الخميس نوفمبر 21, 2024

القسم الأول: التحذير الشرعي من كتب

 

* من الكتب التي يجب التحذير منها كتاب “الفتوحات المكية” فإنها تحتوي على كلمات كثيرة من الكفر الصريح الذي لا تأويل له كما قال المحدث الحافظ وليّ الدين العراقي في رسالة له سماها “الأجوبة المرضية” [1]، كذا يجب التحذير من كتاب “فصوص الحكم” وبعض غيرهما من مؤلفات الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه.

 

وأما الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه فاعتقادنا فيه أنه من العلماء الصالحين والصوفية الصادقين الزاهدين، ترجمه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان [2] وذكر أنه اعتدّ به حفاظ عصره كابن النجار.

 

وأكثر ما في كتابيه المذكورَين مما هو مدسوس عليه مما ليس من كلامه كلمات الواحدة المطلقة ففي كتابه “الفتوحات المكية” ما يخالف ذلك فإن فيها ذم عقيدة الوحدة المطلقة وذم عقيدة الحلول. فمما فيه لإبطال الوحدة المطلقة والحلول قوله في كتاب الأسرار من “الفتوحات المكية”: “ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، ومن قال بالحلول فدينه معلول” اهـ.

 

فبعد هاتين العبارتين الصريحتين في إبطال عقيدة الوحدة المطلقة وعقيدة الحلول لا يجوز أن يُصَدَّق على الشيخ محي الدين ما في بعض المواضع الأخرى من هذا النوع.

 

ومما في “الفتوحات المكية” مما لا يُصدق عليه ما نقله بعض أهل عصرنا وهو محمد الهاشمي التلمساني نزيل دمشق في رسالة ألفها عن “الفتوحات المكية”: “كلّ كلام في العالم كلامُهُ كلهُ حسن فما وافق الغرضَ فهو أحسن” اهـ. وقد حضرتُ مجلس الشيخ الولي أحمد الحارون الدمشقي رحمه الله وكان معروفًا في بلده دمشق بالكشف فسألته أن الشيخ محمدًا الهاشمي ألف رسالة ذكر فيها نقلاً عن كتاب الشيخ محي الدين بن عربي في “الفتوحات المكية” هذه العبارة المذكورة فقال الشيخ أحمد: “هذا الشيخ ما له حق في أن يذكر هذا، الفتوحات المكية فيها دس كثير” اهـ.

 

وقد قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه “لطائف المنن والأخلاق” ما يؤيد ما ذكرنا ونصه [3]: “وقد نقل الشيخ محي الدين بن العربي في الفتوحات المكية إجماع المحققين على أن من شرط الكامل أن لا يكون عنده شطح عن ظاهر الشريعة أبدًا بل يرى أن من الواجب عليه أن يُحقَّ الحقّ ويُبطل الباطل ويعمل على الخروج من خلاف العلماء ما أمكن. انتهى. هذا لفظه بحروفه ومن تأمله وفهمه عرف أن جميع المواضع التي فيها شطح في كتبه مدسوسة عليه لا سيما كتاب “الفتوحات المكية” فإنه وضعه حال كماله بيقين، وقد فرغ منه قبيل موته بنحو ثلاث سنين، وبقرينة ما قاله في “الفتوحات المكية” في مواضع كثيرة من أن الشطح كله رعونة نفس لا يصدر قط من محقق، وبقرينة قوله أيضًا في مواضع: من أراد أن لا يضلَّ فلا يَرمَ ميزان الشريعة من يده طرفة عين بل يستصحبها ليلاً ونهارًا عند كل قول وفعل واعتقاد انتهى” انتهى كلام الشعراني.

 

ثم قال الشيخ الشعراني في “لطائف المنن” ما نصه [4]: “وليُحذر أيضًا من مطالعة كتب الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله تعالى عنه لعلو مراقيها ولما فيها من الكلام المدسوس على الشيخ لا سيما الفصوص والفتوحات المكية، فقد أخبرني أبو طاهر عن شيخه عن الشيخ بدر الدين بن جماعة أنه كان يقول: جميع ما في كتب الشيخ محي الدين من الأمور المخالفة لكلام العلماء فهو مدسوس عليه، وكذلك كان يقول الشيخ مجد الدين صاحب القاموس في اللغة.

 

قلتُ: وقد اختصرتُ الفتوحات المكية وحذفتُ منها كل ما يخالف ظاهر الشريعة فلما أخبرت بأنهم دسوا في كتب الشيخ ما يوهم الحلول والاتحاد وردَ عليّ الشيخ شمس الدين المدني بنسخة الفتوحات التي قابلها على خط الشيخ بقونية فلم أجد فيها شيئًا من ذلك الذي حذفته ففرحت بذلك غاية الفرح فالحمد لله على ذلك” انتهى كلام الشعراني.

 

وقال الشيخ أبو الهدى الصيادي ما نصه [5]: “والكثير من هذه الفرقة قام قائمهم وقعد قاعدهم منهمكًا بمطالعة كتب الشيخ محي الدين بن عربي طاب مرقده، ولا بدع فكتب الشيخ كثُرت فيها الدسائس من قبل ذوي الزيغ والبهتان وعصائب الشيطان، وهذا الذي يطيب القول به لمن يريد براءة الذمة من القطع بما لم يعلم والله تعالى قال: {ولا تَقْفُ ما ليسَ لكَ بهِ علمٌ} [سورة الإسراء/36]، وقد نسبوا أعني الدساسين للشيخ ما لا يصح لا عقلاً ولا شرعًا، ولا ينطبق على حكمة نظرية ولا يوافق صحاح القواعد العرفانية” اهـ.

 

ثم قال بعد كلام ما نصه [6]: “والحق يقال: الذي عليه أهل الورع من علماء الدين أنه لا يحكم على ابن عربي رحمه الله نفسه بشئ لأنا لسنا على يقين من صدور مثل هذه الكلمات منه ولا من استمراره عليه إلى وفاته، ولكنا نحكم على مثل هذا الكلام بأنه كفر” اهـ.

 

وقال صاحب “المعروضات المزبورة” أحد الفقهاء الحنفية المشهورين: “تيقنا أن اليهود دسوا عليه في فصوص الحكم” اهـ.

 

* قال الشعراني ما نصه [7]: “وكذلك يُحذر من مواضع في كتاب “قوت القلوب” لأبي طالب المكي نحو قوله: “الله تعالى قوت العالم”.

 

– ومن مواضع في تفسير مكي.

 

– ومن مواضع كثيرة في كلام ابن ميسرة الحنبلي، وقد صنّف الناس في الرد عليه.

 

– وليُحذر من مطالعة كلام منذر بن سعيد البوطي فإنه مخلوط بكلام أهل الاعتزال لما عاشرهم حين رحل إلى بلاد المشرق.

 

– ومن مطالعة كتب ابن برجان.

 

– وكذلك مواضع في تفسير الزمخشري وبعضها كفر صراح” انتهى كلام الشعراني.

 

قلت: كتاب الزمخشري هذا يتضمن سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك كثير منهم المفسر اللغوي أبو حيان الأندلسي، وفيه يقول أبو حيان في تفسير سورة النمل من تفسيره “البحر المحيط” ضمن أبيات في التحذير من تفسير الزمخشري:

 

فيُثبتُ موضوعَ الأحاديثِ جاهلاً *** ويعزو إلى المعصومِ ما ليسَ لائقًا

ويحتالُ للألفاظِ حتى يُديرها *** لمذهبِ سوءٍ فيهِ أصبحَ مارِقَا

لئن لم تداركهُ من اللهِ رحمةٌ *** لسوفَ يُرى للكافرينَ مرافِقَا [8]

 

ويعني أبو حيان بقوله: “لمذهب سوء” مذهب المعتزلة حيث إن الزمخشري كان معتزليًا يباهي ببدعته ويدعو إليها.

 

* ثم قال الشعراني: “وكذلك يُحذر من مطالعة كتاب “إخوان الصفا” وهو مشتمل على اثنين وخمسين رسالة وهو تأليف المجريطي وقد ذكروا أنه كان من الملحدين المجانبين لطريق الإسلام.

 

– وكذلك يحذر من مطالعة كلام إبراهيم النظام، وابن الراوندي، ومعمر بن المثنى.

 

– ومن مطالعة قصيدة عبد الكريم الجيلي التي رويُّها العين المضمومة ومن جملتها:

 

قطعت الورى من نفس ذاتك قطعة *** وما أنت مقطوع ولا أنت قاطع

 

فإنه لفظ لا يجوز إطلاقه على الله تعالى مطلقًا.,

 

– ومن مطالعة كتاب “خلع النعلين” لابن قَسَى لعلو مراقيه عن الفهم.

 

– وكذلك تائية سيدي محمد وفاء.

 

– وليُحذر كل الحذر من مطالعة كتب محمد بن حزم الظاهري إلا بعد التضلع في علوم الشريعة لا سيما ما فيها مما يتعلق بأصول الدين وقواعد العقائد والمعاني والحقائق، لأنه لم تكن له يد في هذه العلوم وإنما أخذها بالفهم فلم يُحسن كلامه فيها.

 

– وكذلك ينبغي أن يُحذر من مطالعة كلام ابن رشد الحفيد لأن غالب كلامه في المعتقد فاسد” اهـ.

 

* ثم قال الشعراني ما نصه [9]: “وليُحذر أيضًا من مطالعة كتب عبد الحق بن سبعين لما فيها مما يوهم الحلول والاتحاد والتشبيه وأقوال الملحدين، ومنع بعضهم من سماع كلام سيدي عمر بن الفارض في التائية والجمهور على جواز ذلك مع التأويل.

 

فهذه عدة نصائح وتحذيرات قد سبقت إليها فزنها بميزان الشرع، فإن لم تجد عنها بدًّا فاعمل يا أخي بها، وعليك بمطالعة كتب الشريعة من حديث وتفسير وفقه، والاقتداء بأئمة الدين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومقلديهم من الفقهاء والمتكلمين رضي الله عنهم أجمعين.

