(فصلٌ) في الفروض الْمُقَدَّرَةِ نصًّا وقياسًا وبيانِ مُسْتَحِقِّيهَا.
(والفروضُ الْمُقَدَّرةُ) المذكورةُ (في كتابِ اللهِ تعالى) ستةٌ لا يُزَادُ عليها ولا يُنْقَصُ منها إلا لعارضِ كالعَوْل قوله (كالعَول) العَوْلُ زيادةٌ في أصلِ المسئلةِ ونقصٌ مِنَ الأنصباءِ كأمٍّ وأختٍ شقيقةٍ وزوجٍ فَلِلزَّوجِ النصفُ وللأختِ النصفُ وللأم الثلثُ أصلُ المسئلةِ من ستةٍ لكلٍّ مِنَ الزوج والشقيقة ثلاثةٌ وللأم حصتان فَتَعُولُ المسئلةُ أي يُزَادُ في أصلِها فيصيرُ لكلٍّ مِن الزوجِ والشقيقةِ ثلاثةٌ من ثمانيةِ حصصٍ ولأمِّ اثنانِ من ثمانيةٍ والرَّدِّ قوله (والرَّدّ) هو زيادةٌ في قَدْرِ الأنصباءِ ونقصٌ مِن عددِ المسئلةِ ومثالُهُ أمٌّ وأختٌ لغيرِ أمٍّ فَلِلْأمِّ الثلثُ وللأختِ النصفُ أصلُها مِن ستةٍ للأمِّ اثنانِ وللأختِ ثلاثةٌ زادَ نصيبٌ واحدُ فَيُنْقَصُ من عددِ المسئلةِ وتصحُّ من خمسةٍ للأمِّ اثنانِ وللأختِ ثلاثةٌ. وهناكَ فرضٌ مُقَدَّرٌ بالاجتهادِ في المذهبِ وهو الثلثُ للجَدِّ حيثُ اجتمعَ مع أخوينِ فصاعدًا قوله (الثلثُ للجَدِّ حيثُ اجتمعَ مع أخوينِ فصاعدًا) فإنَّ الثلثَ أحظُّ له منَ المقاسمة، والقاعدةُ أنَّ الجدَّ إذا كان مع الإخوةِ أو الأخواتِ للأبِ والأمِّ أو للأبِ فقط وليس معهم صاحبُ فرضٍ يكونُ للجدِّ الأحظُّ من ثلثِ التركةِ كلها أو المقاسمةِ كأنه أخٌ ذكرٌ مع الإخوةِ للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثَيَينِ فإن كان معه أخٌ واحدٌ فالأحظُّ له هاهنا المقاسمةُ لأنه يأخذ نصف جميع المال وإن كان معه أخوانِ استوَت له المقاسمةُ والثلثُ وإن كان معه ثلاثةُ إخوة فما زادَ فالأحظُّ له هاهنا أن ينفرد بثلث جميع المال. وءَاخَرُ وهو ثلثُ الباقي للأُمِّ بعد فرضِ الزوجيةِ في الْعُمَريَّتَينِ قوله (في العُمَرِيَّتَينِ) سُمِّيَتَا كذلك لأنَّ أولَ من قضَى فيهما عمرُ رضي الله عنه فالأولى منهما زوجٌ وأبوان فللزوجِ النصفُ والأمِّ الثلثُ فرضًا فيبقى للجدِّ سدسٌ نصفُ حصةِ الأمِّ وهو خلافُ القاعدةِ المعهودةِ مِن أنَّ الرجل والمرأة إذا تساويا في الدرجة كانَ للمرأة في الميراثِ نصف نصيب الرجل كالبنت مع الإبن والأخت مع الأخ فقال عمرُ رضي الله عنه تُعطَى الأمُّ ثلثَ الباقي بعد حصة الزوج وهو سهمٌ من ستةٍ ويأخذُ الأبُ سهمين هما ما بَقِيَ، والثانيةُ زوجةٌ وأبَوانِ للزوجة فرضُها وهو الربعُ وللأمِّ الثلثُ وهو أربعةُ سهامٍ من اثنَيْ عشر فيبقى للأبِ خمسةُ سهامٍ فقال سيدنا عمرُ تُعطَى الأُمُّ ثلثَ ما بقِيَ بعد حصةِ الزوجةِ وهو ثلاثةُ سهامٍ ويكونُ للأبِ ما بقِيَ وهو ستةُ سهامٍ. وقد وافقَ جمهورُ الصحابةِ سيدَنا عمرَ على اجتهادِهِ وأبَاهُ بعضُهُم تمسُّكًا بظاهرِ الكتابِ وهو قولُهُ تعالى في سورةِ النساءِ (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٌ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ).
وأما الستَّةُ فهِيَ (النصفُ والربعُ والثمنُ والثلثانِ والثلثُ والسدسُ) وقد يُعَبِّرُ الْفَرَضِيُّون عن ذلك بعبارةٍ مختصرة هيَ الربع والثلث وضِعْفُ كلٍّ ونِصْفُ كلٍّ (فالنصفُ فرضُ خمسةٍ البنتُ) الواحدةُ أي حيث لا ذَكَرَ يُعَصِّبُهَا (وبنتُ الابنِ) الواحدةُ أي إن لم يكن ابنٌ ولا بنتٌ ولا ذَكَرٌ يُعَصِّبُها (والأختُ) الواحدةُ (مِنَ الأبِ والأمِّ) حيث لا مُعَصِّبَ ولا ولدَ أو ولدَ ابنٍ ولا أبَ أو أبَا أبٍ (والأختُ) الواحدةُ (مِنَ الأبِ) أي حيث لا مُعَصِّبَ ولا ولدَ أو ولدَ ابنٍ ولا أبَ أو أبَا أبٍ ولا أخَ شقيقٌ أو أختَ شقيقةٌ (والزوجُ إذا لم يكن) معه (ولدٌ) للزوجةِ ذكرٌ أو أنثى (ولا ولدُ ابنٍ) للزوجة.
(والرُّبعُ فرضُ اثنينِ الزوجُ) ولو لم يدخُل بالزوجةِ المتوفاةِ ولم يختلِ بها ولو كانت في عِدَّةٍ رجعيةٍ (معَ الولدِ أو ولدِ الابنِ) سواءٌ كان ذلك الولد منه أم مِنْ غيره (وهو) أي الربُعُ (فرضُ الزوجةِ) والزوجتين (والزوجاتِ مع عدمِ الولد أو ولدِ الابنِ) والأفصحُ في الزوجة حذفُ التاء ولكنهم يُثبتونها في الفرائضِ للتمييز.
(والثُّمُنُ فرضُ الزوجةِ) أو الزوجتين (أو الزوجاتِ) دخلَ بهنَّ أم لا (مع الولد أو ولد الابن) ذكرًا كان أو أنثى فإن كانت زوجةً واحدة انفردَت بالثمن وإن كُنَّ اثنتَينِ فأكثرَ اشتركْنَ فيه بالسوية.
(والثلثانِ فرضُ أربعةٍ البنتينِ) فأكثرَ عند عدمِ الابنِ (وبِنْتَي الابنِ) فاكثرَ عند عدمِ الولدِ وابنِ الابنِ (والأختينِ منَ الأب والأم) فأكثر عند عدمِ الأبِ والأولادِ وأولادِ الابنِ (والأختين من الأب) فأكثرَ عند عدمِ الشقيقةِ والأبِ والأولادِ وأولادِ الأبناءِ وهذا عند انفرادِهِنَّ عن إخوتِهِنَّ الذكورِ فإن كان معهن ذَكَرٌ سَقَطَ فرضُهُنَّ ووَرِثْنَ بالتعصيبِ للذكرِ مثلُ حظِّ الأُنْثَيَينِ وقد يزدنَ على الثلثينِ كما لو كُنَّ عشرًا والذَّكَرُ واحدًا فلهنَّ عشرةٌ من اثْنَي عَشَرَ وهيَ أكثرُ مِنْ ثُلُثَيِ التركةِ وقد يَنْقُصْنَ كَبِنْتَينِ مع ابنَينِ فَلِلْبِنْتَينِ الثلثُ ولكلٍّ مِنَ الابنينِ الثلثُ فتكون المسئلة مِن ستةٍ لكل بنتٍ سهمٌ ولكلِّ ابنٍ سهمان.
