فصل في التحذير من كلمات كفر شاعت على الألسنة
والآن أشرع في بيان بعض الكلمات الكفرية التي شاعت في هذا العصر منها ما شاع في بعض قُرى لبنانية وسورية يقول كثير من أهلها يا زُبّ الله والعياذ بالله تعالى تُسمع من الصغير منهم والكبير حتى إن بعضهم في لبنان ينادي من مكان شخصًا ءاخر موجودًا في الجانب الثاني يا مائة ألف زبّ الله، مثل هذا يحصل في الزبداني وبُقين ومضايا وسرغايا وبلودان من قرى سوريا وفي مجدل عنجر والصويري وغيرهما من قرى البقاع في لبنان، وقد قالت امرأة كبيرة من بلودان لما نهاها شاب درس عندنا في لبنان وهي تقربه قال لها هذا كفر فقالت أليس له ذلك الشئ أي الذكر، وبعضٌ ءاخر في لبنان في البقاع قال أليس هو ذكرًا مِنْ أين يأتي المطر إذن.
وهذه الكلمة الكفرية صريحةٌ في الكفر لا تأويل لها ومع ذلك انتشرت لأن علماء تلك النواحي ساكتون عن التحذير منها كما يجببب ولو فعلوا لكفّ الناس عنها فهل نسكت كما سكتوا ليموت هؤلاء على الكفر تحت دعوى عدم تفريق الصف كما زعم ذلك بعض من يتزَيّى بزيّ المشيخة يقول: هذه الكلمة لها تأويل ويعارض من يقول إنها كفر مع أن اللافظين بها مع كثرتهم لا يفهموم من كلمة الزب إلا الذكر. وكم ضرَّ سكوت أكثر المشايخ عن التحذير منهم كما ضرّ سكوت كثير من علماء دمشق عن تكفير الذين يقولون كلمة يا زب الله. قال لي أحد سكان دمشق ما رأيت خطيبًا ينكر هذه الكلمة ويحذّر منها إلا شيخًا يقال له الشيخ خالد النقشبندي نهى عنها على المنبر في الزبداني وذلك منذ ستين سنة تقريبًا.
وإنا ولله الحمد قد هدمنا كفريات كثيرة في لبنان وفي سوريا. وكان حالهم قبل أن يبين جماعتنا للناس الكفريات التي كانت فاشية بينهم أنّ الواحد كان إذا مرّ في شارع من شوارع بيروت يسمع سب الله تعالى، هذا يقول يلعن ربك وهذا يقول غير ذلك من الكفر حتى إن سائق السيارة إذا تضايق من أحد الركاب كان يقول يلعن ربك ومثلّ هذا كان يقول إذا انزعج من زحمة السير. وكان أحدهم إذا لقيَ صديقه يقول أخت ربك اشتقنا لك أخت ربك أين كنت. وكثيرًا ما كان يجري على ألسنتهم يا ابن الله في مخاطباتِ بعضهم لبعض، وبعون الله جماعتنا مَحَوا هذه الأشياء فالآن لا يُسمع مثل هذا، ومع هذا بعض الناس يقولون عنا يكفّرون العلماء أو يكفّرون الناس وعند الله تجتمع الخصوم.
إلى ديان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
ثم في هذه المسئلة مسئلة تكفير من قال كفرًا أو فعل كفرًا قاعدةٌ عند الفقهاء وهي أن الشخص إذا نطق بكلمة كفرية عامدًا وهو يعرف معناها الذي هو كفرٌ يكفر لو كان هو لا يعتقد معنى ما قاله من الكفر إنما قاله ليضحك الناس أو لِمسايرة بعض الناس أو مازحًا فإنه يكفّر ولا يشترط أن يكون ناويًا وشارحًا صدره بالكفر ومريدًا الانتقال إلى دين ءاخر كما زعم سيد سابق في كتاب “فقه السنة” والهضيبي في كتابه “نحن دعاة لا قضاة” وبئس ما قالا وكلامهما خارج عن كلام علماء الإسلام.
إنما يكون شرح الصدر شرطًا للكفر فيمن أكره على الكفر أما غير المكره فلا يشترط أن يكون شارحًا صدره بل يكفر بمجرد النطق، ولذلك أنزل الله في المكره الآية {مَن كفرَ باللهِ من بعدِ إيمانِهِ إلا مَنْ أُكرِهَ وقلبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمانِ ولكن من شَرَحَ بالكُفرِ صدرًا فعليهِمْ غَضَبٌ منَ الله} [سورة النحل/106] الآية، ومثل سيد سابق قال حسن قاطرجي اللبناني في هذه المسألة.