 

وإياك والاجتماع بهؤلاء الجماعة الذين تظاهروا بطريق القوم في النصف الثاني من القرن العاشر من غير إحكام قواعد الشريعة فإنهم ضلوا وأضلوا بمطالعتهم كتب توحبد القوم من غير معرفة مرادهم، وقد دخل عليّ منهم شخص وأنا مريض ولم يكن عندي أحد من الناس فقلت له: من تكون؟ قال: أنا الله، فقلت له: كذبت، فقال: أنا محمد رسول الله، فقلت له: كذبت، فقال: أنا الشيطان وأنا اليهودي، فقلت له: صدقت، فوالله لو كان عندي أحد يشهد عليه لرفعته إلى العلماء فضربوا عنقه بالشرع الشريف، فالحمد لله الذي عافانا وإخواننا من مثل ذلك، فالله تعالى يوفق الإخوان ويتولاهم، والحمد لله رب العالمين” انتهى كلام الشعراني.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب يسمى “المناجاة الكبرى” ويشتمل على ثمانية عشر بابًا، وفيها كفر صريح ظاهر.

 

ومما جاء فيه [10] هذه الحكاية الباطلة ووحدها كافية في رد هذا الكتاب ونص العبارة: “قال موسى: يا رب أريد أن أسألك عن أشياء وأنا خائف منك فلا تؤاخذني، قال: فاسأل يا موسى ما بدا لك ولا تخف فإني الحكيم الكريم أحلم على من عصانب، قال: يا رب أين أنت؟ قال: في قلوب عبادي المنكسرين النقية من المعاصي، قال: ومن النقي قلبه؟ قال: الذي ينقي الحلال مخافة أن يقع في الحرام، فقلوبهم منورة بذكر الله تعالى، قال: أخبرني عن أول مخلوق خلقته قبل كل شئ، قال الله تعالى: يا موسى قبضت قبضة من نور وجهي فقلت لها: كوني حبيبي محمدًا صلى الله عليه وسلم فصارت كوكبًا تسبحني فكان هو أول مخلوق خلقته وءاخر مبعوث بعثته برسالتي وهو أول من عبدني بالغيب ثمانين ألف عام، قال: سبحانك أنت الذي تغضب وأنت الذي ترضى لا إله إلا أنت إنك على كل شئ قدير، قال: يا موسى إذا غضبت على عبدي سلبت عنه طاعتي وأشغلته بدنياه عن ءاخرته حتى يلقاني ولا حسنة له عندي، قال موسى: يا رب وكم لك في الألوهية، قال: تأدب يا موسى قد سألت عن أمر عظيم” اهـ، وهذا مما لا يخفى بطلانه، نعوذ بالله من الكفر والضلال.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “الإنسان الكامل” المنسوب لعبد الكريم الجيلي، ومنظومة تسمى “العينية” تقع في ثمانمائة بيت فيها كلام صريح بالكفر كهذين البيتين:

 

وما الكونُ في التمثالِ إلا كثلجةٍ *** وأنتَ لها الماء الذي فيه نابعُ

وما الكونُ في التحقيقِ غيرًا لمائهِ *** وغيرانِ في حكم دَعته الشرائع

 

ففي البيت الأول حلول أي أن الله بزعمه حالٌّ في العالم كحلول ماء الثلج في الثلج، وفي الثاني أن العالم والله شئ واحد أي ليس الله غيرًا للعالم بل هو عين العالم فيما يزعم والعياذ بالله تعالى، وهاتان العقيدتان عقيدة الوحدة المطلقة وعقيدة الحلول أي حلول الله في الخلق أشد الكفر والعياذ بالله.

 

* وكذلك يجب التحذير من كتاب يسمى “مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم” لعبد القادر الحمصي الشاذلي فيه مثل هذه الكفرية وفيه غيرها، فإنه مذكور فيه هذان البيتان ونصه:

 

واعلم أن الله عينُ العيان *** واجمعُ خلق الله في الوحدة

ما في إلا الله في الوجود *** اسمع قول الله وارعَ الحدود

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب منسوب لابن عجيبة الشاذلي يسمى “معراج التشوف إلى حقائق التصوف” فيه أن الله تعالى قد يُسمى عند الصوفية الخمرة وعبارته: “أما الخمرة فقد يطلقونها على الذات العلية لأن القلوب تغيب بها كما تغيب بالخمرة الحسية”، وفيه أن شروط القطب خمسة عشر منها معرفة الله معرفة عيانية.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “الفيوضات الربانية في مآثر الطريقة القادرية” فإن فيه كلامًا مفترى على الشيخ عبد القادر الجيلاني، ويوجد فيه من الكلمات الشاذة التي لا تليق بالشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ما لا يوجد في كتب الشيخ عبد القادر، فإن للشيخ عبد القادر كتابًا مشهورًا اسمه “الغنية” في الفقه الحنبلي لأنه حنبلي المذهب، وهذا الكتاب ثابت أنه من تأليفه لكن مجسمة الحنابلة الذين يعتقدون أن الله جسم ساكن جهة فوق أدخلوا عليه مسئلتين افتروا عليه أنه يقول: إن الله ساكن في جهة فوق [11]، وافتروا عليه بأنه يقول [12]: بأن حروف المعجم قديمة أي ليس لوجودها ابتداء، وهذا خلاف عقيدة أهل السنة، فإن عقيدة أهل السنة أنه لا موجود أزلي قديم ليس لوجوده ابتداء إلا الله، والحروف مخلوقة حادثة، وهو رضي الله عنه لا يخالف في العقيدة شيئًا مما عليه أهل السنة السلف والخلف من أن الله تعالى متكلم بكلام لا يُشبه كلام الخلق، ومعلوم أن كلام الخلق حرف وصوت حادثان يوجدان شيئًا بعد شئ وهذه صفة البشر، والله تعالى متعال منزه عن كل ما هو من صفات البشر إنما هو متكلم بكلام ليس حرفًا ولا صوتًا.

 

وليس القرءان شيئًا قرأه الله بحرف وصوت على جبريل إنما القرءان كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ فأمر جبريل بأن يأخذه ويقرأه على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالحرف والصوت بدليل قوله تعالى: {إنهُ لقولُ رسولٍ كريم} [سورة الحاقة/40]، والضمير في {إنهُ} يعود إلى القرءان باتفاق المفسرين، ومعنى الآية أن القرءان شئ قرأه جبريل.

 

وما نُسب للشيخ لا يقول به أقل المسلمين في الدين فكيف الشيخ عبد القادر الذي هو من أكبر الأقطاب؟! كيف يقول بأن الله ساكن السماء والله تعالى يقول {وللهِ ما في السمواتِ وما في الأرض} [سورة النجم/31] أي كل متحيز في السموات والأرض فهو ملك لله مخلوق لله حادث وُجِدَ بعد أن لم يكن موجودًا، فكيف يخفى هذا الحق على القطب الكبير الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، إنما مشبهة الحنابلة دسوا عليه في كتابه هاتين المقالتين ليوهموا الناس أن الشيخ عبد القادر على عقيدتهم عقيدة التشبيه.

 

ومن المعلوم أن الصوفية المحققين هم أكثر الناس تأدبًا مع الله تعالى لا يُطلقون على الله عبارة شنيعة.

 

ومما في هذا الكتاب أيضًا إيهام أن الله تعالى أوحي إلى الشيخ عبد القادر وخاطبه بكلمات عديدة يسمونها الغوثية بهذه الصفة: “يا غوثُ الأعظم الأمر كذا وكذا”، ومما فيه: “يا غوثُ الأعظم أكل الفقراء أكلي وشربهم شربي”، وهذا اللفظ فيه متكرر يعني “يا غوث الأعظم”.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا كذب ءاخر في القصيدة النونية وهو قوله “ونادَمَني ربي حقيقيًّا وناداني” فهذا كذب ظاهر على الشيخ عبد القادر فإن الشيخ لا يقول إنه نادم الله ولا يقول إن الله كلّمه، فهذا الكتاب يجب إتلافه.

 

ومما في كتاب الغنية نسبة الصوت إلى الله عز وجل وتشبيهه بصوت الرعد، [13] والذي نعتقده أن الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه بريء من مثل هذه الأقوال.

 

قال الشيخ أبو الهدى الصيادي ما نصه [14]: “فقد عزوا للقطب الجليل الفرد الأصيل خزانة الكمالات والمعاني أبي صالح محي الدين السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه الكثير من الكلمات التي لم تصدر منه ولم تنقل بسند صحيح عنه مثل الكلمات المكذوبة التي سموها “الغوثية” فهو عطر الله مرقده بعيد عنها بريء منها” اهـ.

 

وهذا الكتاب المسمى “الفيوضات الربانية” ألفه إسماعيل القادري الكيلاني من أهل القرن الثالث عشر، ومؤلفه ليس من العلماء فقد نسب إلى الشيخ عبد القادر قصيدتين إحداهما ميمية والأخرى نونية.

 

ففي القصيدة الميمية يوجد هذا البيت:

 

كل قُطبٍ يطوفُ بالبيت سبعا *** وأنا البيتُ طائف بخيامي

 

فهذا الكلام أي أن الكعبة تترك مكة وتذهب إلى العراق لتطوف بخيام الشيخ عبد القادر لا يقول هذا إلا كذاب وقح لأن الكعبة الله وضعها في مكة ليطوف بها المؤمنون بالليل والنهار في مكانها.

 

ومثل هذا الكلام مذكور في كتاب “روض الرياحين” ونص عبارته [15]: “وقد سمعنا سماعًا محققًا أن جماعة شوهدت الكعبة تطوف بهم طوافًا محققًا” اهـ.

 

وأما النونية ففيها هذا البيت:

 

ولو أنني ألقيتُ سري على لظى *** لأطفئت النيرانُ من عُظم برهاني

 

وهذا رد للنصوص لا يقوله مؤمن عرف أن الله خلق الجنة والنار للبقاء فلا تفنيان أبد الآباد، وأن نار جهنم لا يلحقها انطفاء أبدًا، هذه عقيدة كل مسلم، فكيف تجرأ هذا المفتري على نسبة هذا الكلام إلى الشيخ عبد القادر رضي الله عنه.

 

وهذا الكتاب مستعمل كثيرًا ببلاد الحبشة والصومال وفي بعض غيرها، وأكثر أهل تلك النواحي لا يعرفون معاني تلك الكلمات إنما مرادهم النّغم.

