(فصلٌ) في أنواع الدماءِ الواجبة في الإحرام بالنُّسُكِ الصادق بالـحجِّ والعمرةِ وكليهما معًا.
ولزومُ الدمِ يكونُ إما بتـركِ واجبٍ أو فعلِ حرامٍ كما تقدَّمَ كثيـرٌ من ذلك. (والدماء) الواجبةُ (في الإحرام خمسةُ أشياء أحدُها الدمُ الواجبُ بتـرك نُسُكٍ) أي بتـركِ مأمورٍ به أي واجبٍ كتـركِ الإحرامِ مِنَ الـميقات ومثلُهُ دمُ التمتُّعِ زدمُ فواتِ الوقوفِ بعرفةَ (وهو) أي هذا الدمُ (على التـرتيب) والتقديرِ والتـرتيبُ هو ما لا يُنتقل فيه إلى خَصلةٍ إلا إذا عجز عن التي قبلها وأما التقديـرُ فهو ما قدَّرَ الشارعُ ما يُعْدَلُ عن الشاة إليه بـما لا يزيد ولا ينقص ومقابل الأول التخييـر ومقابلُ الثاني التعديلُ وهو أن يُعدِّلَ الدَّمَ بالقيمةِ ويُـخرِجَ بـها طعامًا فيجب أولًا بتـركِ الـمأمورِ به (شاةٌ) تُـجْزِئُ في الأُضِحِيَّةِ (فإذا لـم يـجدْ)ها أصلًا أو وجدها بزيادة على ثـمن مثلها (فصيامُ عشرةِ أيامٍ) يُفَرِّقُ بينها ثـم إنْ كانَ الـمتـروكُ الإحرامَ منَ الـميقاتِ أو كان دمَ تـمتعٍ صامَ وجوبًا (ثلاثةَ) أيامٍ (في الـحجِّ) ويُسَنُّ كونُـها متتابعةً وقبل يوم عرفةَ فيصوم مثلًأ سادسَ ذِي الـحِجَّةِ فيتعيَّـنُ أن يصومَ السابعَ والثامنَ والتاسعَ متتابعةً لضيقِ الوقتِ (وسبعةً) يُندَبُ تتابعُها (إذا رَجَعَ إلى أهلِه) ووطنهِ ولا يـجوزُ صومُها في أثناءِ الطريق فإن أراد الإقامةَ بـمكةَ صامها فيها وفَرَّقَ بيـن الثلاثة والسبعة بالعيد وأيام التشريق. ولـو لـم يَصُمِ الثلاثةَ في الـحجِّ ورجع لزمه صومُ العشرة وفرَّقَ بيـن الثلاثةِ والسبعةِ بأربعةِ أيام ومدةِ إمكانِ السَّيْـرِ إلى الوطنِ على العادةِ الغالبةِ.
(والثاني الدمُ الواجب بالـحَلْقِ) والقَلْمِ ولبس الـمُحيط والـمباشرة (والتـرفه) بالتطيب والدَّهْنِ ومثلُ الـحَلْقِ في إيـجابِ الدمِ إزالةُ ثلاث شعراتٍ متوالياتٍ عرفًا وفي الشعرةِ الواحدة أو الظفرِ الواحدِ مدٌّ وفي الثِّنْتَيـن مدان ومثلُها الظُّفرانِ فإذا صار الشعرُ أو الأظفارُ ثلاثةً وجبَ فيها ذبحٌ (وهو) أي هذا الدم (على التخييـر) والتقديـر فيجب إما (شاةٌ) تُـجزئُ في الأضحية (أو صومُ ثلاثةِ أيام أو التَّصدُّقُ بثلاثة ءاصُعٍ على ستةِ مساكيـنَ) أو فقراءَ لكلٍّ منهم نصفُ صاعٍ مِن طعامٍ يُـجزئُ في الفطرة.
