الإثنين ديسمبر 8, 2025

مزاحُ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليه

الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله

أحْبابَنا الكرام، لقدْ كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم يُمازِحُ أصْحابَهُ أحْيانًا. وهذا لا يُنافِي كمالَ النَّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ وعُلُوَّ مَنْزِلَتِه لأنَّ مُزاحَهُ لمْ يَكُنْ مُزاحًا مَذْمومًا يُشْغِلُ عنْ ذِكرِ اللهِ والتّفَكُّرِ في مُهَمّاتِ الدّين ولا يُؤَدّي إلى قَسْوةِ القلبِ وسُقوطِ المَهابةِ والوَقارِ. بلْ كانَ مُزاحًا مُنْضبِطًا بالأحكامِ الشّرعيّةِ، وكانَ مِنْ ورائِهِ هدَفٌ نبيلٌ وهوَ إيناسُ صحابَتِهِ الكِرام وإدخالُ السّرورِ على قلوبِهِمْ لِيُخَفِّفَ عنهمْ ما كانوا فيه منَ الشِّدّةِ والضّيق.

ومُزاحُ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم طاهِرٌ منَ الكَذِب. فهوَ الصّادقُ الأمينُ الذي قالَ “إنّي لَأمْزَح ولا أقولُ إلّا حقًّا”

ومِنْ جُمْلةِ ما ورَدَ في مُزاحِهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلام ما رواهُ أبو داود مِنْ أنَّ رجلًا طلَبَ منَ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم دابّةً لِيَرْكَبَها، فقالَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ “إنّي حامِلُكَ على وَلَدِ النّاقةِ” فاسْتَغْرَبَ ذاكَ الرّجل، وظَنَّ أنَّ النّبيَّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يَقْصِدُ صَغيرَ الإبلِ الذي لا يَصْلُحُ للرُّكوب، فقالَ يا رسولَ الله وما أصْنَعُ بِوَلَدِ النّاقة؟ فقالَ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم “وهلْ تَلِدِ الإبلَ إلّا النّوق؟” فبيَّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنَّ الإبلَ ولوْ كبارا هيَ في الحقيقةِ أولادُ النّاقة. فيَصْدُقُ إطْلاقُ ولَدِ النّاقةِ على كِبارِ الإبلِ وصِغارِها.

اللهمَّ صلِّ على سيِّدِنا محمّدٍ أصدَقِ الصادِقين وأطهرِ الطّاهِرين وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ الغُرِّ المَيامِين وسلِّمْ تَسْليمًا كثيرًا.

والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.