(والثلثُ فرضُ اثنَينِ الأمُّ إذا لم تُحْجَبْ) حَجْبَ نقصانٍ بأن لم يكن للميتِ ولدٌ ولا ولدُ ابنٍ ولا جمعٌ مِنَ الإخوةِ اثنانِ فأكثرَ سواءٌ كانوا ذكورًا أم إناثًا أشقاءَ أم لأبٍ أم لأُمٍّ وإن لم يَرِثْ حاجبُها لسقوطِهِ بمن هو أولَى منه كما لو ماتَ شخصٌ عن أبٍ وأمٍّ وأخوَينِ فَلِلأُمِّ السدسُ وللأبِ الباقِي ولا شَىْءَ للأَخَوين. (وهو) أي الثلثُ (للاثنين فصاعدًا منَ الإخوة والأخواتِ مِن وَلَدِ الأمِّ) ذكورًا كانوا أو إناثًا أو البعضُ كذا والبعضُ كذا بالسَّوِيَّةِ بينهم لا يفضُلُ في ذلك الذَّكَرُ على الأنثَى وذلك عند عدمِ الأبِ وإن علا والولدِ وإن سفَلَ.
(والسُّدُسُ فرضُ سبعةٍ الأمُّ مع الولدِ أو ولد الابن أو) مع (اثنين فصاعدًا مِنَ الإخوة والأخوات) أشقاءَ أمْ لأبٍ أمْ لأُمٍّ. (وهو) أي السُّدُسُ (للجَدَّةِ عند عدمِ الأم) وللجدتين والثلاث ولا يحجُبُها إلا الأمُّ إلَّا إذا أَدْلَتْ بِذَكَرٍ فيحجُبُها الذَّكَرُ الذي أْدْلَتْ به فَيُعْلَمُ من ذلك أنَّ الجَدَّةَ إذا كانت لأُمٍّ لم تُحْجَبْ إلا بالأمِّ وإذا كانت لأبٍ حَجَبَها الأبُ والأمُّ. والجَدَّةُ القُرْبَى مِنْ كُلِّ جهةٍ تَحْجُبُ البُعْدَى منها سواءٌ أَدْلَتْ بها كأمِّ أبٍ وأمِّ أُمِ أبٍ وأُمِ أُمٍ وأُمِ أُمِّ أُمٍّ أو لم تُدْلِ كأمِّ أبٍ وأمِّ أبي أبٍ فلا تَرِثُ اليُعْدَى مع وُجودِ القُرْبَى. والقُرْبَى من جهةِ الأمِّ كأمِّ أُمٍّ تَحْجُبُ البُعْدَى مِن جهةِ الأبِ كأمِّ أمِّ أبٍ أما القُرْبَى من جهةِ الأبِ كأمِّ أبٍ فلا تَحْجُبُ البُعْدَى من جهةِ الأمِّ كأمِّ أمِّ أمٍّ بل يكونُ السُّدُسُ بينَهُما بالسَّوِيَّة. (و)السدسُ يُفْرَضُ (لبنتِ الابنِ مع بنتِ الصًّلْبِ) الواحدةِ تكملةَ الثلثينِ فإن تَعَدَّتْ بنتُ الصُّلْبِ بأن كانتا اثنتينِ فأكثرَ حُجِبَت بنتُ الابنِ لاستغراقِ البناتِ الثلثين. (وهو) أي السُّدسُ (للأخت منَ الأب مع الأخت منَ الأب والأم) لتكملةِ الثلثين كما في بنتِ الابنِ مع البنت أي فإن تعددت الشقيقةُ بأن كانتا اثنتَينِ فأكثرَ سقطت الأختُ منَ الأب لاستغراق الشقيقات الثلثين. (وهو) أي السُّدسُ (فرضُ الأبِ مع الولدِ أو ولد الابن) ويدخل في كلام المصنف ما لو خَلَّفَ الميِّتُ بنتًا وأبًا فَلِلْبِنْتِ النصفُ وللأبِ السُّدُسُ فرضًا والباقي تعصيبًا. (و)هو (فرضُ الجَدِّ) الوارثِ كذلك (عند عدمِ الأبِ) وهو أبو الأبِ إذْ أبو الأمِّ لا يرثُ فيُفْرَضُ له السدسُ إذا كان للميِّتِ ولدٌ أو ولدُ ابنٍ قوله (ولد أو ولد ابنٍ) فإن ترك الميتُ جدًا وبنتًا فأكثرَ ورثَت البنتُ النصفَ أو البنتينِ فأكثرَ الثلثَينِ وورثَ الجدُّ السدسَ فرضًا والباقي تعصيباً ومثلُ البنتِ فيما تقدَّمَ بنتُ الابنِ. ويُفْرَضُ له السدسُ أيضًا مع الإخوة إذا كان معه ذو فرضٍ وكان سدسُ المالِ خيرًا له من الْمُقاسَمَةِ أي في الباقي ومِن ثُلُثِ الباقي كبنتين وَجَدٍّ وثلاثةِ إخوةٍ للبنتينِ الثلثانِ وللجَدِّ السدسُ والباقي للإخوةِ الثلاثةِ وتصحُّ المسئلةُ مِن ثمانيةَ عَشَرَ لكلِّ بنتٍ ستةٌ وللجدِّ ثلاثةٌ ولكلِّ أخٍ واحدٌ. وَلْيُعْلَمْ أنَّ الجدَّ والإخوةَ إما أن يكونَ معهم صاحبُ فَرْضٍ أو لا فإن لم يكن معهم صاحبُ فرضٍ فَلِلْجَدِّ الأَحَظُّ مِنَ الْمُقاسَمَةِ وثُلُثِ المالِ وإن كانَ معهم صاحبُ فرضٍ فَلَهُ الأحظُّ مِنَ الْمُقاسَمَةِ في الباقي والسدسِ وثلثِ الباقي. (وهو) أي السُّدُسُ (فرضُ الواحدِ من ولدِ الأُمِّ) ذكرًا كانَ أو أنثَى فإن لم يكُنْ أبٌ وإن علا أو ولدٌ أو ولدُ ابنٍ ورتَ الأخُ منَ الأُمِّ إذا انفرد السدسُ وكذا الأختُ منَ الأُم إذا انفردت.
(وتَسْقُطُ الجداتُ) سواءٌ قَرُبْنَ أو بَعُدْنَ (بالأمِّ) فقط إلا إذا كُنَّ لأبٍ فَيَسْقُطْنَ به كذلك كما مرَّ. (و)يَسْقُطُ (الأجدادُ بالأب). (ويسقطُ ولدُ الأم) أخًا لأُمٍّ أو أختًا لَهَا قوله (أخًا لأُمٍّ أو أختًا لَهَا) هو التعبيرُ المناسبُ وقال الغزيُّ هنا (أي الأخُ للأمِّ) وعبارتُه فيها قصورٌ وإيهامٌ فإنه لم يذكر الأختَ للأمِّ وأوهمَ أنها لا تسقط. (مع) وجودِ (أربعةٍ الوادِ) ذكرًا كان أو أنثى (و)مع (ولدِ الابنِ) كذلك (و)مع (الأبِ والجدِّ) وإن علا. (ويسقط الأخُ للأبِ والأمِّ مع ثلاثةٍ الابنِ وابنِ الابنِ) وإن سَفَلَ (و)مع (الأب). (ويسقطُ ولدُ الأبِ) سواءٌ كانَ أخًا لأبٍ أو أختًا لأبٍ (بهؤلاءِ الثلاثةِ) الابنِ وابنِ الابنِ والأبِ (وبالأخِ للأبِ والأمِّ) وهو الشقيقُ قوله (وهو الشقيق) أي أو مَن يقومُ مقامَهُ وهو الأختُ الشقيقةُ غذا كانت عصبةً معَ الغيرِ.
(وأربعةُ يُعَصِّبُونَ أخواتِهِم) أي الإناثِ فيكون للذَّكَرِ منهم مثلُ حظِّ الأُنثيينِ (الابنُ) يُعَصِّبُ البنتَ (وابنُ الابنِ) يُعَصِّبُ بنتَ الابنِ (والأخُ مِنَ الأبِ والأمِّ) يُعَصِّبُ الأختَ منهما (والأخُ مِنَ الأبِ) يُعَصِّبُ الأختَ مِنَ الأبِ أمَّا الأخُ مِنَ الأمِّ فلا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بل لهما الثلثُ يشتركان فيه بالسَّوِيَّةِ كما تقدَّمَ.
(وأربعةٌ يرثون دون أَخَوَاتِهِم وهُمُ الأعمامُ وبنُو الأعمام وبنُو الأخ) وفي نسخة وبنُو الإخوة (وعصباتُ الْمَوْلَى) الْمُعْتِقِ وإنما انفردوا عن أَخَوَاتِهِم لأنَّهم عَصَبَةٌ وارثون وأَخَوَاتُهُم من ذَوِي الأرْحامِ لا يَرِثُونَ.ر