الأربعاء ديسمبر 11, 2024

   (فصلٌ) في حُكْمِ طلاقِ الحُرِّ والعبدِ وغيرِ ذلك مِمَّا له عُلْقَةٌ بالطلاق.

  (ويملِكُ) الزوجُ (الحرُّ) على زوجتِهِ ولو كانت أمةً (ثلاثَ تطليقاتٍ و)يملك (العبدُ) ولو مبعضًا ومكاتبًا ومدبَّرًا (تطليقتينِ) فقط حرةً كانت الزوجةُ أو أمةً لأنَّ العبرةَ بالزوجِ لا بالزوجةِ.

  (ويَصِحُّ الاستثناءُ في الطلاقِ) وهو الإخراجُ بإلا أو إحْدَى أخواتِها لِمَا لولاه لدخلَ في الكلامِ وإنما يصحُّ (إذا وصلَهُ بهِ) أي وصلَ الزوجُ لفظ المستثنَى بالمستثنَى منه اتصالًا عُرْفِيَّا بأن يُعَدَّا في العرفِ كلامًا واحدًا فلا يضرُّ الفصلُ بسكتةِ التنفسِ والعِيِّ بكسر العين ذكر في المختار والمصباح والتاج أنه ضدُّ البيانِ وهو عجزُ اللسان وثقلُهُ اهـ. ويُشترط أيضًا أن ينوِيَ الاستثناءَ قبل فراغ اليمين ويكفي اقترانُ النيَّةِ بأيِّ جزءٍ من المستثنَى منه. وأن لا يستغرقَ الْمُسْتَثْنَى  الْمُسْتَثْنَى منه فإن استغرقَهُ كأنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا ثلاثًا بطلَ الاستثناءُ وثبتَ الْمُستثنَى منه تامًّا.

  (ويصحُّ تعليقُه) أي الطلاقِ (بالصفةِ) كالزمانِ فتطلُقُ بوجودِ الزمان الْمُعَلَّقِ به كأنتِ طالقٌ في شهرِ كذا فيقعُ الطلاقُ بأوَّلِ جزءٍ منه أي بأولِ جزءٍ مِن أولِ ليلةٍ مِنَ الشهرِ (والشرطِ) أي ويصِحُّ التعليقُ بالشرطِ كإنْ دخَلْتِ الدارَ فأنتِ طالقٌ فتطلُقُ إذا دخلَتْ. وغذا عَلَّقَ الطلاقَ بفعلِهِ شيئًا في المستقبَلِ ففعَلَهُ ناسيًا للتعليقِ أو مكرًهًا عليه أو جاهلاً بأنه المعلَّقُ عليه قوله (أو جاهلًا بأنه المعلق عليه) كأن علَّق الطلاقَ على تكليمه زيدًا ثم كلَّمه في ظلمةٍ جاهلًا أنه زيدٌ. لم تطلُقْ. وإذا علَّقَهُ على فعلِهِ في الماضي أو على نَفْيِ شىْءٍ وقعَ جاهلًا به أو ناسيًا له فإن قصدَ أنَّ الأمرَ كذلك في ظَنِّهِ إو فيما علمَهُ ولم يُرِدْ أنَّ الأمرَ كذلك في الحقيقةِ لم تطلُقْ أما إن قصدَ أنَّ الأمرَ كذلك في نفسِ الأمرِ أو أطلقَ طلقَتْ.

  هذا فيما لو علَّقَ على فِعْلِ نفسِهِ أو معرفتِها فإن علَّقَ الطلاقَ على فعلِ غيرِهِ مِن زوجةٍ أو غيرِها بقصدِ منعِهِ أو حثِّهِ فإن كان الغيرُ قد علمَ بالتعليقِ وكان مِمَّنْ يُبالي بتعليقِهِ فلا يُخالِفُهُ فيه لو تذكَّرَهُ ففعلَهُ ناسيًا أو جاهلًا بأنه الْمُعَلَّقُ عليه أو مُكْرَهًا لم يقع الطلاقُ وإلَّا إن لم يقصِدْ مَنْعَهُ أو حثَّهُ أو كان مِمَّن لا يُبالي بتعليقِهِ أو لم يعلَمْ به ففعلَهُ ناسيًا أو جاهلًا أو مكرَهًا طلقَت.

