تفسير حديث: إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله:
اعلم أخي المسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عمه عبد الله بن عباس فيما رواه الترمذي: “إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله” وليس في هذا الحديث دليل على منع التوسل بالأنبياء والأولياء كما تدّعي الوهابية أدعياء السلفية وأعداء النبي صلى الله عليه وسلم لأن الحديث معناه أن الأَوْلى بأن يُسأل ويُستعان به الله تعالى، وليس معناه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله. فإن المُتوسِل القائل اللهم إني أسألك بنبيك سأل الله ولم يسأل غيره فأين الحديث وأين دعواهم، ثم إن الحديث ليس فيه أداة نهي، لم يقل الرسول لابن عباس لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، ولو ورد بلفظ النهي فليس كل أداة نهي للتحريم كحديث الترمذي وابن حبان: “لا تُصاحِبْ إلاّ مؤمنا ولا يأكل طعامَك إلاّ تقي”، فهذا الحديث مع وجود أداة النهي فيه ليس دليلا على تحريم أن يُطعِم الرجلُ غيرَ تقي، وإنما المعنى أن الأَوْلى أن تُطعم طعامك التقي، والله تعالى رخّص في إطعام الأسير الكافر، بل مدح ذلك بقوله: “ويُطعِمون الطعام على حُبّه مِسكينا ويتيما وأسيرا” والمراد بالأسير هنا الكافر بإجماع أهل التفسير، فكما لا يُفهم من هذا الحديث عدم جواز صُحبة غير المؤمن وإطعام غير التقي، وإنما يُفهم منه أن الأَوْلى في الصُّحبة المؤمن وأن الأَوْلى بالإطعام هو التقي، كذلك حديث ابن عباس لا يُفهم منه إلاّ الأولويّة وأما التحريم الذي يدّعونه فليس في هذا الحديث، فكيف تجرّأت الوهابية على الاستدلال بهذا الحديث لمنع التوسل بالأنبياء والأولياء، ما أجرأهم على التحريم والتكفير بغير سبب، ومن عرف حقيقتهم لا يجعل لكلامهم وزنا. كيف يُحرّمون الاستعانة بغير الله والله تعالى يقول: “واستعينوا بالصبر والصلاة” والتوسُّل هو طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرّة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكراما للمُتَوسَّل به، والله تعالى جعل التوسل بالأنبياء والأولياء في حال حياتهم وبعد مماتهم سببا لنفع المتوسِلين، ولولا أن التوسل سبب من أسباب الانتفاع ما علّم رسول الله الأعمى التوسل به، فنحن نسأل الله بالصالحين رجاء تحقيق مطالبنا، فنقول مثلا: اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحُرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتُفرّج كربي، أو نقول: اللهم بجاه عبد القادر الجيلاني، فإن ذلك جائز وإن حَرّمته الوهابية أعداء الأنبياء والأولياء.