الخميس ديسمبر 12, 2024

(وسُنَنُ الـحجِّ سبعٌ) أحدُها (الإفرادُ وهو تقديـمُ الـحج على العمرةِ) بأن يُـحرمَ أولًا بالـحج من ميقاتِه ويفرُغُ منه ثـم يـخرجَ من مكة إلى أَدْنَى الـحلِّ فيُحرمَ بالعمرةِ ويأتِيَ بعملِها قبل نـهايةِ شهرِ ذي الـحِجَّةِ فهذا أفضلُ مِنَ القرانِ والتمتُّعِ ويَلِيهِ في الأفضليةِ التمَتُّعُ بأن يعتمرَ فِي أشهر الـحج ثـم يـحجَّ وَيَلِيهِ القِرانُ بأن يُـحْرِمَ بـهما معًأ وعلى كلٍّ مِنَ التمتمتع والقارن دمٌ إن لـم يكونا من حاضرِي الـحَرَمِ وهـم مَنْ مَسكنهم دونَ مرحلتيـن مِن حرم مكةَ شَرَّفَها الله.

  (و) الثاني (التَّلبيةُ) ويُسَنُّ الإكثارُ منها في دوامِ الإحرامِ ويرفعُ الرَّجُلُ صوتَه بـها وتُسِرُّ الـمرأةُ بـحضرةِ الرِّجالِ الأجانبيِ ولفظُها لبَّيْكَ اللهم لبَّيْكَ قوله لبَّيْكَ أي لزومًا لطاعتك أي أطيعُك طاعةً بعد طاعة قال فِي مـختار الصَّحاح نُصِبَ على الـمصدرِ كقولك حـمدًا للهِ وشكرًا وكان حقُّهُ أن يُالَ لَبًّا لكَ وَثُـنِّيَ على معـنَى التأكيدِ أي إلبابًا بك بعد إلبابٍ وإقامةً بعدَ إقامة اهـ لبَّيْكَ لا شريك لك لبَّيْكَ إنَّ الـحمدَ والنعمة لك والـمُلك لا شريكَ لك. وإذا فرغَ من التلبيةِ ثلاثًا صَلَّى على النبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وسأل اللهَ تعالى الـجنة ورضوانه واستعاذ بهِ منَ النار.

  (و) الثالثُ (طوافُ القُدوم) وهو مندوبٌ تـحيَّةً للبيتِ لغيـرِ متمتِّعٍ ومَكِّيٍّ هو ما عَبَّـرَ به الـمجموعُ وغيـرُهُ ومعتمِرٍ فيختصُّ بغيـرِ هؤلاءِ مِن حلالٍ وحاجٍّ دخل مكة قبل الوقوف بعرفة قال بعضهم أو بعدَهُ قبل منتصفِ الليلِ لأنَّ طوافَ الإفاضةِ يدخل وقتُهُ بمنتصفِ الليل اهـ أما الـمُعْتَمِرُ فيطوفُ لفرضِ العمرةِ ويـجزئه عنه وعنِ القدومِ وأما الـحاجُّ الذي وقفَ بعـرفةَ ثـم دخلَ مكةَ بعد منتصفِ الليلِ فيطوفُ للإفاضةِ.

  (و) الرابعُ (الـمبيت بـمزدلفة) ليلةَ النحرِ والـمرادُ به كونُهُ فِي أرض مزدلفة بعد منتصفِ ليلةِ النحر ولو لحظةً وَعَدُّهُ من السنن هو ما يقتضيه كلامُ الرَّافعيِّ والأظهرُ الذي عليهِ النوويُّ أنه واجبٌ ففي تركه دمٌ.

  (و) الـخامسُ (ركعتا الطواف) بعد الفراغ منه والأحسنُ أن يصليَهما خلفَ مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام ففِي الـحِجْرِ ففِي الْمسجد ففِي أي موضع شاء مِنَ الـحرم وغيـره، ويُسِرُّ بالقراءة فيهما نـهارًا ويـجهر ليلًا.

  (و) السادسُ (الـمبيت بِـمِـنًى) ليالِيَ التشريق الثلاثة أي أن يكون في أرض مِـنًى معظمَ ليالي التشريق الثلاثة لكن إن نَفَرَ مِن مِنًى قبل مغيبِ شمسِ اليومِ الثاني من أيام التشريقِ سقطَ مبيتُ الليلةِ الثالثةِ ورَمْيُ يومِها. وعدَّ الـمصنفُ هذا الـمبيتَ سنةً بناءً على ما صحَّحَهُ الرافعيُّ لكن صحَّحَ النووي فِي زيادة الروضة الوجوبَ.

  (و) السابعُ (طواف الوداعِ) عندَ إرادةِ الـخروج مِن مكَّةَ لسفرٍ حاجًا كان أو لا طويلًا كانَ السفرُ أو قصيـرًا. ولا يـجبُ على حائضٍ ولا نفساءَ. ولا وداعَ على مَن خرجَ لغيـرِ منزِلِهِ فِي سفرٍ قصيـرٍ بقصدِ الرجوعِ إلى مكةَ لفعلِهِ. وما ذكرَهُ الـمصنفُ مِن سُنِّيَّتِهِ قولٌ مرجوحٌ وبناءً عليه يُندَبُ في حقِّهِ الدَّمُ إن تركَهُ والأظهرُ وُجُوبُه أي أنَّ الأظهرَ ِمِن قَوْلَيِ الشافعيِّ رحمه الله وجوبُ طوافِ الوداعِ كما نصَّ عليهِ في القديـم والـجديد فإنْ تركَهُ عصَى ولزمه العودُ لفِعْلِهِ ما لـم يبلُغْ مسافةَ القصرِ فإن بلغها لـم يـجبِ العودُ ولزمَهُ الدَّمُ. وينبغي أن يقعَ هذا الطوافُ بعدَ جـميعِ الأشغالِ وأن يعقُبَهُ الـخروجُ بلا مُكْثٍ فإن فعلَهُ ثُـمَّ مكثَ نُظِرَ فإن كان لعذرٍ كإكراهٍ أو لاشتغالٍ بأسبابِ الـخروجِ كشراءِ الزادِ وشدِّ الرَّحلِ ونـحوِهِـما لـم يـحتجْ لإعادته وإن كانَ لغيـرِ عذْرٍ أو لِشُغلٍ غيـرِ أسبابِ الـخروجِ كشراءِ متاعٍ أو قضاءِ دَيْنٍ أو زيارةِ صديقٍ أو عيادةِ مريضٍ لزمَهُ إعادةُ الطوافُ.

  (ويتجـرَّدُ الرجلُ) أيِ الذَّكَرُ وجوبًا (عند) إرادة (الإحرام عن الـمَخِيط) بالـخاءِ الـمعجمةِ مِنَ الثياب ومنسوجِـها ومعقودِها وعنِ الـمخيطِ مِن غيـر الثياب مِن خفٍّ ونعلٍ ولـو عَبَّـرَ بالـمُحِيطِ بالـمهملة لكان أحسنَ (ويلبس) ندبًا (إزارًا ورداء أبيضيـن) جديدَيْنِ وإلا فنظيفَيـنِ.