قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاللَّهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى لا كَأَحَدٍ مِنَ الْوَرَى.
الشَّرْحُ يَعْنِى أَنَّهُ يَجِبُ إِثْبَاتُ صِفَةِ الْغَضَبِ وَصِفَةِ الرِّضَى لِلَّهِ مَعَ تَنْزِيهِهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ يَكُونَ غَضَبُهُ وَرِضَاهُ تَأَثُّرًا بَلْ هُمَا صِفَتَانِ أَزَلِيَّتَانِ قَدِيمَتَانِ أَبَدِيَتَانِ أَمَّا مَا وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ الَّذِى رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ مِنْ أَنَّ ءَادَمَ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ «إِنَّ اللَّهَ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلا يَغْضَبْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ» فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ءَاثَارُ الْغَضَبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الصِّفَةَ لِأَنَّ الصِّفَةَ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لَيْسَتْ طَارِئَةً فِى ذَاتِ اللَّهِ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَدَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ ءَاثَارِ الْغَضَبِ مَا لَمْ يَسْبِقْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا يَفْعَلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ أَنْ يَكُونَ أَنْ يَحْصُلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ ءَاثَارِ الْغَضَبِ مُنْتَهَى الآثَارِ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لا يَفْعَلُ فَالْعَذَابُ الَّذِى أَعَدَّهُ لِأَعْدَائِهِ شَاءَ فِى الأَزَلِ أَنْ يُصِيبَهُمْ فِى الآخِرَةِ لا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ الْحَدَّ الَّذِى شَاءَ هَذَا مَعْنَى مَا وَرَدَ فِى حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَأَثَّرَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِأَنَّ التَّأَثُّرَ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّ الَّذِى يَتَأَثَّرُ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا.