الخميس ديسمبر 12, 2024

كتابُ أحكامِ الفرائضِ والوصايا

  والفرائضُ جمعُ فريضةٍ بمعنَى مفروضةٍ مِنَ الفَرْضِ بمعنَى التقديرِ والفريضةُ شرعًا اسمُ نصيبٍ مقدَّر لمستحِقِّهِ.

والأصلُ فيه ءَاياتُ المواريثِ وأخبارٌ كخبر الصحيحينِ أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بأهلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأولَى رجلٍ ذَكَرٍ اهـ

  (والوارثونَ مِنَ الرجالِ) الْمُجْمَعُ على إرثِهم (عشرةٌ) بِعَدِّ أنواع الإخوة واحدًا وأبنائهم واحدًا وأنواعِ العمِّ واحدًا وأبنائِهم واحدًا ومع البَسْطِ يُعَدُّونَ خمسةَ عشرَ وهم (الابنُ وابنُ الابنِ وإن سفل والأبُ والجدُ وإن علا والأخُ) الشقيقُ وللأب وللأم (وابنُ الأخ) الشقيقِ وللأبِ (وإن تراخى) كابنِ ابنِ الأخِ لغيرِ أمّ فإنه يرثُ عند عدم أبيه وعَمِّهِ (والعمُّ) الشقيقُ وللأبِ (وابنُ العمِّ) الشقيقِ وللأبِ (وإن تباعدَا) كعمِّ أبِ الميِّتِ وابنِ عمّ جده عند عدمِ الأقربِ (والزوجُ والْمَولَى المعتِقُ). ولو اجتمعَ كلُّ الرجالِ وَرِثَ منهم ثلاثةٌ الأبُ والابنُ والزوجُ فقط ولا يكون الميِّتُ في هذه الصورةِ إلا امرأةً.    

  (والوارثاتُ منَ النساء) المجمعُ على إرثِهن (سبعٌ) بِعَدِّ الجَدَّاتِ واحدةً والأَخَزاتِ واحدةً ومع البسطِ يُعْدَدْنَ عشرةً هُنَّ (البنتُ وبنتُ الابنِ) وإن سفلَت كبنتِ أبنِ الابنِ وإن نزل أبوها عند عدم الأقربِ منها لا بنتِ بنتِ الابنِ فإنها بنتُ بنتٍ وبنتُ البنتِ لا تَرِثُ (والأمُّ والجدةُ) أمُّ الأمِّ وأمُّ الأبِ وإن علَتْ ما لم تُدْلِ بِذَكَرٍ غيرِ وارثٍ كأمّ أبي الأمِّ فإنَّ أبا الأم لا يَرِثُ وأمُّهُ كذلك (والأختُ) الشقيقةُ ولأبٍ ولأمٍ (والزوجةُ والمولاةُ المعتِقةُ). ولو اجتمع كلُّ النساء ولم يَكُنْ رجلٌ وارثٌ ورثَ منهن خمسٌ البنتُ وبنتُ الابنِ والأمُّ والزوجةُ والأختُ الشقيقةُ ولا يكون الميِّتُ في هذه الصورةِ إلا رجلًا. فأسبابُ الإرثِ ثلاثةٌ هب الزوجيةُ والقرابةُ والعَتَاقَةُ.

  (ومن لا يَسْقُطُ) من الوَرَثةِ (بحالٍ) يُحجَبُ فيها حَجْبَ حِرْمان (خمسةٌ الزوجانِ والأَبَوَانِ وولدُ الصُّلْبِ) ذكرًا كان أو أنثَى لأنهم يُدْلُونَ إلى الميتِ بأنفسهِم بلا واسطةٍ بينهم وبينه.

  (ومن لا يرثُ بحالٍ سبعةٌ) أي فموانعُ الإرث ثلاثةٌ يدخلُ فيها الذين ذكرهم المصنفُ رحمه الله هِيَ الرقُّ فلا يرث (العبدُ) القِنُّ ومثلُهُ الأمةُ (والْمُدَبَّرُ وأمُّ الولد والمكاتَبُ) وأمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُورَثُ ما ملكَهُ ببعضِهِ الحرّ ولا يرثُ. (و)المانعُ الثاني القتلُ فلا يَرِثُ (القاتلُ) مِمَّن قَتَلَهُ لا مالَهُ ولا دِيَتَهُ سواءٌ كان قَتْلُهُ مضمونًا بالقصاص أو الدية أو الكفارة أم لا وسواءٌ قتلَهُ عمدًا أو خطأً أو مباشرةً أو بسببٍ لمصلحةٍ كَسَقْيِ الدواء أو بَطِّ الجرح أو لغير مصلحةٍ متهمًا كان أو غيرَ متهم وسواءٌ وسواءٌ كان القاتلُ صغيرًا أو كبيرًا عاقلًا كان أو مجنونًا. (و)الثالثُ اختلافُ الدِّين فلا يَرِثُ (المرتدُ) قَرِيبَهُ ولو حربيًّا أو مرتدًّا ومِثلُهُ الزنديقُ وهو من يُخْفِي الكفرَ ويُظْهِرُ الإسلامَ (وأهلُ مِلَّتَيْنِ) فلا يرثُ مسلمٌ من كافرٍ ولا عكسُهُ ويرثُ الكافرُ الكافرَ وإن اختلفتْ مِلَّتاهُما كيهودِيٍّ ونصرانيٍّ لأنَّ جميعَ مِلَلِ الكُفْرِ كالْمِلَّةِ الواحدةِ، نعم لا يَرِثُ حربيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ وعكسُه لاختلافِ الذِّمَّةِ والحَرَابَةِ وهو كالاختلافِ في الْمِلَّةِ في مَنْعِهِ الإرثَ.

