الردّ على الوهابيَّة الذين يعتبرون أن النبي كان ضالاّ عن الحقّ كما يعتبرون المُتوسِّلين بالأنبياء والأولياء ضالِّين:
اعلم أخي المسلم أن الوهابيَّة أدْعِياء السلفِيَّة لا يحترمون الأنبياءَ لأنهم انْتَقَصوا أفْضَلَهُم وأكْرَمَهم على الله وهو نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم. فقد قال زعيمُهم المَدْعو ناصر الدين الألْباني في فتاويهِ ما نَصُّه: “أنا أقول هؤلاء – يعني المسلمين المُتَوَسِّلين بالأولياء والصالحين – ولا أتَوَرَّعُ مِنْ أنْ أسَمِّيهم باسْمِهم هؤلاء ضالُّون عَن الحقّ، ولا إشْكالَ في إطْلاقِ هذا التَعْبير إسْلامِيًّا حِين أقول إنهم ضالُّون عَن الحقّ فإنّ الله عزّ وجلّ أطْلَقَ على نبيّه عليه السلام أنه حينما كان قَبْل نزول الوَحْيِ عليه يقول “وَوَجَدَكَ ضَالاّ فَهَدى”. فهذا الكلام كُفْر صريح وهو مُناقِض لِعقيدة الإسلام التي تَنصُّ على أنّ الأنبياءَ تجبُ لهم العِصْمَة مِن الكُفْر قَبْل النبُوَّة وبَعْدَها وهذا بإجْماع عُلماءِ الإسلام فالألْبانيّ بقَوْلِه هذا اعْتبرَ الرسولَ ضالاّ كما اعْتبر عُلماءَ الإسلامِ وعَوَامَّهُم ضالِّين لِتَوَسُّلِهم بالأنبياء والأولياء فإنه ذكرَ سيدَنا محمدا في عِداد مَن سَمَّاهُم ضالِّين ويعني زعيم الوهابيَّة بالضالِّين مَن هم مُشْرِكون عِنْدَه لأن التوسُّل شِرْك عِنْدَه وعند طائِفَتِه الوهابيَّة فكَيْفَ يُشَبَّهُ سيدُنا محمد بمَنْ سَمَّاهُم ضالِّين لِمُجَرَّدِ أن الله تعالى قال في حَقّهِ “وَوَجَدَكَ ضَالاّ فَهَدى” فكَأنّ الألْبانِيَّ بقوله هذا قال الرسول كان كافِرا كما أن هؤلاء المسلمين المُتَوَسِّلين بالأنبياء والأولياء كُفار، فهذا طَعْن صريح في الرسول صلى الله عليه وسلم، ومَن طَعَنَ بالرسول فقد أجْمَعَ عُلماءُ الإسلام على كُفره فما الذي دعاهُ إلى إلْحاقِ سيدِنا محمد بمَنْ يَعْتَبِرُهُمْ كافرين لأنهم يَتَوَسَّلون بالأنبياء والأولياء؟ والتَوَسُّل بالأنبياء والأولياء أجْمَعَ عليه المسلمون أنه جائِز ولم يُخالِفْ في هذا إلاّ ابن تَيْمِيَة وتَبِعَهُ في ذلك الوهابيَّة أعْداء النبيّ صلى الله عليه وسلم. ولو عَبَّرَ الألباني بما في نفسِه لَقالَ بعِبارة صريحة: لا يُوجَدُ مُسلمون سِوى طائفتنا الوهابيَّة كما قال زعيمهم السابق قَرْن الشيطان محمد بن عبد الوهّاب: “مَن دخلَ في دَعْوتِنا فَلَهُ ما لنا وعليه ما عَلَيْنا، ومَن لم يَدخلْ في دَعْوتِنا فهو كافِر مُباح الدَّم” نقلَ ذلك العالِمُ الجليل أحمد بن زَيْني دَحْلان المكّي والشيخ محمد بن عُبَيْد الله النَجْدي مُفتي الحنابِلَة في مكَّة في كِتابه السُّحُب الوابِلَة على ضَرائِح الحنابلة. وأمّا قولهُ تعالى “وَوَجَدَكَ ضَالاّ فَهَدى” فلَيْسَ معناه ما زعمَه الألباني أن الرسولَ كان كافرا فهَداه الله إلى الإسلام والإيمان إنما معناه أن الرسولَ قَبْل أن يَنْزِلَ عليه الوَحْيُ كان لا يَعْلَمُ تفاصيلَ أحْكامِ الشريعة إنما عَرَفَ تفاصيلَ أحْكامِ الشريعة بَعْدَ أن أنْزلَ الله عليه الوَحْيَ. وليُعْلَمْ أن الرسولَ قَبْل نزول الوَحْيِ عليه كان عارِفا برَبِّه مُؤمِنا به ومُعْتَقِدًا تَوْحيدَه تَعَالَى بِمَا ألْهَمَهُ الله تَعَالَى وهذا شأن سائِر الأنبيّاء وبِنَاءً على ذلك لا يَجُوز تَسْمِيَة الرسولِ بالضّال.