بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
قالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْمِلَّةِ أَبِى حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بنِ ثَابِتٍ الْكُوفِىِّ وَأَبِى يُوسُفَ يَعْقُوبَ بنِ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِىِّ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِىِّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَيَدِينُونَ بِهِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ.
الشَّرْحُ يَقُولُ الطَّحَاوِىُّ إِنَّ هَذِهِ الرِّسَالَةَ هِىَ ذِكْرُ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى حَسَبِ مَا قَرَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِىُّ أَىْ مِنْ حَيْثُ سَبْكُ الْعِبَارَاتِ أَضَعُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ عَلَى أُسْلُوبِ هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ بِلا اسْتِثْنَاءٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُمُ الصَّحَابَةُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِى الْمُعْتَقَدِ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الأَعْمَالُ مُقَصِّرًا إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ.
وَنَصَّ الطَّحَاوِىُّ عَلَى ذِكْرِ هَؤُلاءِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ فِى الْفُرُوعِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَبِى حَنِيفَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْعَقِيدَةُ خَاصَّةً بِهَؤُلاءِ بَلْ هِىَ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَقَوْلُهُ فِى افْتِتَاحِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِى﴾ [سُورَةَ يُوسُف/108] فَالسُّنَّةُ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرِيقَةِ، وَمَعْنَى عَلَى بَصِيرَةٍ أَىْ أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ الإِسْلامُ لا يَرُدُّهُ الْعَقْلُ الصَّحِيحُ وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ عَلَى مِلَّتِهِ.