بَيَانُ أَهَمِّيَّةِ عِلْمِ التَّوْحِيدِ
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد طه الأمين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إلـٰـه إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ندَّ ولا زوجة ولا ولد له، ولا شبيه ولا مثيل له، ولا جسم ولا حجم ولا جسد ولا جثة له، ولا صورة ولا أعضاء ولا كيفية ولا كمية له، ولا أين ولا جهة ولا حيّز ولا مكان له، كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، {فَلَا تَضْربُواْ للهِ الْأَمْثَالَ} [سورة النحل: 74]، {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [سورة النحل: 60]، تنزّه ربي عن الجلوس والقعود، وعن الحركة والسكون، وعن الاتصال والانفصال، لا يحلّ فيه شيء، ولا ينحلّ منه شيء، ولا يحلّ هو في شيء؛ لأنّه ليس كمثله شيء، مهما تصورت ببالك فالله لا يشبه ذلك، ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر. وأشهد أنَّ حبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله، ونبيه وصفيه وحبيبه وخليله ﷺ وعلى كلِّ رسول أرسله. الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا حبيب الله، الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا عظيم الجاه، ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا، أدركنا وأغثنا وأنقذنا بإذن الله يا رسول الله، أما بعد عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السرِّ والعلن، ألا فاتقوه وخافوه، يقول الله في القرءان الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران: 102]، ويقول الله : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء: 25]، وقال I: {وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ} [سورة البقرة: 163]، وقال تقدست أسماؤه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [سورة محمد: 19]، وقد بوَّب البخاري رحمه الله تعالى وعنوَنَ في صحيحه لهذه الآية فقال: باب العلم قبل القول والعمل، وفي هذه الآية قدَّم القرءانُ الأصلَ على الفرع، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّـهُ} [سورة محمد: 19]؛ فالإيمان والتوحيد أصل وأساس وهو الحصن الحصين والركن الركين الذي بدونه لا يقبل العمل الصالح، ولذلك قال رسول الله ﷺ: «أَفْضَلُ الأَعْمَالِ إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ»، وهذه الأفضلية المطلقة، فأفضل الأعمال على الإطلاق الإيمان بالله ورسوله، فهو أفضل من الصلاة والصيام والزكاة والحج، وأفضل من قراءة القرءان والصدقات والذكر، وذلك لأنَّ الإيمان شرطٌ أساسٌ لا بد منه لقبول الأعمال الصالحة، وقد قال ربنا في القرءان الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} [سورة البقرة: 277]، فالإيمان أولًا، وفي ءاية أخرى قال: {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} [سورة الإسراء: 9]، وقال ﷺ: «أفضل الأعمال إيمانٌ لا شكَّ فيه»، فإذا دخل عليه الشكُّ أفسده وأبطله، فلا يعود ولا يبقى الإنسان مؤمنًا إن شكَّ في وجود الله تعالى أو في صدق الرسول ﷺ أو في حَقّيَّة الإسلام، أو شكَّ في تنزيه الله، فهذا لا يكون من المسلمين، لذلك قال ربّنا في صفة المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءاَمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ} [سورة الحجرات: 15]، أي: لم يشكوا لأنَّ الإيمان إذا دخل عليه الشك أفسده؛ من هنا كان الواجب والفرض اللازم المؤكد الأول الإيمان بالله ورسوله، وهذا منهجٌ نبويٌّ وليس منهجًا مستحدثًا اليوم، وليس فكرةً ابتدعناها من عند أنفسنا وأخرجناها من جيوبنا، إنما هذا هو المنهج الذي جاء به محمد وعلَّمه ﷺ لصحابته وأمته.