(والرابعُ الدمُ الواجب بقتلِ الصيدِ وهو) أي هذا الدمُ (على التخييـرِ) والتعديلِ فيتخيَّـرُ بيـن ثلاثة أمور (إن كان الصيد مِـمَّا له مِثْلٌ) من النَّعَمِ يُقارِبُه في الصورة (أخرجَ الـمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ) أي يذبح الـمِثل من النَّعَم ويتصدَّق به على مساكيـن الـحرم وفقرائه فيجبُ في النعامة بدنةٌ وفي بقر الوحش وحماره بقرةٌ وفي ظبيِّ تيسٌ وفي طبيةٍ عنزٌ وفي غزالٍ صغيـرٍ معزٌ صغيـرٌ (أو قوَّمَهُ) أي الـمِيْلَ بقيمةِ مكةَ يومَ الإخراجِ (وأخرجَ بقيمتِه طعامًا) من جنسِ ما يُـجزِئُ في الفطرة (وتصدَّق به) على مساكيـنِ الـحَرَم وفقرائِه أي الـموجوديـنَ فيه ولو لـم يكونوا مُقيميـنَ فيه (أو صام عن كلِّ مدٍّ يومًا) فإن بَقِيَ أقلُّ من مُدٍّ صام عنه يومًا كاملًا لأن الصوم لا يتبعَّضُ. (وإن كان الصيدُ مِـمَّا لا مِثْلَ له) فإن كان فيه نَقْلٌ كالـحمام فإنَّ فيها شاةٌ فيُتَّبَعُ وإلا (أخرجَ بقيمتِه طعامًا) وتصدَّقَ به (أو صام عن كلِّ مدٍّ يومًا) فإن بَقِيَ أقلُّ من مدٍّ صام عنه يومًا.
(والـخامس الدمُ الواجبُ بالوَطءِ) أي بالـجماعِ وهو على الرجلِ لا الـمرأة غذا كان عاقلًا عامدًا عالـمًا بالتحريـم مـختارًا سواء جامَعَ في قبلٍ أم دبُرٍ كما سبقَ (وهو) أي هذا الواجبُ (على التـرتيبِ) فهو دمُ ترتيبٍ وتعديلٍ فيجبُ به أولًا (بَدَنَةٌ) وتُطلق على الذكر والأنثى مِنض الإبلِ وشرطُها أن تكونَ في سنِّ الأضحيةِ أي دخلت في السَّنَةِ السادسةِ (فإن لـم يـجد)ها (فبقرةٌ) أي ثَنِيَّةٌ تـجزئُ أُضْحِيَّةً (فإن لـم يـجدها فسبعٌ مِنَ الغنمِ) وهي جذاعٌ إن كانت ضَأنًا وثَنِيَّاتٌ إن كانت مَعزًا (فإن لـم يـجد) الغنمَ (قَوَّمَ البدنة) بسعرِ مكةَ وقتَ الوجوب (واشتـرى بقيمتِها طعامًا) مـجزِئًا في الفطرة (وتصدَّق به) على مساكيـنِ الـحرمِ وفقرائِهِ وحيثُ أُطلِقَ أحدُهُـما في هذا الباب أُرِيد به الآخَرُ أيضًا والـمُراد بـهم مَنْ هُـم في الـحَرَمِ وإن لـم يستوطنوه. ولا تقديرَ في الذي يُدفع لكل فقيـر. ولـو تصدَّقَ بالدراهم لـم يُـجْزِهِ. ولا يشتـرطُ الشراء بل لـو كان عنده الطعام فتصدَّق به كفَى (فإن لـم يـجد) طعامًا (صام عن كلِّ مُدٍّ يومًا). ثـمَّ الهَدْيُ أي ما أُهْدِيَ إلى مكةَ مِنَ النَّعَمِ لِيُنْحَرَ على قسميـن أحدُهـما ما كان عن إحصارٍ وهذا لا يـجب بعثُهُ إلى الـحرَمِ بل يُذبحُ في موضعِ الإحصار والثاني الـهَدْيُ الواجبُ بسببِ تركِ واجبٍ أو فِعْلِ حرامٍ (و)يَـختصُّ ذبـحُه بالـحَرَمِ ويُصرفُ لفقرائِه ومساكينِهِ لا غيـر أي أنه (لا يـجزئُه الـهَدْيُ ولا الإطعامُ) عندئذٍ (إلا بالـحرمِ). وأقلُّ ما يُـجزِئُ أن يدفعَ الـهَدْيَ إلى ثلاثةِ مساكيـنَ أو فقراءَ (ويُـجزِئُه أن يصومَ حيثُ شاءَ) مِن حَرَمٍ أو غيـرِه.