الردّ على الوهابية القائلين بإن التوَسُّل بالأنبياء والأولياء شرك وإنه لا ينفع أحد منهم بعد موته:
اعلم أخي المسلم أن التوسل بالأنبياء والأولياء جائز في حال حياتهم وبعد مماتهم وليس شركا كما تقول الوهابية أدعياء السلفية لأنه ليس عبادة لغير الله. والتوسل معناه طلب حُصول مَنْفعة أو انْدِفاع مَضَرّة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكراما للمُتوسَّل به. قال الله تعالى: “واستعينوا بالصبر والصلاة” وقال تعالى: “وابتغوا إليه الوسيلة”. جعل الله تعالى التوسُّل بالأنبياء والأولياء سببا لنفع المُتوسِّلين، ولولا أن التوسّل سبب من أسباب الانتفاع ما علّم رسول الله الأعمى التوسّل به، ثم الله عز وجل هو خالق التوسّل وخالق النفع الذي يحصل به بإذنه تعالى، فالتوسُّل بالأنبياء والأولياء من باب الأخذ بالأسباب، والمؤمن الذي يتوسَّل بالأنبياء والأولياء لا يعتقد أن كونهم وُسطاء بينه وبين الله بمعنى أن الله يستعين بهم في إيصال النفع للمُتوسِّل، بل يراهم أسبابا جعلها الله لحصول النفع بإذنه، فالذي يقول: اللهم إني أسألك بنبيك، أو: بجاه نبيك، أو نحو ذلك، فقد سأل الله، كما أن الذي يقول: اللهم إني أسألك كذا وكذا قد سأل الله أيضا، فكلا الأمرَيْن سُؤال من العبد ربّه، وكلاهما داخل تحت حديث: “إذا سألتَ فاسأل الله”. أما الوهابية أدعياء السلفية فيقولون إن أبا جهل وأبا لهب أكثر توحيدا لله وأخلص إيمانا به من المسلمين الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويتوسَّلون بالأولياء والصالحين، وذلك في كتابهم المسمى “كيف نفهم التوحيد” لمحمد باشميل. ما أقبح كُفركم بل أنتم يا معشر الوهابية عندكم قاسم مشترك مع أبي جهل وأبي لهب وهو الشرك فهم عبدوا الأوثان التي صنعوها بأيديهم وأنتم تعبدون شيئا مِن نَسْج خيالكم تعبدون جسما تخيلتموه قاعدا على العرش وبهذا صحَّ أن يقال عنكم أنكم مشركون كأبي لهب وأبي جهل، أما ما تختلفون به عنهم هو أنهم أضمروا العداوة للنبي في قلوبهم وأعلنوها بالعَلَن أما أنتم فتتظاهرون بحبكم للنبيّ أمام الناس وتدّعون كاذبين أنكم سلفيّة وتضمرون الحِقد والعداوة والبغضاء للنبيّ محمد في قلوبكم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تُحْدِثون ويُحْدَث لكم، ووفاتي خير لكم تُعرَض علَيّ أعمالكم فما رأيت مِن خير حمِدت الله عليه وما رأيت من شرّ استغفرتُ لكم”، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وهذا يدل على أن النبيّ ينفع بعد موته خلافا للوهابية القائلين بأنه لا ينفع أحد بعد موته، فإنه عليه الصلاة والسلام لمّا قال: “ومماتي خير لكم” أفهمنا أنه ينفعنا بعد موته أيضا بإذن الله عز وجل، كما نفعنا موسى عليه السلام ليلة المِعْراج لمّا سَأل النبيّ عليه الصلاة والسلام: ماذا فرضَ الله على أمّتِك؟، فقال له: “خمسين صلاة”، قال: ارجع وسَلِ التخفيف فإني جرّبتُ بني إسرائيل فُرِض عليهم صلاتان فلم يقوموا بهما، فرجع فطلب التخفيف مرّة بعد مرّة وفي كل مرّة كان موسى يقول له: ارجع فَسَلِ التخفيف، إلى أن صاروا خمس صلوات بأجْر خمسين، فهل يشك عاقل بنفع موسى عليه السلام لهذه الأمّة هذا النفع العظيم، وقد كان موسى توفي قبل ليلة المعراج بأكثر من ألف سنة، فهذا عمل بعد الموت نفع به أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم وأما قوله عليه الصلاة والسلام: “تُحْدِثون ويُحْدَث لكم” فمعناه يحصل منكم أمور ثم يأتي الحُكْم بطريق الوحي إلى رسول الله. ثم يُؤكد النبيّ عليه الصلاة والسلام نَفْعه لأمّته بعد وفاته بقوله: “ووفاتي خير لكم تُعرَض علَيّ أعمالكم فما رأيت من خير حمِدت الله عليه وما رأيت من شرّ استغفرتُ لكم”. ويدل على ذلك أيضا ما رواه مسلم في حديث المعراج أن الأنبياء الذين لَقِيَهم في السماء دعَوْا للرسول بخير وهم ثمانية وذلك نفع بعد الموت.