وقد ثبتَ في الصَّحيح أنَّ أهل اليمن جاؤوا إلى رسول الله ﷺ فقالوا له: «يا رسول الله، جئناك لنتفقه في الدين، فأنبئنا عن بدء هذا الأمر ما كان»، فكان سؤالهم عن أول المخلوقات، أي: عن أول هذا العالم وجودًا، وهو سؤالٌ مهم، إلا أن رسول الله ﷺ أجابهم عما هو أهم، أجابهم عن الْأَوْلَى فقال ﷺ: «كان الله ولم يكن شيء غيره»، أي: في الأزل لم يكن إلا الله، لا سماء ولا أرض ولا هواء ولا ماء ولا عرش ولا فرش، لا خلاء ولا ملاء، قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ} [سورة الحديد: 3]، فعلمهم الرسول ﷺ ذلك وأكده عليهم مع أنهم يعتقدونه؛ لأنهم كانوا من المسلمين ويعرفون التنزيه، مع هذا علَّمَنا المنهج، سألوا عن مهم فأجابهم عن أهم. وقوله ﷺ: «كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ»، يعني: أن الله أزلي، أي: أن الله لا مكان له فلا يسكن السماء ولا يجلس على العرش، لليس في جهةٍ واحدةٍ ولا في كل الجهات، فهو تعالى لا يحتاج إلى الأماكن أزلًا وأبدًا، هذا هو المنهج النبوي، وهذا تعليم الرسول ﷺ للأمة. ثم قال ﷺ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الـمَاءِ»، أي: أنَّ الماء هو أول العالم حدوثًا ووجودًا، ثم بعد ذلك خُلِقَ العرشُ.
وانظر أخي القارئ إلى ما قاله حذيفة رضي الله عنه وأرضاه: «إنا قومٌ أوتينا الإيمان قبل أن نؤتى القرءان»، رواه البيهقي في السنن الكبرى وسعيد بن منصور في سننه. وقال سيدنا جندب بن عبد الله t: «كنا غلمان حزاورة مع رسول الله فيعلمنا الإيمان قبل القرءان ثم يعلمنا القرءان فازددنا به إيمانًا»، رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجه في سننه والبيهقي في السنن الكبرى والبوصيري في زوائد ابن ماجه وقال: «إسناده صحيح». هذا هو المنهج النبوي الصحيح.
ورُوي عن عبد الله بن عمر t أنه قال: «كنا نتعلم التوحيد قبل أن نتعلم القرءان، وأنتم الآن تتعلمون القرءان ثم تتعلمون التوحيد»، وقول عبد الله بن عمر t هذا كان خطابًا للذين كانوا في زمانه، فكيف بكثير من أهل زماننا اليوم الذين أعرضوا عن تعلم علم التوحيد والعقيدة، وهذا هلاك كبير. وفي قوله t: «كنا» يشير إلى نفسه وإلى غيره من الصحابة، وفيه إشارةٌ إلى أن الصواب هو ما كانوا عليه، فهذا تأكيد منه t على أهمية علم التوحيد.
وانظر رحمك الله إلى ما صنفه التابعي الجليل الإمام العظيم أبو حنيفة النعمان t من رسائل في هذا العلم الشريف، فقد ألَّف في علم التوحيد خمس رسائلَ، وقال في كتابه «الفقه الأبسط»: «الفقه في الدين أفضل من الفقه في الأحكام»، يعني: أن تتعلم أصول العقيدة أفضل من تعلم الأحكام الفرعية. وهذا الإمام أبو حنيفة بلغ درجة الاجتهاد المطلق، ثم إنه كان تلميذ الصحابة، وأخذ العلمَ عن قريب المائة تابعي، فتأمل.
فهذا ما جاء في القرءان وما جاء في الحديث وما ورد عن الصحابة والتابعين. وقد سلك العلماء بعد التابعين مسلك من قبلهم، فانظر إلى ما جاء في كتاب «الفتاوى البزازية» أو الجامع الوجيز في مذهب أبي حنيفة للعلامة محمد بن محمد شهاب الدين يوسف الكردي البزازي الذي كان من علماء القرن التاسع الهجري، فقد قال رحمه الله: «تعليم صفة الخالق مولانا Y للناس وبيان خصائص مذهب أهل السُّنَّة والجماعة من أهم الأمور، وعلى الذين تصدروا للوعظ أن يلقنوا الناس في مجالسهم وعلى منابرهم ذلك، هذا الأصل في المجالس وعلى المنابر، هذا الأصل». وانظروا إلى ما قاله الفقيه الشافعي أبو حامد الغزالي في كتابه قواعد العقائد بعد أن تكلم عن مبحث الصفات والعقيدة والتنزيه والتوحيد: «اعلم أنَّ ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم للصبي في أول نشأته ليحفظه حفظًا»، والصبي هو من كان دون البلوغ.