 

* ومن الكتب التي يجب التحذير منها وفيها دس كثير على الشيخ عبد القادر “بهجة الأسرار ومعدن الأنوار” لعلي الشطنوفي المصري، وهذا المؤلف يركب أسانيد باطلة ليروج ما ينسبه إلى الشيخ عبد القادر وليوهم الناس أن هذا الكلام الذي ينسبه إليه صحيح مُسند، وقد نص الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره [16] أن الشطنوفي مؤلف “بهجة الاسرار” ذكر في كتابه هذا ما لا يصح إسناده للشيخ الجيلاني رضي الله عنه.

 

ومن جملة ما فيه من الكذب عليه قوله: إن الشيخ عبد القادر قال: “قدمي هذه على رقبة كل ولي”، وقد بين أن هذه الكلمة مدسوسة على الشيخ عبد القادر الإمام الجليل سراج الدين المخزومي في كتابه “صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار” [17] وذكر فيه من كذَّب هذا الرجل في نسبة هذا الكلام إلى الشيخ عبد القادر.

 

ومن المعلوم أن الصوفية الكاملين هم أشد الناس تواضعًا وهذا القول بعيد من التواضع، وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن التواضع أفضل العبادة”، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الأمالي المصرية [18].

 

قال الشيخ أبو الهدى الصيادي ما نصه [19]: “وأما ما جاء في الكتاب المسمى “بهجة الأسرار” مؤلف الشطنوفي في مناقب الشيخ عبد القادر قدس سره الطاهر من الحكايات والكلمات والروايات الموضوعة ففيها للأكابر كلام منهم من اتهم الشطنوفي في ذاته بالكذب والغرض، ومن القائلين بذلك الحافظ ابن رجب الحنبلي طاب ثراه وقد ذكر ذلك في طبقات الحنابلة في ترجمة القطب الجيلي نفعنا الله بمدهه وعلومه، ومنهم من قال: إنه راج على الشطنوفي حكايات كثيرة مكذوبة وكأنهم نسبوه إلى البله وقبول ما يصح وما لا يصح” اهـ، وذكر منهم الحافظ الذهبي والبدر العيني وابن كثير وغيرهم.

 

ثم قال الصيادي بعد ذلك ما نصه: “وأما الكلمة التي بنى عليها كتابه البهجة وهي إسناد قول: قدمي هذه على رقبة كل ولي للشيخ عبد القادر عطر الله ضريحه فقد اختلفت في هذه الكلمة الأقوال فالحافظ ابن رجب الحنبلي والإمام العز الفاروثي الشافعي والذهبي والتقي الواسطي وابن كثير والكثير من الأكابر أنكروها وبرّءوا الشيخ قدس الله روحه ونفعنا به وقالوا إنها من موضوعات الشطنوفي وإنها لم تنقل بسند صحيح يعتمد عليها” اهـ.

 

* ومما يُشبه هذا مما يجب التحذير منها ما اشتهر عن جماعة الشيخ عبد الله قطب الصومالي المشهور من كلمات يرددونها في مجالسهم وعندما يخرجون إلى مكان وهي:

 

إنَّ لشيخي تسعةً وتسعين اسما *** كَسُمى ذي الجلال في استجاب الدعاء

 

يعني قائل هذه الكلمة الشيخ عبد القادر فيصفه بأن له تسعة وتسعين اسمًا كأسماء الله تعالى تسعة وتسعين في استجابة الدعاء، وهذا الكلام فيه تشبيه الشيخ بالله تعالى، وهذه فرية جديدة ومقام الشيخ عبد القادر بعيد من هذا كل البعد، لم يدّع هو هذا ولا أحد من أتباعه الصادقين، وهذا من باب تشبيه العبد بالخالق، وتشبيه العبد بالخالق كفر.

 

ومن الغلو القبيح ظن بعض جهلة المتصوفة أن الشيخ من المشايخ يَجِلُّ عن الخطإ وهذا مخالف للحديث ولكلام الصوفية الصادقين، أما الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم: “ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك غير رسول الله” رواه الحافظ الطبراني بإسناد حسن [20]، وأما كلام الصوفية فقول الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه: “إذا علم المريد من الشيخ خطأ فلينبهه، فإن رجع فذاك الأمر وإلا فليترك خطأه وليتبع الشرع” قال ذلك في كتاب أدب المريد، وقال الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه: “سَلّم للقوم أحوالهم ما لم يخالفوا الشرع فإذا خالفوا فكن مع الشرع”، وكتب الصوفية طافحة بمثل هذا.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب أُلف في أوائل القرن الخامس عشر أو قبله بقليل منسوب لرجل في الحبشة يدعى الشيخ نِبراس ألف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه مؤلفه هذا الكلام والعياذ بالله من الكفر: “اللهم صلّ وسلم على سيدنا محمد وزير الله الأعظم”.

 

* ومثل ذلك مما يجب التحذير منه كتاب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يُشبه هذا فيه هذه العبارة من الكفر والعياذ بالله: “اللهم صلّ وسلم على سيدنا محمد الذي شَهِد وحدتكَ في كثرتك”، وهذا الكتاب رأيتُ منه نسخة في طرابلس الشام عند رجل من بيت مرحبا قال لي: “إنه لجدنا”.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “مولد العروس” وهذا كتاب مجهول مؤلفه لم يُعرف من هو، ونسبه بعض الناس بلا دليل لابن الجوزي، وفيه هذه الكلمة القبيحة المفتراة والمنسوبة إلى كعب الأحبار “إن الله قبض قبضة من نوره وقال كوني محمدًا فكانت محمدًا” وهذا الأثر فيه إثبات أن الرسول جزء من الله لمن اعتبر هذا النور نورًا متصلاً بذات الله على زعمه، وإن اعتبره نورًا خلوقًا لله يكون المعنى أن الرسول جزء من نور خلقه الله تعالى، وكلا الأمرين فاسد لا يصح. إنما الرسول خُلِقَ جسده من نطفة أبويه كغيره من الناس قال الله تعالى {قُلْ إنَّما أناْ بشرٌ مِثلُكُم} وأما روحه فلم يرد في القرءان ولا في الحديث أنه خُلقَ من كذا، لكن الحديث الصحيح أن الله تعالى خلق كل شئ من الماء يُفهم منه أن روحه خُلقَ من الماء.

 

فهؤلاء الذين يقولون إن الرسول خُلقَ من نور وأن نوره أولُ خلق الله كان خيرًا لهم أن يقولوا: “الرسول أفضل خلق الله” ويسكتوا عن ذاك الكلام.

 

* ومثل هذا مما يجب التحذير منه كتاب “مولد النبي صلى الله عليه وسلم المنسوب للشيخ محمد أبي الوفا الحلبي وفيه هذه الأبيات:

 

مبرز النور الشريف الأحمدي *** يتجلى في سماء الأبدي

خلق الله من النور القديم *** أوَّلا نور التهامي الكريم

ثم منه كان تكوين الصور *** حسبما في علم ذي العلم استقر

 

* ومما يجب التحذير منه أيضًا كتاب “النعمة الكبرى على العالمين” المنسوب لابن حجر الهيتمي وفي هذه العبارة: “أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر”، وقد حذرنا منها ومن مثلها، ومن أراد مزيد الاطلاع على تفنيد هذه العبارة فليراجع كتابنا المؤلف في رد هذه العبارة.

 

* ومما يجب التحذير منه ما يسمى “كتاب تنبيه الأنام من علو مقام نبينا محمد عليه السلام” قوله في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “الذي وطئ بساط الربوبية بأقدامه” وهذا الكلام باطل، فالربوبية صفة لله بمعنى الألوهية كقدرته تعالى ومشيئته وعلمه والله بصفاته منزه عن المكان. وهذا الكلام لم يرد في أحاديث المعراج لا بإسناد صحيح ولا بإسناد ضعيف، وقد قال أهل السنة: إن الله ذاته وصفاته منزه عن الجهة والمكان لا يحل الله ولا صفة من صفاته بالعرش ولا في غيره، هذا معتقد الإمام أبي الحسن الأشعري وغيره من أهل السنة.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا نسب إلى الرسول ما لم يقله لأن فيه هذه العبارة: “اللهم صل وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى ءال سيدنا محمد القائل: أكرِم من أكرمك ولو كان عبدًا حبشيًّا، وأهن من أهانك ولو كان حرًّا قرشيًا” وهذا لا يوجد في كتب الأحاديث النبوية فهو كذب على الرسول، بل يخالف الحديث الصحيح الذي قاله الرسول لأبي جُريّ الهُجَيمي رضي الله عنه: “إن عيرك أحد بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه” هذا حديث صحيح رواه ابن حبان [21]، قال أبو جُرَيّ: “فما سبَبتُ أحدًا بعد ذلك إنسانًا ولا دابة”، وقال عليه السلام: “اعف عمن ظلمك” [22].

 

وفي كتاب “تنبيه الأنام” أيضًا كلام يخالف القراءن والحديث وهو أن سيدنا محمدًا خُلق قبل كل موجود وهذا ليس من كلام الرسول بل كلام الرسول خلاف هذا، والصحيح ما رواه أبو هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني إذا رأيتُك طابت نفسي وقرّت عيني فأنبئني عن كل شئ قال: “إن الله تعالى خلق كل شئ من الماء” رواه ابن حبان [23] وهو حديث صحيح، وروى البخاري والبيهقي [24] أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأهل اليمن لما جاؤا إليه فسألوه عن أول المخلوقات: “كان الله ولم يكن شئ غيره وكان عرشه على الماء” وكذلك قال الإمام التابعي قتادة: “هما بدء الخلق قبل خلق السموات والأرض”.

 

* ومما يجب الحذر منه ما في كتاب “الفتح الرحماني في الصلاة على أشرف النوع الإنساني” للشيخ هاشم بن عبد العزيز الهرري من قول يا روح في وصف الله وهذا لعله أدخل في كتاب الشيخ هاشم. بعض الناس أدخله لأن الشيخ هاشمًا أشعري والإمام أبو الحسن الأشعري قال لا يجوز وصف الله بالروح وهذا خلاف قول الله تعالى: {وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها وذَروا الذينَ يُلحِدونَ في أسمائهِ} [سورة الأعراف/180] وأهل السنة كلهم أجمعوا على أنه لا يجوز تسمية الله إلا بما ورد في القرءان أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعت عليه الأمة كموجود فإذا كان الإمام أبو الحسن الأشعري منع من تسمية الله مستطيعًا وفقيهًا فكيف يقول الشيخ هاشم يا روح. نحن لا نعتقد فيه أن هذا كلامه.

 

* ومما ينبغي الحذر منه ما ذُكر في بعض كتب الصلوات مثل هذه العبارة: “اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد السابق للخلق نوره”، ولا يوجد حديث صحيح بأن نور النبي أو خلق الله بل هذا الكلام باطل مخالف للقرءان والحديث الصحيح.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “أبي معشر الفلكي” الذي يقسم الناس إلى اثني عشر بُرجًا ثم يقول: إن الذي يكون برجه كذا حياته كذا ومماته كذا، والذي يصلح له من المعيشة كذا، ومن المسكن كذا، ومستقبله كذا.

 

* ومثله كتاب “قرعة الانبياء”.

 

* ومثله كتاب “خبر الساعة” فإنه يقول فيه: “من جاءك في ساعة كذا فأمره كذا وكذا”.

 

* ومما يجب الحذر منه أيضًا كتاب “شمس المعارف الكبرى” فإن فيه دعوة الكواكب أي عبادتها، وذكر فيه أن دعوة الشمس كيفيتها كذا وكذا ويقول:  تستقبلها وأنت لابس صنفًا من الثياب وتبخر من البخور كذا فتستقبلها وتقول: السلام عليك أيتها السيدة المنيرة أطلب منك أن تفعلي كذا وكذا، ويذكر مثل ذلك في بقية ما يسمى بالكواكب السبعة السيارة من المشتري وعطارد وزحل وغير ذلك، ومثله كتاب “منبع أصول الحكمة” المنسوب لنفس المؤلف. وكتاب شمس المعارف الكبرى كثير من الناس مولعون به لأنه يذكر خواص الآيات والأسماء يقول من قرأ هذه الآية بعدد كذا في خلوة أو من قرأ هذا الاسم في خلوة بعدد كذا يحصل كذا يوهمهم أنهم إذا عملوا ذلك يصيرون من أهل الأسرار ويصلون إلى الجاه وفتح الكنوز والدفائن والمعادن فيجهدون في ذلك للوصول إلى هذا الغرض ثم لا يحصلون بل يعضهم يُجنّ بعد أن يعمل الخلوة.

 

* ومما يجب الحذر منه كتاب يسمى “معراج ابن عباس” وقد عدّه علماء الحديث من جملة الموضوعات على ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه الكثير من الكلمات الكفرية الشنيعة مثل زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم دنا من ربه حتى صار منه كقاب قوسين أو أدنى، وأن الله وضع يده بين كنفي النبي فوجد بردها على كبده، وأن النبي استوحش في المعراج فسمع نغمة كنغمة أبي بكر أسمعه الله إياها بصوته حتى لا يخاف ويطمئن، وفيه نسبة المكان والحيز لله تعالى، وأن اللخ خلق محمدًا من نور وجهه، نعوذ بالله من الكفر.

 

* ومما يجب التحذير منه “تنوير المقباس في تفسير ابن عباس” وهو كذب على ابن عباس ليس من تفسيره إنما هو جمع رجل كذاب نسبه إلى ابن عباس، وفيه كلام كفر بشع في تفسير هذه الآية: {الرحمنُ على العرشِ استوى} [سورة طه/5] فإنه يفسر الآية بقوله: “استقر ويقال امتلأ به” وكلا الأمرين أي اعتقاد أن الله مستقر على العرش تشبيه له بخلقه فهو كفر، وكذا اعتقاد أنه امتلأ العرش به كذلك تشبيه الله وإثبات حد لله تعالى فهو كفر أيضًا. والله تعالى منزه عن الحد الصغير والكبير وعن الاستقرار وعن كل صفة من صفات البشر كما قال  الإمام أبو جعفر الطحاوي السلفي المحدث الحافظ في بيان عقيدة أهل السنة إن الله منزه عن الحدود والغايات والاعضاء والأركان والأدوات وعن الجهة والمكان، وقد قال رحمه الله في كتابه الذي عمله لبيان عقيدة أهل السنة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، يعني أن الذي يُثبت لله صفة من صفات البشر كأخذ فراغ كما يأخذ الحجم مقدارًا من الفراغ فهو كافر، فالإنسان له صفات منها التحيز في جهة ومكان، ومنها الحركة والسكون، ومنها اللون، ومنها التغير من صفة إلى صفة، والله تعالى منزه عن ذلك كله.

 

* ومما يجب الحذر منه حذرًا بالغًا كتب ابن تيمية لما فيها مما يخالف الشرع من كفر ودونه إلا كتابه “الكلم الطيب” فإنه ليس فيه ما يخالف الشرع مما عليه أهل السنة من المحدثين وغيرهم.

 

والتحذير من كتبه بسبب ما فيها من تحريم التوسل والاستغاثة بالرسول، وتحريم قصد قبور الأولياء للدعاء عندها رجاء الإجابة، وتحريم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وتنقيص أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه، وإضعاف أحاديث صحيحة كثيرة لمخالفتها هواه.

 

أما تحريمه التوسل والاستغاثة بالنبي فعمل في ذلك كتابًا سماه “التوسل والوسيلة” قال فيه إنه لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر.

 

وأما تنقيصه عليًّا رضي الله عنه فقد ذكر في كتابه المسمى “منهاج السنة النبوية” إن حروب علي ضرت المسلمين في دينهم ودنياهم، وإن القتال معه لا هو فرض ولا هو مستحب، وبهذه الأشياء يكون ابن تيمية قد خالف الإجماع وخالف فيها أحاديث صحيحة مرفوعة وءاثارًا موقوفة على صحابي أو تابعي.

 

وبعض كتبه تشتمل على ما هو أشد من هذا كله وهو قوله بأن جنس العالم أزلي مع الله أي أن الله بزعمه لم يسبق بالوجود حنس العالم إلا الأفراد من العالم، وقوله بأن العرش موجود بلا ابتداء كما أن الله موجود بلا ابتداء، وقوله إن هذا كمال في حق الله، وبذلك نفى كون العرش مخلوقًا لله لأنه أثبت أن العرش لم يزل موجودًا مع الله وإن كان كل فرد من أفراد العرش حادثًا فقد جعل بقوله هذا العين الأول من العرش قديمًا مع الله ومعناه أنه ليس مخلوقًا لله، وهذا إشراك لله تعالى في أوليته فقد جعل العرش غير مخلوق، وهذا مع كونه تكذيبًا لقوله تعالى: {هو الأول} أي هو لا غير الموجود الذي لا ابتداء له فهو أمر اتفق المسلمون على أن قائله ومعتقده كافر كما صرح بذلك غير واحد من العلماء كبدر الدين الزركشي فإنه قال في أواخر كتابه “تشنيف المسامع”: “اتفق المسلمون على تكفير القائل بأزلية العالم بجنسه وأفراده والقائل بأزلية جنسه دون أفراده” فابن تيمية من هذا الفريق الثاني، فإن الفلاسفة المحدثين قالوا: العالم أزلي النوع أي الجنس حادق الأفراد وهو لا يريد أن يُنسب إلى الفلاسفة بل يريد أن يُنسب إلى أهل الحديث الذين على مذهب السلف وهيهات هيهات.

 

وقد استهجن قوله هذا علماء المعقول والمنقول فقالوا: الجنس لا يتحقق إلا في الفرد فكيف يكون الجنس أزليًا والأفراد حادثة أي يلزم من قول الأفراد حادثة مع قدم الجنس قدم الأفراد حيث إن الجنس لا يتحقق إلا في الأفراد.

 

فمن أراد التأكد من هذا فليطالع كتابه “منهاج السنة النبوية” وكتاب “موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول” وكتاب “شرح حديث النزول” وكتاب “شرح حديث عمران بن حصين”.

 

ثم هو مع قوله هذا قد قال بأن الله تعالى يتصف بالإرادة الحادثة والكلام الحادث كخلقه، ويقول بأن ذات الله تعالى تحدث فيه إرادات وتحدث فيه كلمات، وخالف بذلك القاعدة المتفق عليها عند أهل السنة أن الله تعالى لا يتصف بصفة حادثة لأن الذات الذي يتصف بصفة حادثة حادث إذ القديم لا يتصف إلا بصفة قديمة لأن حدوث العالم عُرف عقلاً بما فيه من الصفات الحادثة، وهذه حجة عقلية أقرها القرءان الكريم فإن الله تعالى ذكر عن إبراهيم أنه استدل على مخلوقية الكوكب بحدوث التغير عليها.

 

وابن تيمية خالف بهذا النقل أي القرءان والحديث وإجماع الأمة فلتُحذر كتبه وليُحذر من تسميته بشيخ الإسلام كما جرت العادة على تسمية علماء الحديث، وقد يذكره من لا يعرف حاله بهذا اللقب “شيخ الإسلام” لأنه لم يطلع على حاله ومر عليه قول بعض الحنابلة عنه شيخ الإسلام.

 

ثم هو مع أنه أول من حرّم التوسل بالرسول والأولياء والاستغاثة بهم نقض كلامه بما ذكره في كتابه: “الكلم الطيب” فإنه ذكر فيه استحسان قول: “يا محمد” لمن أصابه مرض الخدر في رجله.

 

لكن الوهابية المنتسبين إليه خالفوا قوله في هذا الكتاب فهم يكفّرون من يقول “يا محمد” ووافقهوا في ضلالاته وخالفوه في كلمة حق قالها وهي هذه الكلمة الحقة، وهذا الأمر ينادي على الوهابية بأنهم تائهون، وهذا من أعجب العجب لأنهم حين يقولون إن قول “يا محمد” شرك يكونون قد حكموا على ابن تيمية بالشرك والكفر لأن من وضع في كتابه أمرًا هو شرك مستحسنًا له فهو كافر، وابن تيمية قد عقد لهذا فصلاً خاصًا فإنه قال في هذا الكتاب: “فصل في الرِّجل إذا خدرت” ثم أورد أن عبد الله بن عمر أصابه خدرٌ في رجله فقال: “يا محمد” فذهب عنه الخدرُ في الحال، والخدَرُ مرض معروف عند الاطباء يعالجونه بالمعاجين والدهون كدهن الخردل وغيره.

 

ولابن تيمية كتاب اسمه “كتاب العرش” ذكره الإمام المفسر النحوي اللغوي شيخ القراءات أبو حيان أنه وجد في هذا الكتاب أن ابن تيمية قال فيه: إن الله قاعد على الكرسي وإنه ترك موضعًا ليقعد به محمدًا صلى الله عليه وسلم مع أنه يقول في عدد من كتبه إن الله ملازم للعرش ينزل منه كل ليلة ولا يخلو منه العرش، وقد ذكر في فتاويه أمرًا غريبًا من هذا وأبعد في العقول وهو قوله: إن الله على العرش حقيقة ومعنا حقيقة.

 

أما كتابه “الكلم الطيب” الذي مر ذكره فهو ثابت أنه من تأليفه ذكره بعض من ترجم لابن تيمية وعدّد أسامي كتبه كصاحب “عيون التواريخ” لابن شاكر الكتبي، وصلاح الدين الصفدي وكلاهما ممن كان يحضر مجالسه.

 

فأمر ابن تيمة عجب عجاب، ومن أراد زياردة الإيضاح فليطالع كتابنا “المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية” فإنه كاشف وفاضح لضلالات هذا الرجل وللمنتسبين إليه أعني نفاة التوسل ومدعي السلفية زورًا وبهتانًا.

 

* ومما يجب الحذر منه كتب ابن قيم الجوزية فإن أكثرها دعوة إلى تجسيم الله تعالى وتشبيهه بخلقه، وأشد كتبه في ذلك “النونية” التي رَويها حرف النون فإن فيها ذم أهل السنة والجماعة بل تضليلهم وتكفيرهم.

 

قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة ما نصه [25]: “غلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي هذّب كتبه ونشر علمه” اهـ.

 

وقد تبع ابن القيم شيخه ابن تيمية في جميع ضلالاته شبرًا بشبر فقد ذكر في كتابه المسمى “بدائع الفوائد” أبياتًا ونسبها لأبي الحسن الدارقطني زورًا وكذبًا قال فيها:

 

ولا تنكروا أنه قاعد *** ولا تنكروا أنه يَقعده

 

فالدارقطني كان يُجلُّ الإمام الأشعري فلو كان من المجسمة لكان أكره الناس إليه.

 

ويزعم في كتابه “الصواعق المرسلة” [26] أن الله محيط بالعالم فيقول ما نصه: “الطريق الرابع: أنه إذا كان سبحانه مباينًا فإما أن يكون محيطًا به أو لا يكون محيطًا به، فإذا كان محيطًا به لزم علوه عليه قطعًا ضرورة علو المحيط على المحاط به، ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها” اهـ، ثم قال: “ومن المعلوم بالضرورة أن العلو أشرف بالذات من سائر الجهات فوجب ضرورة اختصاص الرب بأشرف الأمرين وأعلاهما” اهـ.

 

ومن راجع القصيدة النونية لابن القيم وجدها محشوة بالتجسيم فقد صرح فيها بحوادث لا أول لها لم تزل مع الله، وأن الله بزعمه فوق سماواته على عرشه بذاته، وأن المجيء بذاته لا بأمره، وأنكر فيها صحة حديث حياة الأنبياء في قبورهم، وأن التوسل بزعمه شرك، نسأل الله السلامة، وقد رد عليه الحافظ الفقيه المجتهد تقي الدين السبكي.

 

ويكفي ابن القيم كونه نسخة من شيخه في التشبيه والتجسيم الإعجاب والكذب على أئمة الإسلام وعلمائه، فينعت الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة بالجهمية والمعطلة، ويعبر عن مشايخه المجسمة أئمة السنة وبالسف الصالح.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب سيد سابق المسمى “فقه السنة” فإنه ذكر فيه [27] أن المسلم لا يُعتبر خارجًا عن الإسلام ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر الذي ينطق به واطمأن قلبه ودخل فيه بالفعل لقوله تعالى: {ولكن من شرحَ بالكفرِ صدرًا} [سورة النحل/106]، ويكفي في الرد عليه الحديث الذي رواه البخاري ومسلم واللفظ للترمذي [28]: “إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا”، ولفظ البخاري: “ما يتبين فيها” والمعنى واحد ومؤدى الروايتين واحد، وموضع الشاهد قوله: “لا يرى بها بأسًا” فإنه يدل على أن من الكلام ما يخرج الإنسان من الإسلام من غير فرق بين أن يكون منشرح البال أو لا لذلك القول، ومن غير أن يقصد الخروج من الإسلام إلى دين ءاخر، ومؤدى قول سيد سابق هدم باب من أبواب الشرع وهو أحكام المرتدين إذ قد يدعي من سب الله أنه ما كان منشرح الصدر وقت أن تلفظ بها، وقد ثبت أن رجلاً من أصحاب الرسول قتل أم ولد له كانت تقع في رسول الله فيزجرها فلا تنزجر فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اشهدوا أن دمها هَدَر” رواه أبو داود والبيهق [29].

 

وهذه كتب المذاهب الأربعة التي بين أيدي المسلمين لم يذكر فيها اشتراط شرح الصدر لغير المكره بل نص الإمام المجتهد المطلق الحافظ ابن جرير الطبري في “تهذيب الآثار” بأن المسلم قد يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه إلى دين غيره، وكذلك ذكر الحافظ الكبير أبو عوانة الذي عمل مستخرجًا على صحيح البخاري.

 

وليس في قول الله تعالى: {ولكن من شرحَ بالكفرِ صدرًا فعليهم غضبٌ من الله} دليل على ما ادعاه سيد سابق لأن هذا ورد في المكره بالتهديد بالقتل على كلمة الكفر فإنه لا يكفر إن كان نطقه بالكفر بدون انشراح صدر لذلك الكفر بل بقي مطمئن القلب بالإسلام، وإنما يكفر إن انشرح صدره حالة النطق كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمار بن ياسر: “هل كنتَ شارحًا صدرك حين قلتَ ما قلت أم لا” فقال: لا، رواه الإمام ابن المنذر في كتابه الإشراف.

 

فتبين أن سيد سابق ومن تابعه على ذلك كحسن قاطرجي البيروتي ألغوا ءاية الإكراه وعملوا شرعًا جديدًا من عند أنفسهم وهذا كفر ومن شك فيه فهو كافر، وهذا فتح باب الكفر للناس على مصراعيه وتشجيع لهم لأن من يرى هذا الكلام قد يتجرأ فيسب الله أو الملائكة أو القرءان، فعلى قولهم مهما سب الإنسان الله أو دينه أو القرءان ما عليه حرج ويبقى مسلمًا.

 

قلنا: القرءان الكريم فرّق بين من يتكلم بكلمات الكفر شارحًا صدره من غير إكراه وبين من أكره على قول الكفر تحت الإكراه وقلبه مطمئن بالإيمان غير شارح قلبه بالكفر، فحكم على الأول بالكفر وعلى الثاني بترك التكفير كعمار بن ياسر لأن كفار مكة أجبروه على أن يمدح ما يعبدونه من الاوثان ويسب محمدًا ففعل وقلبه غير منشرح بذلك القول بل مطمئن بالإيمان فلم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم عليه بالكفر بل عذره وقال: “إن عادوا فعُد” لأنه وجده يبكي، وقد بيّنا هذه المسئلة في كتابنا “صريح البيان في الرد على من خالف القرءان” فليُراجع.

 

وفي هذا الكتاب أعني الكتاب المسمى “فقه السنة” لسيد سابق كثير من المسائل التي خرق فيها الإجماع وخالف علماء المسلمين.

 

– وله كتاب ءاخر سماه “العقائد الإسلامية” ذكر فيه عبارة ونصها: “وإن القرءان ليتحدث عن المفاسد والجرائم التي تحيط بالناس فيبين أنها ليست من صنع الله وإنما هي من أعمال البشر” اهـ.

 

قلنا: هذا مخالف لقوله تعالى: {واللهُ خلقكم وما تعملون} ولقوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله صانع كل صانع وصنعته” رواه الحاكم والبيهقي وابن حبان من حديث حذيفة [30]، وفي هذا دلالة صريحة في أن العباد لا يخلقون شيئًا من أعمالهم وإنما يكتسبونها قال تعالى: {اللهُ خالقُ كلِّ شئ} وذلك يقتضي العموم والشمول للأعيان والأعمال والحركات والسكنات. وقوله صلى الله عليه وسلم: “كل صانع وصنعته” أي كل مخلوق يعمل شيئًا وكذا صنعته أي عمله وفعله كل ذلك مخلوق لله، هذا مذهب أهل السنة والجماعة وما خالفه فهو إشراك بالله تعالى، قال شارح إحياء علوم الدين الحافظ اللغوي الفقيه محمد مرتضى الزبيدي ما نصه [31]: “لم يتوقف علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة” اهـ، وقال الزاهد الصفار من أكابر الحنفية: “يجب إكفار القدري –أي المعتزلي- في قوله: إن العبد يخلق أفعال نفسه، وفي قوله: إن الله لم يشأ وقوع الشر” اهـ.

 

وقد ناقض سيد سابق نفسه ضمن كتابه المذكور فذكر أنه ليس لأحد غير اله فعلٌ من الأفعال فالله خالق كل شئ وهذا يدل على أنه ليس من المحققين بل وليس من أهل العلم.

 

* ومما يجب التحذير منه تفسير محمد متولي الشعراوي وفتاويه، فقد جاء في فتاويه ما نصه [32]: “لا تقل في الحيوان روح هناك نامية حيوانية فيه حياة مثلما توجد في النبات نامية نباتية” اهـ، وقال في بعض مجالسه في جدة: “إن لله جوارح لا كجوارحنا” وكلتا المقالتين إنكار لما علم من الدين بالضرورة، فقد كذّب قول الله تعالى: {وإذا الوحوشُ حُشرت} وكذب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال [33]: “إن الله كتب الإحسان على كل شئ” فذكر في هذا الحديث: “وليُرِح ذبيحته” ولولان أن في البهائم أرواحًا ما قال الرسول: “وليرح ذبيحته”.