  وإذا صدرَ تعليقُ الطلاقِ بصفةٍ مِن مُكَلَّفٍ وَوُجِدَت تلك الصفةُ في غيرِ حالِ تكليفِهِ كأن علَّقَ طلاقَها على دخولِهَا دارَ زيدٍ فدخلتْها حالَ حنونِهِ وقعَ الطلاقُ بذلك.

وحيثُ قلنا لم يقع الطلاقُ بفعلِ ما عُلِّقَ الطلاقُ عليه فهل تكونُ اليمينُ قد انحلَّتْ بذلك الجوابُ ما في العزيزِ وغيرِهِ مِن أنَّا إذا لم نُحَنِّثْهُ لم نجعل يمينَهُ متناولةً لِمَا وُجِدَ مِن فعلٍ إذ لو تناولَتْهُ لَحَنِثَ فلا تنحَلُّ به اليمينُ كما لو حلَفَ لا يدخلُ الدارَ فانقلبَ في نومِه وحصل في الدار لم يحْنَثْ أو حُمِلَ قهرًا وأُدْخِلَ فإنه لا يحنَثُ ولا تنحلُّ يمينُهُ والحالةُ هذه بخلافِ الحالةِ التي يُحكَمُ فيها بحنثِهِ فإنَّ الطلاقَ يقعُ عندئذٍ وتنحلُّ اليمينُ اهـ

  (ولا يقعُ الطلاقُ) إلا على زوجةٍ فلا يقعُ (قبلَ النكاحِ) ويُعلمُ منه أنه لا يصحُّ طلاقُ الأجنبيةِ التي ليست زوجتَهُ تنجيزًا كقوله لها طلقتُك ولا تعليقًا كقوله لها إن تزوجتُك فأنت طالقٌ أو إن تزوجتُ فلانةَ فهيَ طالقٌ.

  (وأربعٌ لا يقعُ طلاقُهُم الصبيُّ والمجنونُ) وفي معناه الْمُغْمَى عليه (والنائمُ والْمُكْرَهُ) بغيرِ حقٍّ فإن كان بحقٍّ وقع وصورتُهُ على القولِ الذي ذهبَ إليهِ جمعٌ إكراهُ القاضي للمُولِي بعد مدةِ الإيلاءِ بأن يطلُبَ منه الفيئةَ فإن لم يَفِئْ طلبَ منه الطلاقَ فإن امتنعَ منه أكرَهَهُ عليه. وشرطُ الإكراهِ كَوْنُ ما هدَّده به عاجلًا ظلمًا فلا إكراهَ بالتهديدِ بالعقوبةِ الآجلةِ كما لو قال طلِّقْ زوجتَكَ وإلا قتلتُكَ غدًا ولا بما هو مستحِقٌّ له كما لو قال طلِّقْ زوجتَك وإلا اقتصصْتُ منك وقدرةُ الْمُكرِهِ بكسر الراءِ على تحقيق ما هَدَّدَ به الْمُكْرَهَ بفتحها بولايةٍ وتَغَلُّبٍ وعجزُ المكرَهِ بفتح الراء عن دَفعِ المكرِه براءٍ مكسورةٍ بهَرَبٍ منه أو استغاثةٍ بمن يُخَلِّصُهُ ونحوِ ذلك وظنُّه أنه إن امتنع مِمَّا أُكْرِهَ عليه فَعَل ما خوَّفَه به. ويحصُلُ الإكراهُ هنا بالتخويفِ بضربٍ شديدٍ أو حبسٍ أو إتلافِ مالٍ ونحوِ ذلك مما يُؤْثِرُ العاقلُ لأجلِه الإقدامَ على أُكْرِهَ عليه. ويُشترط لعدم وقوع الطلاق بالإكراه أن لا ينوِيَ الْمُكْرَهُ بصيغةِ اسمِ المفعولِ الطلاقَ وأن لا تظهرَ منه قرينةُ اختيارٍ له فإذا ظهرَت منه قرينةُ اختيارٍ كأن أكرهَهُ شخصٌ على طلاقِ ثلاثٍ فطلَّقَ واحدةً وقعَ الطلاقُ لأنَّ مخالفةَ الْمُكْرِهِ تُشْعِرُ باختيارِ ما أتَى به فانتفَى الإكراهُ.