ثم شرعَ المصنفُ رحمه الله في بيانِ عيوبِ النكاحِ الْمُثْبِتَةِ لخِيَارِ الفسخِ فيه قوله (عيوبِ النكاحِ الْمُثْبِتَةِ لخِيارِ الفسخِ فيه) قال في التنبيه متى وقع الفسخُ فإن كان قبل الدخول سقط المهرُ وإن كان بعد الدخول نُظِر فإن كان بعيبٍ حدث بعد الوطء وجب الْمُسَمَّى وإن كان بعيبٍ قبل الوطء سقط الْمُسَمَّى ووجب مهرُ المثل وهل يرجع به على من غرَّه فيه قولان اهـ فقال (وتُرَدُّ المرأة) أي الزوجةُ ويكون لزوجها الفسخُ (بخمسةِ عيوبٍ) أحدُها (بالجنون) سواءٌ أطبقَ أم تَقَطَّع قَبِلَ العلاجَ أم لا وأما الإغماءُ غيرُ الدائمِ فلا يثبتُ به الخِيارُ قال الغزيُّ رحمه الله هنا (ولو دام خلافًا للمتولِّي) وكلامُهُ خلافُ ما اعتمدَهُ ابن حجر في التحفةِ والرمليُّ في النهايةِ فإنهما قالا إنَّ الخيار يثبت بالإغماء المأيوس منه كما قاله المتولِّي وإنَّ عدم ثبوت الخيار بالإغماء إنما هو في الإغماء غير المأيوس منه اهـ (و)ثانيِها بوجودِ (الجُذام) بذالٍ معجمةٍ وهو عِلَّةٌ يَحْمَرُّ منها العُضْوُ ثم يَسْوَدُّ ثم يَتَقَطَّعُ ثم يتناثَرُ والغالبُ حصولُهُ في الوجهِ والأطرافِ (و)الثالثُ بوجودِ (البَرَصِ) وهو بياضٌ في الجِلْدِ يُذْهِبُ دمَ الجلدِ وما تحتَه مِنَ اللحمِ فخرج البَهَقُ وهو ما يُغَيِّرُ الجِلْدَ من غيرِ إذهابِ دَمِهِ فلا يثبُتُ به الخِيارُ (و)الرابعُ بوجود (الرَّتَق) وهو انسدادُ محلِّ الجماعِ بلحمٍ (و)الخامسُ بوجود (القَرَن) وهو انسدادُ محلِّ الجماعِ بعظمٍ. وما عدا هذه العيوبَ كالبَخَرِ والصُّنانِ لا يَثْبُتُ به الخِيارُ. ولو نكحَ بشرط إسلامها أو نسبها أو حريتها أو كونها بكرًا أو ثيبًا أو كتابيةً أو أمةً أو كونه عبدًا فأخلفَ المشروطَ صحَّ النكاحُ ثم إن بانَ المشروطُ فيه خيرًا مِمَّا شُرِطَ في الزوجةِ أنها كتابيةٌ فبانَت مسلمة أو أمةٌ فبانَت حُرَّةً أو ثَيِّبٌ فبانت بكرًا وفي الزوجِ أنه عبدٌ فبانَ حرًّا فلا خيارَ وإن دونَهُ كأن شُرِطَ أنها حرةٌ فبانت أمةً وهو حرٌّ يحلُّ له نكاحُ الأمةِ وقد أذنَ السيدُ في نكاحها فله الخيارُ أو أنه حرٌّ فبانَ عبدًا وقد أذن له السيدُ في النكاح والزوجةُ حرةٌ فلها الخيارُ.
(ويُرَدُّ الرجلُ) أي الزوجُ (بخمسةِ عيوبٍ بالجنون والجُذام والبرص و)بوجودِ (الجَبِّ) وهو قطعُ الذكر كلِّه أو بعضِه والباقي منه دونَ الحشفةِ فإن بَقِيَ قدرُها فأكثرُ فلا خِيارَ (و)بوجود (العُنَّةِ) وهيَ بضم العين عَجْزُ الزوجِ عن الوَطْءِ في القبُلِ لسُقًوط القوَّةِ الناشرَةِ لضَعْفٍ في قَلْبِهِ أو ءَالَتِهِ. وإنما تُثْبِتُ العُنَّةُ الخيارَ إذا كانت قَبْلَ الوَطْءِ ولو مَرَّةً أما إذا حَدَثَتْ بعدَهُ فلا يَثبتُ بها الخيارُ لأنَّ الزوجةَ مع رجاءِ زوالِ عُنَّتِهِ قد عَرَفَت قُدْرَتَهُ ووصلَت إلى حقِّها منه. وتثبُتُ عُنَّتُهُ بإقرارِهِ وباليمينِ المردودةِ فإذا ثبتَت ضربَ له القاضي سنةً بطلبِها فإن لم يَطَأ فيها رفعتْهُ فورًا إلى القاضي فإن قال وَطِئْتُ والحالُ أنها ثَيِّبٌ حُلِّفَ إن لم تُصَدِّقْهُ فإن نَكَلَ حُلِّفَتْ كما لو كانَت بكرًا وحينئذٍ يحكمُ القاضي بعُنَّتِهِ فَتَستقِلُّ بالفَسْخِ. وأما ما عداها منَ العيوب المذكورةِ ءَانفًا فلا فرق فيه بين حدوثِهِ قبلَ الوطءِ وبعدَه. ويُشترطُ في العُيُوبِ المذكورةِ الرفعُ فورًا إلى القاضي عند الاطِّلاعِ عليها كخيارِ الردِّ بالعيب ولا ينفردُ الزوجان بالتراضي بالفسخِ فيها ولا يصِحُّ ذلك منهما بلا رفعٍ إلى القاضي ومثلُهُ الْمُحَكَّمُ بشرطِ أن يكون عدلًا عالِمًا بتفاصيلِ المسئلةِ التي حُكِّمَ فيها وبه جزمَ في الْمُحَرَّرِ لكن حكَى فيه الماوَرْدِيُّ وجهَينِ قال الزَّرْكَشِيُّ وكلامُ الشافعيِّ في الأمِّ يَقْتَضِي ترجيحَ الصِّحَّةِ قوله (وكلامُ الشافعيِّ في الأمِّ يَقْتَضِي ترجيحَ الصِّحَّةِ) لعلَّ مقصودَ الزركشيِّ قولُهُ في الأمِّ عند كلامه على العيب في المنكوحة [وَلَا يَلْزَمُها الخِيَارُ إلَّا عِنْدَ حاكِمٍ إلَّا أن يَتَرَاضَيَا هُمَا بِشَيْءٍ يَجُوزُ فَأُجِيزُ تَرَاضِيَهُمَا] اهـ وبهِ جزمَ الصَّيمَرِيُّ اهـ