(فصلٌ) في بيانِ أحكامِ الوَلِيمةِ.
(والوليمةُ) تُطلق على كلِّ طعام يُتَّخذ لسرورٍ حادثٍ كما قال الإمامُ الشافعيُّ رضي الله عنه في الأمِّ تَصْدَقُ الوليمةُ على كل دعوةٍ لحادثٍ سرورٍ اهـ وهيَ (على العُرْسِ) أي الطعامُ الْمُتَّخَذُ لأجلِ العُرسِ (مستحبةٌ) استحبابًا مُؤَكَّدًا فقد أَوْلَمَ صلَّى الله عليه وسلَّم على صفيةَ بنتِ الخطَّابِ بِسَوِيقٍ وتمرٍ اهـ أخرجَهُ الأربعةُ وقال لعبدِ الرحمنِ بن عوفٍ رضيَالله عنه لَمَّا تزوَّجَ أَوْلِمْ ولو بشاةٍ اهـ أخرجه البخاريُّ. وأقلُّها للقادرِ شاةٌ ويُستحبُّ فيها ما في العقيقةِ مِن طبخِها بِحُلْوٍ وعدمِ كَسْرِ عَظْمِهَا ولغيرِ القادرِ ما تَيَسَّرَ ولو بنحوِ عصيرِ الفاكهةِ وشَرابِ البُنِّ. ويدخلُ وقتُها بالعقدِ لكن الأفضل فِعْلُها بعد الدُّخُولِ لأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُولِمْ عن نسائِهِ إلا بعد الدخول اهـ أخرجه البخاريُّ.
(والإجابةُ إليها) أي وليمةِ العرسِ (واجبةٌ) أي فرضُ عينٍ في الأصحِّ لكن لا يجبُ الأكلُ منها بل يُستحب للمُفْطِرِ أمَّا الإجابةُ لغيرِ وليمةِ العُرس مِن بقيةِ الولائمِ فليسَت فرضَ عينٍ بل هي مندوبةٌ. وإنما تجب الإجابةُ لوليمةِ العُرس وتُسنُّ لغيرها بشرط أن يكون الدَّاعِي مسلمًا وأن لا يخصَّ الداعِي الأغنياءَ بالدعوةِ لِغِناهُمْ بل يدعُوهُم وغَيرَهُم إلَّا إذا كانوا أهلَ حِرْفَتِهِ أو عشيرتَهُ أو جيرانَهُ فحينئذٍ لا يكونُ تخصيصُهُم لِغِناهُم وأن يَدْعُوَهُم في اليومِ الأولِ فإن كانت الوليمةُ ثلاثةَ أيامٍ فدُعِيَ في الأيامِ الثلاثةِ لَزمَت الإجابةُ في اليومِ الأولِ واستُحِبَّت في الثاني ولم تجب وكُرِهَتْ في اليوم الثالثِ. فإذا اكتملت الشروطُ وجبَت الإجابةُ في وليمةِ العُرسِ (إلَّا من عذرٍ) أي مانعٍ مِن وجوبِ الإجابةِ للوليمةِ ككونِ أغلبِ مالِ الداعي حرامًا وكمرضِ الْمَدْعُوِّ مرضًا يُسْقِطُ الجمعةَ وكأن يكونَ في موضعِ الدعوةِ مَن يتأذَّى به الْمَدْعُوِّ أو لا تليق به مُجَالَسَتُهُ وكأن يكونَ هناك منكرٌ لا يزولُ بحضورِه كالضربِ بألاتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ وكشربِ الخمرِ فإن زال بحضورِهِ وَجَبَ.