الخميس يناير 2, 2025

شدّة وجعه صلى الله عليه وسلم في مرضه
إنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم أشدُّ الناس بلاءً ومصائب في الدنيا، والحكمة في ذلك ليضاعف لهم الأجر وليقتدي بهم أتباعهم المؤمنون في الدنيا عند هجوم البلايا والمصائب عليهم، ثم لتعلو درجاتهم ويكثر ثوابهم في الآخرة. وليعلم أنه ليس نزول المصائب في جميع الأحيان علامة هوان عند الله تبارك وتعالى بل قد يكون ذلك علامة خير لأنَّ فيها تكفير سيئات ورفع درجات، يقول النبيّ العظيم صلى الله عليه وسلم:” من يُرد الله به خيرًا يُصب منه” أي يبتليه بالمصائب، ويقول صلى الله عليه وسلم :” ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة” رواه الترمذي.
ويقول ايضًا عليه الصلاة والسلام:” إنَّ عِظم الجزاء مع عِظم البلاء وإنَّ الله تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرّضا ومن سخِط فله السُّخط” رواه الترمذي.
ولذلك كان أنبياء الله تعالى والصالحون هم أشدّ الناس بلاءً في الدنيا، لأن كثرة نزول المصائب الشديدة على الأنبياء والصالحين فيها رفع درجات لهم عند الله تبارك وتعالى.
يقول النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم “: أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل”
ولقد كان النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو اشرف وافضل الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين وسيد الأولين والآخرين أشدّ الأنبياء بلاءً، لذلك لما دخل الصحابي الجليل ابو سعيدٍ الخُدريّ رضي اله عنه على النبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام وكان عليه الصلاة والسلام قطيفٌ وهي كساء له خمل فوضع يدهُ عليه فوجد حرارتها فوق هذه القطيفة, فقال رضي الله عنه :ما اشدّ حُمَّاكَ ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم :” أنَّـا معاشر الأنبياء يُضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجرُ.
ويقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُوعك وعكًا شديدًا( أي يتوجع صلى الله عليه وسلم من شدة الحمى) فمسستهُ بيدي فقلت: يا رسول الله إنك لتُوعَكُ وعكا شديدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” أجل إني أُوعَكُ كما يوعَكُ رجُلانِ منكم”، فقلت : ذلك أنَّ لك أجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أجل”، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ما من مسلم يُصيبه أذى ، مرضٌ فما سواه إلا حطَّ الله له سيئاتهِ كما تحُطُّ الشجرة ورقها” رواه البخاري ومسلم.

ولقد ورد أنه لما ثقُل النبيّ صلى الله عليه وسلم واشتد عليه مرضه الذي تُوفي منه جعل يتغشاه الكرب صلى الله عليه وسلم فلما رأت ابنته فاطمة رضي الله عنها ما ينتاب أباها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من الكرب الشديد وشدة المرض قالت رضي الله عنها حزينة مكروبة:” واكربَ ابتاه، فقال لها عليه الصلاة والسلام وكله ثقة وتوكل على الله تبارك وتعالى خالقه ومولاه:” ليس على أبيكِ كربٌ بعد اليوم”رواه البخاري. وعن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها:” ما رايت الوجع على أحد اشدّ منه على النبي صلى الله عليه وسلم” رواه البخاري.