 

وذكر في فتاويه أن الله لم يمنع مُوادّة المسلم للكافر فكذّب قول الله تعالى: {لا تَجِدُ قومًا يؤمنونَ باللهِ واليومِ الآخرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولهُ ولو كانوا ءاباءهم} الآية [سورة المجادلة/22].

 

وذكر فيها أيضًا ما نصه [34]: “وخضوعًا وخشوعًا للقدرة الكبرى والقوة الكبرى التي نعبدها وهي الله” اهـ، وهذا مخالف لقول الله تعالى: {وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها وذَروا الذينَ يُلحِدونَ في أسمائِهِ سيُجْزَونَ ما كانوا يعملون} [سورة الأعراف/180].

 

وذكر في تفسيره ما نصه [35]: “يعني إذا كنت تقول هذا المنهج من الله والله في نظرك خرافة فنحن لا نجادلك في ذلك أن حر” اهـ.

 

ويقول فيه أيضًا ما نصه [36]: “فيأتي الحق سبحانه تعالى فيمسها مسًّا” اهـ، فأين هو من قول الإمام زين العابدين: “سبحانك لا تُحَسُّ ولا تُجسُّ ولا تُمَسُّ” اهـ، رواه الحافظ الزبيدي بالإسناد المتصل [37].

 

ونفى أيضًا عذاب القبر في كتابه المسمى “مائة سؤال وجواب في الفقه الإسلامي” [38]، ويقول ليس هناك إلا العرض والرؤية.

 

وفي فتاويه وتفسيره من الطامات الكثيرة التي لو أردنا سردها لطال هذا الكتاب وهي ظاهرة وواضحة لأدنى طالب علم.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” لمحمد عمر الداعوق أحد زعماء حزب سيد قطب في لبنان مع تغيير الاسم إلى اسم “جماعة عبد الرحمن” فإنه يقول في كتابه هذا ما نصه [39]: “وخرج مرة على أصحابه فقاموا له إجلالاً فقال لهم: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم… يعظم بعضهم بعضًا، وكذلك كان ينهى عن تقبيل اليد تشبهًا بالأعاجم” اهـ.

 

قلنا هذا الرجل ليس من أهل الحديث فضلاً عن كونه من أهل العلم فقد خالف في هذا فاحتج بحديث متفق على ضعفه عند المحدثين [40] أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن القيام له وقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا، إنما ورد في حديث ءاخر صحيح [41] النهي عن القيام المستمر الذي يقام في المجلس كعادة ملوك الحبشة فإنه إذا دخل الملك مجلسه يبقون قائمين حين يغادر الملك المجلس عن هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث غير هذا الذي احتج به محمد عمر الداعوق فروّج أكاذيبه وغطاها باسم تأليفه هذا الكتاب الذي سماه “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” فأوهم الناس أن هذا الكذب الذي يكذبه ويفتريه على الرسول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وقد ثبت في حديث ءاخر أن الرسول كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها قربه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها [42].

 

وخالف أيضًا في زعمه عن تقبيل اليد أحاديث صحيحة في تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله [43]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل رأسه [44]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل عبد الله بن عباس بن زيد بن ثابت رضي الله عنهما [45]، وحديثًا صحيحًا أن علي بن أبي طالب قبل يد العباس ورجليه رضي الله عنهما [46]، وقد ألف الحافظ أبو بكر بن المقري رسالة في تقبيل اليد.

 

ثم إنه ذكر في كتابه هذا مقالة أخرى [47] يوهم القارئ أن الرسول عليه السلام صلى على عبد الله بن أبيّ الذي كان معروفًا بالنفاق وهو يعلم أنه منافق وأطال الوقوف على قبره وشيع جنازته.

 

قلنا: هذا الكلام باطل وإنما صلى عليه الرسول لأنه ظن أنه أخلص الإيمان بعد أن كان منافقًا ثم نزلت الآية بأنه لم يزل كافرًا، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولو كان يعلم أنه بعد منافق ما كان صلى عليه، فمن يعتقد أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه كافر منافق فقد جعل الرسول متلاعبًا بالدين وهو كفر وردة، وهذه المسئلة هلك بها أناس ظنوا أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه بعد منافق.

 

وسبب ظن الرسول ذلك لأنه طلب من الرسول ثوبًا ونحو ذلك مما صدر منه في مرضه الذي مات فيه.

 

وفي هذا الكتاب مواضع أخرى فيها طامات وقد أعرضنا عن ذكرها لوضوحها في ذلك.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب عبد الله الداغستاني المسمى “بالوصية”، وهذا الرجل داغستاني الأصل والمنشإ ذكر لي الشيخ محمد زاهد النقشبندي أنه ليس سنيًّا وأنه خرج من بلاده وادعى أنه سني نقشبندي الطريقة وهو مقطوع ليس موصولاً.

 

وقد قال الداغستاني في أول كتابه هذا ما نصه [48]: “يقول مولانا الشيخ الذي سيفوز في هذا الزمان بما لم يفز به الأولون من الخلوات والرياضات ومن الجهاد الأصغر والأكبر والذي سينال درجة عليا ورتبة كبرى لم ينلها لا الأنبياء ولا الصحابة” اهـ، وهذه جرأة تتضمن دعوى أفضليته على الأنبياء ما تجرأها أحد ولم يتجرأ أحد من أولياء الله على أن يقارب بينه وبين نبي من الأنبياء فضلاً عن دعوى الأفضلية التي ادعاها هذا الرجل.

 

وهذا الرجل طاماته كثيرة منها أنه نزل من دمشق إلى بيروت ليتداوى لعينه فدخل مستشفى الأطباء وفي أثناء مكثه هناك أعطى مقالة للصحافة في جريدة الأنوار قال فيها: “إني كنت مت قبل هذا فجاء أربعة وعشرون ألف نبي فأخذوا روحي وداروا بها في الجنة ثم ردوني إلى الدنيا ثم أنا لا أموت إلا بعد ظهور المهدي بسبع سنين” ثم أماته الله بعد هذه المقالة بنحو ثلاثة أشهر أو أربعة فحملت جنازته إلى دمشق فدفن هنا.

 

وهذا الرجل لا يتكلم العربية إنما يتكلم الداغستانية والذي يترجم له مريده “ناظم القبرصلي” الذي سمى نفسه “ناظم الحقّاني” وهو مثل شيخه خلفه في نشر ضلالاته، وألف ناظم هذا رسالة قال فيها: “الذي يقرأ الفاتحة ينال من التجليات والفضائل ما لم ينله الأنبياء سواء كان القارئ كافرًا أو مسلمًا”، وقد قلد في هذا شيخه الداغستاني فقد ذكر في هذه الرسالة المسماة “الوصية” مثل هذا وزيادة فقال في موضع منها ما نصه [49]: “لو قرأ الكافر فاتحة الكتاب ولو مرة واحدة في حياته لا يخرج من الدنيا إلا وينال قسمًا من تلك العناية لأن الله لا يفرق بين كافر أو فاسق أو مؤمن أو مسلم بل كلهم على السوية” اهـ.

 

وقال في موشع ءاخر منها ما نصه [50]: “قارئ هذه الآية –يعني أواخر سورة البقرة- مرة واحدة يفوز بدرجة عليا ورتبة كبرى ويحصل له أمن أمان في الدنيا والآخرة ويدخل في دائرة الأمن عند الله عز وجل وينال جميع درجات ومقامات الطريقة النقشبندية العلية بما لم يفز به الأنبياء والأولياء” اهـ، فانظروا إلى هذا الكلام القبيح والكفر الشنيع.

 

ومريده هذا المسمى “ناظم القبرصلي” يشاركه في نشر دعوته جماعة، منهم: هشام قباني وأخوه عدنان الذي يعيش في أمريكا، ونصيحتي لهما أن يتعلما علم الدين ثم يشتغلا بالتصوف إن قويت الهمة لأن سيد الصوفية الجنيد بن محمد البغدادي قال: “الطريق إلى الله مسدودة إلا على المقتفين ءاثار رسول الله” اهـ، وكيف يقتفي ءاثار رسول الله من لم يتعلم علم الدين من أهل المعرفة من أهل السنة الذين تعلموا ممن قبلهم إلى الصحابة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأن علم الدين لا تكفي فيه مطالعة الكتب كما أن علوم الدنيا تُتلقى من أساتذتها، أليس يغترب الناس لتعلمها ويمكثون في الغربة سنين عديدة، ليس التصوف بتلي ورد الطريقة النقشبندية أو غيرها. وهذا القبرصلي أخذ من أحد أبناء بلادنا ستين ألف أو سبعين ألف جنيه استرليني باسم أنه يبني مسجدًا في لندن، وأخذ من غيره كذلك، وأين ذاك المسجد؟

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب يستعمله جماعة “منيرة قبيسي” المقيمة بدمشق ومكتوب عليه اسم “مزامير داود” وهو عبارة عن مجموعة قصائد شعرية يحتوي على كلمات كفرية منها [51]:

 

……………………. *** كل ما تهواه موجود في ذات الله

 

ومنها قولهم [52]:

 

يا خليلي قل الله وحده في الكثرة *** لا ترى ما سوى الله في كل كائنة

 

ومنها [53]:

 

اثنان نحن وفي الحقيقة واحد *** لكن أنا أدنى وأنت الأكبر

 

ومنها هذه الجملة [54]:

 

…………………… *** ما الكون إلا القيوم الحي

 

وهذه العبارات منها ما هو صريح بالقول بالوحدة المطلقة وهي بزعمهم أن الله جملة العالم، وبعضها صريح في الحلول أي حلول الله في الأجسام، تعالى الله عن ذلك، وكلتا العقيدتين ضد التوحيد، إذ التوحيد إفراد الله تعالى كما قال الإمام الجنيد رضي الله عنه: “التوحيد إفراد القديم من المحدث”، وهذا إبطال العقيدتين وحدة الوجود والحلول.