فأين الذين ينتقدون أهل الحق ويعترضون عليهم في تكرارهم لأمور العقيدة من هذا الكلام؟ عمَّ الجهل وطمَّ وانتشر الفساد، وصار أهل السُّنَّة والجماعة كاليتيم الذي لا كافل له، فتخيل أخي القارئ يتيمًا لا كافلَ له كيف يكون حاله وأمره.
ومن مسائل علم العقيدة معرفة صفات الله تعالى الواجبة له إجماعًا وهي الصفات الثلاث عشرة التي لطالما تكرَّر ذكرها في مصنفات العلماء، ولما تكرَّر ذكرها في القرءان والحديث ونصوص العلماء قال العلماء: «يجب معرفتها وجوبًا عينيًّا» على كل مكلف، والوجوب في هذه المسألة هو معرفة معناها لا أن تُحفظ عين الألفاظ، وهذا سهل – أي: اعتقاد المعنى – فهذا فرضٌ على كل مكلفٍ، وممن ذكر ذلك أبو حنيفة الذي هو من أئمة السلف وممن بعده السنوسي، وكذلك محمد الفضالي الشافعي وعبد المجيد الشرنوبي المالكي، وكذلك جمال الدين الخوارزمي، ومحيـي الدين النووي في كتابه «المقاصد»، ومفتي لبنان الأسبق الشيخ عبد الباسط بن علي الفاخوري في كتابه «الكفاية لذوي العناية» وغيرهم من العلماء.
وصفات الله الثلاث عشرة الواجبة له إجماعًا هي:
الوجود: فالله تعالى يستحيل عليه تعالى العدم، موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا جهة ولا مكان، {أَفِي اللهِ شَكٌّ} [سورة إبراهيم: 10]، أي: لا شكَّ في وجوده سبحانه، ووجوده تعالى أزلي أبدي ليس كوجودنا الحادث، فوجودنا بإيجاد الله لنا.
الوحدانية: أي: أنَّ الله تعالى واحدٌ لا شريك له، فهو تعالى واحدٌ في ذاته وصفاته وفعله؛ قال عزَّ من قائل: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [سورة الإخلاص: 1].
القيام بالنفس، أي: أنه تعالى مستغنٍ عن كلِّ ما سواه، وكلُّ ما سواه محتاج إليه، فالعالم بما فيه لا يستغني عن الله طرفة عين، قال : {اللَّهُ الصَّمَدُ} [سورة الإخلاص: 2].
القِدَم، بكسر القاف وفتح الدال، أي: الأزلية، أي: أنَّ الله تعالى لا ابتداء لوجوده، فيستحيل عليه تعالى الحدوث؛ قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ} [سورة الحديد: 3].
البقاء، أي: أنَّ الله تعالى لا نهاية لوجوده، لا يفنى ولا يبيد ولا يهلك ولا يزول فيستحيل عليه الفناء، قال Y: {وَالْآخِرُ} [سورة الحديد: 3].
القدرة، وهي صفة أزليةٌ أبدية يؤثر الله بها في الممكنات، فيستحيل عليه تعالى العجز، قال تعالى: {وَكَأنَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} [سورة الكهف: 45].
الإرادة، أي: المشيئة، وهي تخصيص الممكن العقلي ببعض ما يجوز عليه دون بعض وبصفةٍ دون أخرى، فيستحيل حصول شيء خلاف مشيئته تعالى، قال الله : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة التكوير: 29].
السمع، فالله تعالى يسمع كلَّ المسموعات بدون أذن ولا ءالةٍ أخرى، فيستحيل عليه تعالى الصمم، قال تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ} [سورة الشورى: 11].
البصر، فالله تعالى يرى جميع المرئيات بدون حدقةٍ ولا ءالةٍ أخرى، فيستحيل عليه تعالى العمى، قال تعالى: {الْبَصِيرُ} [سورة الشورى: 11].
الكلام، أي: أنَّ الله متكلم بكلام ليس حرفًا ولا صوتًا ولا لغةً، وما نجده في القرءان من ألفاظٍ عربيةٍ إنما هو عبارةٌ عن كلام الله الذاتي الأزلي وليس عين الصفة القائمة بذاته الكريم، قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [سورة النساء: 164].
