الخميس نوفمبر 21, 2024

إعلام المسلمين ببطلان فتوى القرضاوي بتحريم التوسل بالأنبياء والصالحين

تأليف الشيخ نبيل الشريف الأزهري

رئيس جمعية الأشراف في لبنان

ملتزم الطبع

دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع

الطبعة الثانية

1424هـ-2004م

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين الذي جعل الدعوة إلى الهدى والدلالة على الخير والنصيحة للمسلمين من أفضل القربات وأرفع الدرجات وأهم المهمات في الدين وذلك سبيل أنبياء الله المرسلين وأوليائه الصالحين والعلماء العاملين الراسخين في العلم واليقين، وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد الرسول الأمين والحبيب المكين خاتم النبيين وإمام المتقين وشفيع المذنبين وسيد السابقين واللاحقين، وعلى ءاله وأصحابه المخلصين الصادقين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فإن الله تبارك وتعالى يقول: {ولتكن منكُم أمةٌ يدعونَ إلى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عنِ المُنكرِ وأولئكَ هم المُفلحون} [سورة ءال عمران/104] وقال عز من قائل للنبي عليه الصلاة والسلام: {قُلْ هذه سبيلي أدعواْ إلى اللهِ على بصيرةٍ أناْ ومنِ اتَّبعني} [سورة يوسف/108]، وروى البخاري في الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: “بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم”، فعملاً بهاتين الآيتين الكريمتين، وامتثالاً لهذا الأمر العظيم، ورغبة في تحصيل الوعد الكريم الوارد فيهما رأيت أن أجمع كتابًا فيه الأدلة والأخبار على جواز التوسل بالحبيب المختار وبالصالحين الأخيار مما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة والآثار، ولا سيما بعد نبوذ شرذمة تدعي السلفية تحرم علينا التوسل بالرسول الكريم وتدّعي أن التوجه لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم للتبرك ليس من القُرب التي يتقرب بها إلى الله بل قالوا بأنها والعياذ بالله زيارة شركية وزعموا أن التوسل والتبرك بالأنبياء والصالحين ممنوع وأن ذلك من أبواب العبادة لغير الله، فكانت همتنا على هذا التأليف ليكون بين أيدي محيي الحق ليتحقق به النفع بإذن الله.

وقد تبعهم على ذلك رجل يسمى يوسف القرضاوي وصار من أجل ملء جيبه يساير نفاة التوسل ويخالف ما درسه ونشأ عليه الأزهريون من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبة الصالحين والتبرك بآثارهم فإذا به في كتابه المسمى “العبادة في الإسلام” يزعم أن “التبرك بآثار الصالحين وبقبورهم بعد مماتهم من أوسع أبواب الشرك بالله” [1]، وضمّ إلى فريته هذه فريات شنيعة يخالف في بعضها ممدوحه ابن تيمية الذي لا يترك فرصة سانحة على “الجزيرة الفضائية” وإلا ويطيل فيها المدح والإطناب له ولتلميذه ابن قيم الجوزية، فينكر أن السلف كانوا يقرأون الفاتحة على الأموات فيقول ما نصه [2]: “قراءة الفاتحة على الموتى وهذه الأشياء الواقع أنا يعني أحب في هذا اتباع السلف رضوان الله عليهم ولم أقر أن السلف كانوا يقرأون الفاتحة على الأموات وإنما كانوا يدعون للأموات ويستغفرون لهم الرسول ما ورد [إنو] كان [بيقرأ] الفاتحة عليهم ولا ورد [إنو] أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا واحد من الأئمة كان [بيقرأ] الفاتحة على الأموات وإنما كان يدعو ويستغفر للأموات…” اهـ، ولكن حبّ المال دفع بالقرضاوي في كل حلقة من ملقات “فضائياته” إلى مدح الحراني ابن تيمية علّ الخير يصل إلى أسياده فيزيدون له في فتاتهم الذي يلهث في جمعه، فيسأله السائل عن أنه طلق زوجته ثلاثًا وله أولاد فلا يرعوي من أن يقول: “في المذاهب الأربعة بانت منك زوجتك بينونة كبرى إلا أننا نجد في مذهب ابن تيمية فسحة حيث يقول بأن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدة ولا بأس عليك –يعني للسائل- بالأخذ به لأنا نفتي به ونحن مطمئنو القلب” اهـ.

عجيب كيف يدخل الاطمئنان إلى قلب هؤلاء للفتاوى المخالفة للإجماع مع دخول العملات السوداء إلى جيوبهم، فيصير الحرام حلالاً والحلال حرامًا عندهم تحت شعار “ويسروا”، اللهم نسألك اللطف والعافية.

أيضًا يدعي القرضاوي في كتابه المسمى “موقف الإسلام” كراهية تعليق التمائم ولو كان فيها ءايات من القرءان الكريم أو أسماء الله تعالى [3].

كل هذا دفعنا إلى إخراج كتابنا هذا الذي فيه الدليل الواضح الشافي على جواز التوسل بالصالحين وسؤال ربّ العالمين ببركة النبيين، وفنّدنا فيه مزاعم الوهابية نفاة التوسل وأذيالهم، بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومن تبعهم بإحسان من السلف والخلف.

وليست هذه فقط من مخالفات القرضاوي لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة المحمدية بل من اطلع في كتبه وقف على فتاويه التي ما أنزل الله بها من سلطان، وقد رد عليه عدد من أهل العلم لكنه لم يتراجع فهو يظن نفسه بلغ درجة الاجتهاد وهو بعيد عنها بعد الأرض عن السماء، فنسأل الله الثبات على الإيمان.

وليحذر كل الحذر من أمر المعروف ونُهي عن منكر من الكِبر ورد الحق والقول لآمره وناهيه: عليك نفسك! ويكون حاله كحال من قال الله فيه: {وإذا قيلَ لهُ اتقِ الله أخذتهُ العِزَّةُ بالإثمِ فحسْبهُ جهنمَ ولبئسَ المِهاد} [سورة البقرة/206].

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، واهدنا اللهم صراطًا مستقيمًا.

 

الهوامش:

[1] انظر الكتاب [ص/142]، طبعة مؤسسة الرسالة، الطبعة [11].

[2] مقابلة على القناة الفضائية “الجزيرة” في منتصف سنة 1999.

[3] انظر الكتاب [ص/148-149]، طبعة مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى.