشترى أمةً مَجُوسِيَّةً أو نحوَها كمرتدَّةٍ فاستبرأها بحَيضةٍ و بوَضْعِ حَمْلٍ أو مَضِيِّ شهرٍ ثمَّ أسلمَت بعد انقضاءِ ذلك أو في أثنائِهِ لم يكفِ هذا الاسْتِبراءُ في الأصحِّ لأنَّهُ لا يَستعقب حلَّ الاستمتاعِ الذي هو القَصْد في الاسْتِبراء.

  وإذا اشترَى زوجتَهُ سُنَّ له استبراؤُها ليتميَّزَ ولَدُ النكاح عن ولدِ ملك اليمين فإنَّ أحدَ الزوجين إذا ملك صاحبَهُ بأيِّ سببٍ كان ينفسخُ النكاحُ. ولو أعتقَ مستولَدَتَهُ فلهُ نكاحُها بلا اسْتِبْرَاءٍ كما يجوز له أن ينكحَ الْمُعْتَدَّة منه لأنَّ الماء لواحدٍ.

  وإذا اشترَى أمةً مُزَوَّجَةً أو معتدَّةً لم يكف استبراؤُها حالًا فإذا زالَتِ الزوجيةُ والعِدَّةُ كأن طلقت الأمةُ قبل الدخول أو بعدَهُ وانقضَتِ العِدَّةُ وجبَ الاستبراءُ حينئذٍ فإنَّ الاستبراءَ قبلَ انقضاءِ العدةِ ليس داخلًا فيها وتقدَّمَ بعضُ ذلك.

  (وإذا ماتَ سيدُ أمِّ الولدِ) وليسَتْ في زوجيةٍ ولا عِدَّةِ نكاحٍ (استبرأتْ نفسَها) حتمًا (كالأمةِ) القِنَّةِ أي كاستبرائِها فيكونُ استبراؤُها بشهرٍ وإن كانت من ذواتِ الأشهرِ وإلا فبِحَيضةٍ إن كانت من ذوات الأقراء بخلافِ ما لو كانت في نكاحٍ أو عدَّةٍ وقتَ موتِ السيِّدِ أو عتقِهِ لهَا فلا يلزمُها الاستِبْرَاءُ.

  ولو استبرأَ السيدُ أمتَهُ الْمَوطوءةَ ثم أعتقَها فلا استبراءَ عليها ولهَا أن تتزوَّجَ في الحالِ. وأما غيرُ الْموطوءةِ فتتزوَّجُ بلا استبراءٍ سواءٌ أعتقها أم لا. واللهُ أعلم.