  ثم العَصَبَةُ ثلاثةُ أنواعٍ عصبةٌ بالنَّفْسِ وعصبةٌ بالغيرِ وعصبةٌ معَ الغيرِ وأُرِيدَ بالعصبةِ مَنْ ليس له حالَ تعصِيبِهِ قوله (حالَ تعصيبه) أي لإدخالِ الأختِ والبنتِ فإنَّ لهما الفرضَ فقط عند عدمِ التعصيب وفي حالِ التعصيبِ أي في حالِ كونِ الأختِ مع الأخِ والبنتِ مع الابنِ لا يكونُ لهما فرضُ بالمرة مِن جهةِ تعصيبِهِ قوله (من جهةِ تعصيبِهِ) أي لأدخالِ مسئلةِ الأبِ والجدِّ مع البنت فإنَّ للأبِ أو الجدِّ حالَ التعصيبِ معها سهمٌ وفرضٌ مقدَّرٌ مِن غيرِ جهةِ التعصيبِ وهو السدسُ ويأخذُ الباقي تعصيبًا فيرثُ بالفرضِ والتعصيبِ ولا يُخرجه ذلك عن كونه عصبة. وكذا الجدُّ مع الأختِ فإنه يرثُ السدسَ بالفرضِ وما يُكملُ به الثلثينِ تعصيبًا سهمٌ مُقَدَّرٌ مِنَ الْمُجْمَعِ على توريثِهِم الذين سبقَ بيانُهم فيرِثُ التركةَ كُلَّها غذا انفردَ ويرثُ ما فضلَ بعد الفروضِ إن كانَ معه ذو فرضٍ. وأما العصَبةُ بالغير فهي كلُّ أُنْثَى عَصَّبَهَا ذَكَرٌ وهُنَّ البناتُ وبناتُ الابنِ والأخواتُ فترث الأخواتُ والبناتُ مع إخوتِهِنَّ وبنات الابن مع أبناء الأبناء أي إخوتهِنَّ وأبناء عمومتهِنَّ ولو كانوا أنزل منهن بالتعصيبِ للذَّكَرِ مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ وتستثنى الأخواتُ للأُمِّ مع أخيهنَّ فإنه لا يُعَصِّبُهُنَّ. والعَصَبَةُ معَ الغيرِ هي كلُّ أُنْثَى عَصَّبَها اجتماعُها مع أُخْرَى وهُنَّ الأخواتُ لا لأُمٍّ مع البناتِ أو بناتِ الابنِ أو مع النوعَيْنِ فيرِثْنَ الباقي بعدَ فرضِ البناتِ وبناتِ الابنِ.

  (وأقربُ العصباتِ) بالنفسِ (الابنُ ثم ابنُهُ ثم الأبُ ثم أَبُوهُ ثم الأخُ للأبِ والأمِّ) ظاهرُهُ تقديمُ الجَدِّ على الأخ الشقيقِ وهو قولٌ مرجوحٌ والراجحُ أنهما في مرتبةٍ واحدةٍ ومثلُ الأخِ الشقيقِ الأخُ لأبٍ فإنَّه مع الجدِّ في مرتبةٍ واحدةٍ مِنَ الميتِ (ثم الأخُ للأبِ) فيحجبُهُ الأخُ الشقيقُ قوله (فيحجبه الأخ الشقيق) لكن ينبغي الانتباهُ أنه إن وُجِدَ الجدُّ والأخُ الشقيقُ مع الأخِ للأبِ عُدَّ الأخُ للأبِ على الجدِّ أي يُعَدُّ كأنه وارثٌ عند حسابِ حصةِ الجدِّ لكنه لا يرثُ في الحقيقةِ بل يحجبُهُ الأخُ الشقيقُ (ثم ابنُ الأخِ للأبِ والأمِّ ثم ابنُ الأخ للأب ثم العمُّ على هذا الترتيبِ ثم ابنُهُ) أي فَيُقَدَّمُ العمُّ للأبوين ثم للأبِ ثم بنوهُما كذلك ثم يُقَدَّمُ عمُّ الأبِ من الأبوين ثم مِنَ الأبِ وهكذا. (فإذا عُدِمَتِ العَصَبَاتُ) مِنَ النَّسَبِ والميتُ عتيقٌ (فالْمَولَى الْمُعْتِقُ) يرثُهُ بالعُصُوبَةِ ذكرًا كان المعتِقُ أو أنثَى فإنْ لم يوجَدْ للميت عصبةٌ بالنسبِ ولا عصبةٌ بالوَلَاءِ فمَالُهُ لبيتِ المالِ إن وٌجِدَ مستقيمًا وإلا رُدَّ الباقي على أهلِ الفُرُوضِ غيرَ الزوجينِ فإن لم يَكُنْ هناك مَن يُرَدُّ عليه وَرِثَ ذَوُو الأرحامِ.