 

ولا يغتر بوجود هذه الكلمة: “ما الكون إلا القيوم الحي” في ديوان الشيخ عبد الغني النابلسي أو ديوان الشيخ محي الدين بن عربي وهما بريئان منها ومن مثلها لأنهما من أكابر الموحدين فقد قال الشيخ عبد الغني في بيان كفر التشبيه وأنه يكفر من اعتقد واحدة منها ما نصه [55]: “أو أنه له الحلول في شئ من الأشياء أو في جميع الاشياء، أو أنه متحد بشئ من الأشياء أو بجميع الأشياء، أو أن الأشياء منحلّة منه أو شيئًا منه، وجميع ذلك كفر صريح والعياذ بالله، وسببه الجهل بمعرفة الأمر على ما هو عليه” اهـ.

 

كيف يُنسب إليه هذا وهو القائل في منظومته في التوحيد:

 

معرفة الله عليك تُفترض *** بأنه لا جوهرٌ ولا عَرَض

 

وهذا البيت ينقض تلك الكلمة: “ما الكون إلا القيوم الحي”، لأن هذا البيت يصرح فيه الشيخ عبد الغني بأن الله تعالى ليس جوهرًا ولا عرضًا، والعالم لا يخرج عن الجوهر ولا عن العرض، وهذا عقيدة أهل السنة، فكيف يصدّق على الشيخ ما هو ضد عقيدة أهل السنة!.

 

وكون هذا الكتاب لهن لا يدخل فيه شك فقد أخبرني أحمد عبد الله الرفاعي وكان مؤذنًا بقرية الزبداني فقال: كانت فتاة تسمع صوتي فأعجبت به فتعرفتْ عليّ فذكرت لي أنها من جماعة منيرة قبيسي فأعطتني هذا الكتاب وذكرت أنهن يشتغلن به وأنه يباع في مكتبة الفارابي بدمشق، فذهبت أنا وأحمد المذكور إلى المكتبة فسألنا صاحبها فقال: هذا الكتاب يشتريه مني جماعة منيرة قبيسي، فشددنا عليه النكير فقلت له: لا يجوز لك بيع هذا الكتاب فيه مخالفات للشرع، فبلغ الخبر منيرة فعملن اجتماعًا كبيرًا واتفقن على إنكار نسبته إليهن.

 

ومما يؤكذ أيضًا أن هذا الكتاب يشتغلن به أن فتاة دمشقية من جماعة منيرة كانت تدرس في الجامعة العربية في بيروت كانت تبيع هذا الكتاب لبعض الطالبات.

 

وداعيتهن في لبنان سحر حلبي شهد عليها عدد كثير من الفتيات اللاتي كن معها ثم ألهمهن الله الرجوع عنها أنهن سمعن منها كلمات كفرية شنيعة مخالفة للشرع، ومن اللاتي شهدن عليها سهير الشعار شهدت على سحر أنها قالت: “إذا كانت المرأة في الحيض ووضعت يدها في الطعام أو الكبيس تنجس”، وهذه عقيدة اليهود، وسمعت زهرة منصور من سحر أنها قالت: “الله موجود في الكعبة لذلك الناس يذهبون للحج”، وكلمات أخرى كثيرة سمعها خلق كثير من النساء اللاتي تركنها بعدما تبين لهن جهلها.

 

وتابعات سحر هذه في لبنان لهن كفريات مثل هذه التي ذكرناها عن سحر يأخذ استيعابها وقتًا واسعًا.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب باسم التفسير لأمين شيخو ومريده عبد الهادي الباني الدمشقيين واسمه “التفسير الفريد” فإن هذا الكتاب محشو بالأباطيل والضلال والعياذ بالله تعالى.

 

أما أمي شيخو فلا صلة له بعلم الدين كانت وظيفته في الشرطة في دمشق ولم يمارس علم الدين إنما انتسب للطريقة النقشبندية ولم يكن يدرس في مسجد إنما يتكلم على جماعته في بيته، وهكذا تلميذه هذا لم يكن له حظ في علم الدين إنما يمتاز عن شيخه بأنه يحسن العربية لانه درس النحو ليس مثل شيخه لأن شيخه لا يعرف إلا العامية المحلية، ومع هذا تجرأ على تفسير القرءان بما لم يتجرأ عليه علماء الإسلام حيث إنه فسر العقاب بالتعقب لأنه قال: إن الله لا يوصف بالعقاب.

 

وبعد موت أمين شيخو تجرأ جماعته وصاروا يدرسون في بعض المساجد، ولبعضهم تآليف ظهرت في هذه الأزمنة القريبة.

 

ومن عقائدهم الفاسدة المكذبة للقرءان قولهم: إن مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد، وهذا كفر فإن الله تعالى يقول: {وما تشاءونَ إلا أنْ يشاءَ الله رب العالمين} [سورة التكوير/29] فإن الآية صريحة في أن العبد لا تحصل له مشيئة إلا أن يشاء الله في الازل أن يشاء العبد، فمشيئة الله تعالى هي السابقة لأنها أزلية كما أن الله تعالى أزلي ليس لوجوده ابتداء.

 

وحرفوا أيضًا قول الله تعالى: {ولكنَّ اللهَ يهدي من يشاءُ} [سورة القصص/56] فجعلوا الضمير في “يشاء” للعبد، ومراد الله بالآية أن الله بمشيئته يهدي العبد كما أن بمشيئته يضل العبد قال تعالى: {ولو شاءَ لهداكُمْ أجمعين} [سورة النحل/9].

 

* ومما يجب التحذير منه مؤلفات ناصر الالباني فإنه ليس من المحدثين كما شاع ذلك عند كثير فضلاً عن كونه من ءاحاد طلبة العلم إنما أمره أنه كان ساعاتيًا يشتغل بتصليح الساعات ثم دخل إلى المكتبة الظاهرية بدمشق واشتغل بالقراءة والمطالعة وحده بدون أن يتلقى العلم عن أهل المعرفة ثم تجرأ واشتغل بالتأليف والتخريج على عادة كثير من أهل هذا العصر، والواقع أنه جاهل من الجاهلين أداه جهله إلى تكذيب الشرع والعياذ بالله تعالى.

 

وقد أبعد ناصر الألباني في القول في الدين بغير دليل فحرّم قيام رمضان بأكثر من إحدى عشرة ركعة وأحدث وجماعته بلابل بين المسلمين في الشام وغيره بسبب هذه الفتوى واحتج لذلك بقول عائشة: “ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة” رواه البخاري [56]، وليس فيه حجة له لأن كلام عائشة هذا محمول على أن ذلك بحسب ما رأته لأنه صح حديث أبي هريرة: “ولكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة أو بأكثر من ذلك” رواه ابن حبان وابن المنذر والحاكم من طريق عراك عن أبي هريرة [57].

 

ومما يرد على الألباني ما شاع وتواتر في عصر السلف أن أهل المدينة كانوا يقومون بست وثلاثين وكان أهل مكة يقومون بثلاث وعشرين وكانوا يطوفون بين كل أربع ركعات فأراد أهل المدينة أن يعوضوا عن الطواف الذي زاده أهل مكة أربعَ ركعات ولم يُنكر عليهم ذلك بتحريم ما فعله الفريقان.

 

ومما ينقض كلامه ما رواه الخلعي من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الليل ست عشرة ركعة قال الحافظ العراقي: “إسناده جيد”. ويرد عليه أيضًا ما رواه البخاري [58] من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بركعة” فإن فيه دليلاً صريحًا على جواز قيام رمضان بأقل من إحدى عشرة ركعة وبأكثر منها بلا تحديد وذلك حجة لما قاله الشافعي: “لا حدّ لعدد ركعات قيام رمضان وما كان أطولَ قيامً أحبُّ إلي”، ونقل ذلك الحافظ أبو زرعة العراقي في التقريب [59] ونقله غيره عنه.

 

ثم إن فتوى الألباني هذه خالف فيها المسلمين حتى الوهابية فإن الوهابية يصلون في بلادهم عشرين ركعة ثم ثلاث ركعات وتر، وهو وهابي في العقيدة مثلهم لكن حب الاستبداد والشهرة جره إلى أن خالفهم وخالف سائر المسلمين، فإنه ما ظهر في الوجود عالم حرم عشرين ركعة التي تسمى التراويح وثلاث ركعات وتر بعدها قبله أحد.

 

ثم إن الألباني افتات على أهل الحديث في كثير من الأحاديث فضعف الصحيح المخالف لهواه وقوى الضعيف الموافق له، وتجرأ على التصحيح والتضعيف فخالف بذلك قاعدة المحدثين أن التصحيح والتضعيف للحفاظ فقط كما قال السيوطي في ألفيته:

 

وخذه حيث حافظ عليه نص *** أو من مصنف بجمعه يُخص

 

وهو يعرف من نفسه أنه ليس بمرتبة الحفظ ولا يقاربها وقد اعترف بذلك فذكر أنه محدث كتاب وليس محدث حفظ، ولا يسمى الرجل عند المحدثين محدثًا إلا بالحفظ، فهو شاذ عن المحدثين كما أنه شاذ عن الفقهاء محروم من الفضيلتين، وليعلم ذلك أيضًا من تبعه من أتباعه ممن كتبوا على بعض المؤلفات وقلدوه تقليدًا أعمى كالمسمى “حمدي السلفي”. وقد اغتر به بعض من ليس من أتباعه فصاروا يصححون ويضعفون مخالفين لقواعد المحدثين فليتقوا الله تعالى وليعملوا بقول أهل الحديث: “التصحيح والتضعيف من خصائص الحفاظ”. وهذا نشأ من قصورهم عن فهم علم الحديث دراية كما ينبغي لأن شرط الصحيح والحسن السلامة من الشذوذ والعلة ومعرفة ذلك استقلالاً لا يقوم به إلا الحافظ لأن مبنى ذلك على تتبع الطرق، فلا ينبغي أن يعتمد على كلامه في التصحيح والتضعيف لأنه ليس محدثًا فضلاً عن أن يكون حافظًا، والشرط عند علماء الحديث للتصحيح والتضعيف أن يكون محدثًا حافظًا لا يكفي أن يكون محدثًا فقط إلا إذا وصل إلى درجتين: درجة المحدث وهي أدنى، ودرجة الحافظ وهي أعلى، فمن كان حافظًا فهو محدث وليس كل محدث حافظًا، والألباني خالٍ عن الدرجتين، بعيد بعدًا كبيرًا عن درجة المحدث فضلاً عن درجة الحافظ.

