قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْىَ وَالتَّشْبِيهَ زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ.
الشَّرْحُ يُرِيدُ بِالنَّفْىِ التَّعْطِيلَ وَيُرِيدُ بِالتَّشْبِيهِ إِثْبَاتَ الْجِهَةِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ شَىْءٍ مِنْ أَمَارَاتِ الْحُدُوثِ كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَكَالِانْتِقَالِ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ أَوْ مِنْ سُفْلٍ إِلَى عُلْوٍ، وَهَذَانِ الْفَرِيقَانِ زَلَّ أَىْ ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ أَىْ فَقَدَ وَحُرِمَ التَّنْزِيهَ أَىْ تَنْزِيهَ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ قَوْلُهُ «زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ» بِأَنْ يُقَالَ زَلَّ رَاجِعٌ إِلَى النَّافِى أَىِ الْمُعَطِّلِ، وَقَوْلُهُ «وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ» رَاجِعٌ إِلَى مَنْ شَبَّهَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُعَطِّلَ الَّذِى نَفَى مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَلَّ أَىْ حَادَ عَنِ الْحَقِّ وَضَلَّ وَأَنَّ الَّذِى أَثْبَتَ لَفْظًا وَلَمْ يُنَزِّهْ مَعْنًى بَلْ شَبَّهَ لَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ أَىْ لَمْ يُنَزِّهِ اللَّهَ عَمَّا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ فَيَكُونُ هَذَا التَّفْسِيرُ مُطَابِقًا لِمَا عَلَيْهِ الْفَرِيقَانِ فَرِيقُ التَّعْطِيلِ وَفَرِيقُ التَّشْبِيهِ كَالْوَهَّابِيَّةِ فَإِنَّ إِثْبَاتَ أَصْلِ الْجُلُوسِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ تَشْبِيهًا، وَيُرَادُ بِالْمُعَطِّلَةِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْفَلاسِفَةُ.