إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد ولا ند له وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه صلى الله عليه صلاة يقضي بها حاجاتنا ويفرج بها كرباتنا ويكفينا بها شر أعدائنا وسلم عليه وعلى آله سلاما كثيرا .
أما بعد فيا عباد الله أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله العلي العظيم ، يقول الله في محكم التنـزيل :
” وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ” ” وأنّ سعيه سوف يرى “ سورة النجم 39 – 40 ، ويقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم :” إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ( أي لا يستطيع الجواب ) ” ثم يقول يا فلان ابن فلانة المرة الثانية فإنه يستوي قاعدًا ، ثم ليقل يا فلان ابن فلانة المرة الثالثة فإنه يقول :” أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تسمعون ” وفي لفظ ” فليقل له اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرءان إماما ” الحديث .
قبض الروح ثم المغتسل ثم الكفن ثم النعش محمولاً على الأكتاف ثم صلاة الجنازة وتحمل بعد ذلك إلى الدفن، هي ساعات أو دقائق أو أقل تمضي على كل واحدٍ منا ثم ينتهي به الأمر إلى القبر ترى أليس الكيس الفطن الذكي من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، بلى والله .
يروى أنه كان في زمن عمر بن الخطاب شاب متعبد قد لزم المسجد وكان عمر معجبًا به وكان له أب شيخ كبير فكان إذا صلى العتمة انصرف إلى أبيه وكان طريقه على باب امرأة فافتتنت به فكانت تنصب نفسها له على طريقه فمر بها ذات ليلة فما زالت تغويه حتى تبعها فلما أتى الباب دخلت وذهب يدخل فتذكر قول الله تعالى “إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ” فوقع على الأرض مغشيًا عليه ، فدعت المرأة جارية لها فتعاونتا عليه فحملتاه إلى بابه فخرج أبوه الشيخ يطلبه فإذا به على الباب مغشيًا عليه فدعا بعض أهله فحملوه فأدخلوه فما أفاق حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فقال له أبوه ما لك ؟ قال خير قال فإني أسألك ، فأخبر بالأمر قال أي بني وأي آية قرأت فقرأ الآية التي قرأ “ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان فإذا هم مبصرون ” فخرّ مغشيًا عليه فحركوه فإذا هو ميت فغسلوه وأخرجوه ودفنوه ليلا فلما أصبحوا رفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه فجاء إلى أبيه فعزّاه به وقال ألا آذنتني قال يا أمير المؤمنين كان الليل ، فقال عمر اذهبوا بنا إلى قبره قال فأتى عمر ومن معه القبر فقال عمر مخاطبًا الشاب الذي مات من شدة خوفه من الله ، قال يا فلان ” ولمن خاف مقام ربه جنتان ” فأجابه الفتى من داخل القبر يا عمر قد أعطانيهما ربي عز وجل في الجنة مرتين “.
الصالحون في الجنة لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، هذه الدنيا بالنسبة للآخرة كلا شىء في الجنة قصور من ذهب وفضة ولؤلؤ طول اللؤلؤة ستون ميلا فيها أنهار من عسل مصفى ومن لبن ومن ماء ومن خمر ليس كخمر الدنيا الذي يخبل العقل إنما لذة للشاربين ، كلنا نعرف انه لا بد أن نموت ، بعض الناس إذا ذكرت الموت أمامهم يقولون لك لا نريد سماع هذا فلنضحك ونخرج ، وأنت إن تكلمت أو لم تتكلم عن ذلك ماذا سيحصل لا بد أن يموتوا فلقد صدق الرفاعي رضي الله عنه لما قال لبعض الناس ” كأنكم إلى القبور لا تنظرون وبمن سكنها لا تعتبرون ” أين ءاباؤكم أين أجدادكم أين الذين جمعوا مالا أكثر منكم ، ما معنى أن الدنيا مزرعة الآخرة هل هناك مزارع يزرع فيها قمح فيحصد بطيخ ؟ يزرع بطيخ فيحصد بلوط ؟ لا… حسب ما يزرع يحصد ، وكذلك حسب ما يعمل في الدنيا يلقى في الآخرة إما جنة وإما نار
يا من تمتع بالدنيا وبهجتها |
| ولا تنام عن اللذات عيناه |
أفنيت عمرك فيما لست تدركه |
| تقـول لله مـاذا حـين تلقـاه ؟ !!
|
فمن شغل عمره بطاعة الله وبالدعوة إلى الله ، لما سمع بهذه الأبيات فاضت عيناه بالدموع ماذا يقول من أدمن على فعل الحرام .
اللهم اغفر لنا خطايانا اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض يا رب العالمين . هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ علَى سَيّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّف. عِبادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.