الحياة، فالله تعالى حيٌّ يستحيل عليه تعالى الموت، وحياته ليست بروح ودم عصب، قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُومُ} [سورة البقرة: 255].
العلم، أي: أنَّ الله تعالى عالمٌ بكل شيء، فهو تعالى يعلم الممكن ممكنًا والمستحيل مستحيلًا والواجب واجبًان فيستحيل عليه تعالى الجهل، قال عزَّ من قائل: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سورة الحديد: 3]، وعلمه تعالى أزليٌّ أبدي لا يزيد ولا ينقص ولا يتجدد.
المخالفة للحوادث، أي: أنَّ الله تعالى لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا بأي وجهٍ من الوجوه، ولا بأيِّ صفةٍ من الصفات، يقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: 11]. وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي: «ومن وصف الله بمعنى من ماني البشر فقد كفر».
هذه عقيدة كل المسلمين، عقيدة جميع الأنبياء والرسل، عقيدة الصحابة وءال البيت، وعقيدة السلف والخلف، وعقيدة أكابر الصوفية، فمن شكَّ أو توقَّف أو أنكر صفة من صفات الله فهو كافرٌ بالله تعالى كما ذكر ذلك أبو حنيفة t، وقال سيدنا عليٌّ t: «من زعم أنَّ إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود»، ومن جهل الله كان كافرًا به. وقد قال سيدنا علي بن إسماعيل أبو الحسن الأشعري: «الجهل بالله كفر به»، فالذي ينسب لله الحدَّ صغيرًا كان أم كبيرًا أو ينسب لله الكمية أو الجسم أو الشكل أو الصورة أو الهيئة ليس مسلمًا. وقد نقل الإمام عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي أبو منصور في كتابه «تفسير الأسماء والصفات» الإجماع على كفر المجسمة وعلى كفر القدرية الذين يكذبون بالقدر.
وبعد كلِّ ما نقلناه من ءاياتٍ قرءانية وأحاديث نبويةٍ وأقوالٍ للعلماء كيف يسعنا السكوت عن تعليم الناس أمور دينهم أو أن نقصِّر في نشر علم التوحيد والتنزيه الذي هو الأصل والأساس.
وأختم بما قاله الرازي في كتابه «مناقب الشافعي»، قال رحمه الله: «من أنكر وذمَّ وأبغض علم الكلام – يعني: أصول العقيدة – فهو كافر»، وهذا نصٌّ صريحٌ من الإمام الرازي في تكفيره؛ بل وزاد قائلًا: «كافر لا يعرفُ اللهَ ولا يعرف الرسولَ ولا اليوم الآخر، وهو على دين ءازر»، أي: مشرك بالله، فهاك ما قاله الرازي فيمن يذم علم التوحيد علم العقيدة والتنزيه، فلا تلتفتوا إلى الغوغاء الـمُرْجِفين الذين يهولون الأمر ويقولون: «لا تتكلموا في التوحيد، لا تتكلموا في العقيدة، العلماء ذموا علم الكلام»، قولوا لهم: كذبتم، العلماء ذموا المعتزلة والمجسمة والقدرية والمرجئة وأهل الأهواء، أما علم التوحيد فقد قال فيه الشافعي: «أحكمنا ذلك قبل هذا»، أي: أتقنّا علم التوحيد قبل علم الفقه والفروع. هذا الشافعي وهذا أبو حنيفة وهذا حذيفة وهذا جندب وهذا عبد الله بن عمر وهذه الأحاديث وهذا الإجماع الذي نقله العلماء على أهمية تعلم علمِ العقيدةِ علمِ الكلام الذي اشتغل به علماء أهل السُّنَّة والجماعة، فماذا يريد المعارضون بعد ذلك؟
تمكنوا في علم التوحيد، تمكنوا في علم العقيدة، فإنَّ من لم يعرف التنزيه والتوحيد لم يعرف الله، ومن لم يعرف الله ليس من المسلمين، ومن لم يكن مسلمًا لا تصحُّ منه صلاة ولا صيام ولا حج، ومن مات على غير الإسلام فإنه يخلد في النار، اللَّهُمَّ إنّا نسألك العفو والعافية في الدّين والدّنيا والآخرة.
والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم وبارك على أشرف المرسلين سيدنا محمدٍ ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدّين.