قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِى دِينِهِ إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ.
الشَّرْحُ يَعْنِى أَنَّ السَّلامَةَ فِى التَّسْلِيمِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَىِ اعْتِقَادِ أَنَّ مَا جَاءَ فِى الشَّرْعِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَهُوَ عَلَى حَسَبِ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى التَّوَهُّمِ وَالتَّصَوُّرِ الْمُعْتَمَدِ عَلَى الرَّأْىِ أَوْ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ الْمَخْلُوقَاتِ.
فَالْمُعْتَزِلَةُ رَجَعُوا إِلَى الرَّأْىِ الَّذِى هُمُ اتَّخَذُوهُ أَصْلًا وَالْمُشَبِّهَةُ رَجَعُوا إِلَى مَا هُوَ مَأْلُوفٌ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَفَتَنَهُمْ أَنَّهُمْ قَاسُوا اللَّهَ عَلَى الْخَلْقِ فَقَالُوا كَمَا أَنَّهُ لا يُرَى الشَّىْءُ إِلَّا فِى جِهَةٍ مِنَ الرَّائِى فَاللَّهُ يُرَى فِى جِهَةٍ وَكِلا الْمَذْهَبَيْنِ بَاطِلٌ.
وَقَوْلُهُ «عَالِمِهِ» الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِى اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَهْمُ شَىْءٍ مِنَ الأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالآخِرَةِ وَغَيْرِهَا يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الرَّاسِخِينَ فَإِمَّا أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهُمُ السَّائِلُ التَّأْوِيلَ التَّفْصِيلِىَّ أَوِ التَّأْوِيلَ الإِجْمَالِىَّ وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ الإِنْسَانُ أَنَّ مَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ هِىَ مُنَزَّهَةٌ عَنِ الْهَيْئَةِ وَالشَّكْلِ وَءَاثَارِ الْحُدُوثِ.