 

ومن أعجب شذوذات الألباني أنه حرّم الوضوء بأكثر من مد أي ما يساوي تقريبًا ثلاثة أرباع كوب من الماء، وحرم الاغتسال بأكثر من خمسة أمداد نشرت ذلك عنه مجلة التمدن الإسلامي في دمشق وحدثنا عنه بذلك بعض من شافهه، فكان ردي في ذلك موجهًا إليه الخطاب: “كنت تاخذ بمذهب الحنفي وتدعي أنك لا تخرج عنه إلا إلى قول قاله مجتهد ءاخر وها أنت خرجتَ إلى قول لم يقل به عالم قط”، فلم يردّ جوابًا.

 

وكان استناده في تحريم ذلك حديث مسلم عن أنس [60]: “كان –أي رسول الله- يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد”، وأين في الحديث تحريم الزيادة على المد في الوضوء وقد جهل أو تجاهل أن مسلمًا أتبع ذلك برواية: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بخمس مكاكيك ويتوضأ بمكوك” والمكوك مقدار صاع ونصف كما يُفهم ذلك من القاموس وغيره وإن فسره النووي بالمد مخالفًا اللغة، فعلى قول الألباني يا ويل الذين يزيدون على ذلك لكونهم أصحاب الحِرف الوسخة حيث لا يقتصرون لجميع وضوئهم على المد فهم ءاثمون ضالون على قوله، وفيه أيضًا تأثيم لغالب المسلمين وفي هذا تضييق لدين الله تعالى الواسع وحرج عظيم والله تعالى يقول: {وما جعلَ عليكُم في الدينِ من حرج} [سورة الحج/78].

 

فمن عرف هذه الحقيقة عرف أن مؤلفات الألباني مدخولةٌ لا يجوز الاعتماد عليها، فلا عبرة بتأليفه الذي سماه “الصحيحة” وتأليفه الذي سماه “الضعيفة” فقد ناقض نفسه في هذين الكتابين فصحح أو حسن بعض الأحاديث في الكتاب الأول وضعفها في الكتاب الثاني، فليحذر المسلمون، وهذه نصيحة أسديناها للمسلمين فلا يكونوا أُسراء التقليد الفاسد.

 

* ومما يجب التحذير منه شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي فقد شحنه بعقيدة التجسيم وبآراء ابن تيمية كقوله بأزلية العالم بنوعه، وتبعه في كل شئ حتى في قوله: إن العالم لا ابتداء له فيما مضى كما أنه لا انتهاء له في المستقبل، ويقول: نوع كلام الله أزلي أما أفراده فحادثة، وكذلك يقول في إرادة الله أي أن ذات الله يحدث فيه كلام بعد كلام وإرادة بعد إرادة من الأزل إلى الأبد اللانهائي، وهذه أقوال لا تقبلها العقول السليمة لأن النوع لا يتحقق إلا في ضمن الأفراد، فإذا كانت الأفراد حادثة فلا يعقل أن يكون نوع تلك الأفراد أزليًا.

 

* ومما يجب التحذير منه بعض كتب التجانية، وهم طائفة نسبت إلى الشيخ أحمد التجاني المغربي، وقد ثبت عندنا أن طريقته الأصلية حُرفت بأن نشرت هذه النسخ المحرفة وأخفيت النسخ الأصلية للشيخ وذلك من ثلاث طرق:

 

إحداها: شهادة شيخنا الشيخ داود الجبرتي الحبشي خريج الأزهر فقد قال: “إنه لما دخلت الكفار المغرب لم يكن يستتب لها الأمن فدلها بعض الخونة على أمر قال لهم: إنكم إن فعلتم ذلك استتب لكم الأمن قال لهم: تنشر كتب الشيخ محرفة وتخفى الأصلية فإذا انتشرت هذه الكتب بين أتباع الشيخ يصير بينهم اختلاف فأنتم تستريحون”.

 

الثانية: كذلك قال ذلك الشيخ أحمد عبد الموريتاني من ذرية الشيخ مختار الكنتي صاحب الطريقة الكنتية.

 

الثالثة: كذلك قال الشيخ إبراهيم صالح الحسيني القاضي الشرعي الأكبر لنيجيريا، قال لي الشيخ كمال الحوت: إني سمعت الشيخ إبراهيم صالح الحسيني في بيته في القاهرة عند ذكر الكلام على التجانية يقول: “الشيخ أحمد التجاني أشعري العقيدة عالم لا يقول ما نُسب إليه إنما حقيقة الأمر أن أوائل تلاميذه ومريديه اشتغلوا بالجهاد ومحاربة الفرنسيين فلجأ الفرنسيون إلى بعض المنتسبين إليه وأعطوهم مالاً فأدخلوا التحريف في الطريقة التجانية مما أدى إلى انشقاق التجانيين، وأول من جاء بهذا التحريف تجانية فاس ثم تبعهم بعض تجانية السودان فأرادوا بزعمهم الدفاع عن الشيخ فزادوا الطين بلة” اهـ، ثم قال: “ثم سألته عمن نسب للشيخ أن صلاة الفاتح تعدل ستة ءالاف ختمة من القرءان فقال: لا تعدل حرفًا واحدًا من القرءان، وبعض الغلاة أوصلها إلى أكثر من ذلك بكثير، ثم ذكر أن عنده رسائل بخط الشيخ أبي العباس التجاني فيها خلاف ما نسب إليه المحرفون، وأن التجانية القدماء ليسوا كتجانية هذا الوقت” اهـ.

 

ومن اطلع على جريدة “لابريس ليبر” [61] [lapresse libre] وهي جريدة فرنسية تصدر في الجزائر وجد فيها خطبة طويلة ألقاها “محمد الكبير” صاحب السجادة الكبرى التجانية فيها الولاء التام والطاعة والحث الشديد على إعانة الأوروبيين، وفيها الاعتراف بأن بعض التجانية مهد السبيل للأوروبيين لاحتلال البلاد المغربية، وهذا يؤكذ ما قدمنا ذكره.

 

قال الحاج مالك به ابن الشيخ داود في كتابه “الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية” ما نصه [62]: “وأما ما يقوله أو يفعله بعض الجهال المنتسبين إلى الطريقة التجانية مما يخالف الشريعة الإسلامية فإن الشيخ رضي الله عنه ليس مسؤولاً عنهم وطريقته بريئة منهم كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام ليس بمسؤول عن أعمال جهلة المسلمين من أمته، والدين الإسلامي هو أيضًا بريء مما يفعله بعض المسلمين المنحرفين، وليس لأحد حجة على الشيخ بعد قوله رضي الله عنه: “وإذا أمرتكم بأمر فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فاعملوا به وإن خالف فاتركوه” اهـ.

 

ومن كتبهم المحرفة التي فيها ما يخالف الدين كتاب يسمى “الفتح الرباني” وكتاب “الغنية” وكتاب “رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم” وكتاب “جواهر المعاني” وكتاب “الإفادة الأحمدية”، وأشد منشوراتهم في الضلال دفتر مكتوب عليه “أوراد الطريقة التجانية” وفي هذا الدفتر الصغير مذكور: “اللهم صل وسلم على سيدنا محمد عين ذاتك الغيبية” وهذه الكلمة أي عين ذاتك الغيبية لا يقولها مسلم فإنها ضد التوحيد، والإسلام توحيد، قال الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية: “التوحيد إفراد القديم من المُحدث” ذكر ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وغيره.

 

وهذه الكلمة تجعل الرسول عين الله أي أن الله والرسول شئ واحد وهذا أكفر الكفر كما أن القول بالحلول أي حلول الله تعالى في خلقه أكفر الكفر، فهاتان العقيدتان عقيدة وحدة الوجود ويقال لها الوحدة المطلقة وعقيدة الحلول أكفر الكفر، اعتقادهما كفر وقولهما باللفظ كفر لأن ما كان فاسدًا معناه فلفظه فاسد غكما لا يجوز اعتقاد معناه كذلك لا يجوز النطق به.

 

ومما جاء في كتابهم المسمى “جواهر المعاني” [63] “إن المرة الواحدة من صلاة الفاتح تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرءان ستة ءالاف مرة لأنه من الأذكار”.

 

وقال فيه أيضًا [64]: “بأن بعض أحوال الرحمة في أهل النار من الكفار أنهم يغمى عليهم في بعض الأوقات فيكونون كالنائم لا يحسون بأليم العذاب ثم حضر بين أيديهم أنواع الثمار والمآكل فيأكلون في غاية أغراضهم ثم يفيقون من تلك السكرة فيرجعون إلى العذاب، فهذا من جملة الرحمة التي تنال الكفار” اهـ.

 

قلت: هذا مخالف لقول الله تعالى: {ونادى أصحابُ النارِ أصحابَ الجنةِ أن أفيضوا علينا من الماءِ أو مما رزقكم الله قالوا إنَّ اللهَ حرَّمهما على الكافرين} [سورة الأعراف/50].

 

وقال في أيضًا [65]: “إن الكفار والمجرمين والفجرة والظلمة ممتثلون لأمر الله ليسوا بخارجين عن أمره” اهـ.

 

قلت: وهذا أيضًا مخالف للقرءان لقوله تعالى: {وما تأتيهم من ءايةٍ من ءاياتِ ربهم إلا كانوا عنها مُعرضين} [سورة الانعام/4]، فكيف يوصفون بأنهم ممتثلون لأمر الله ليسوا بخارجين عن أمره والله وصفهم بقوله: {مُعرضين}، ووصفهم بقوله تعالى: {ومَن أظلمُ ممن ذُكِّرَ بآياتِ ربهِ فأعرضَ عنها} [سورة الكهف/57].

 

وقال فيه أيضًا ما نصه [66]: “إن الشيخ العارف يمكنه أن ينقل روحه من جسده إلى جسد ءاخر ويتصر ف بذلك الرجل بما يريد من الأمور” اهـ.

 

وقال فيه ما نصه [67]: “وأقول لكم إن مقامنا عند الله في الآخرة لا يصله أحد من الأولياء ولا يقاربه لا من صغر ولا من كبر، وإن جميع الأولياء من عصر الصحابة إلى النفخ في الصور ليس فيهم من يصل إلى مقامنا” اهـ.

 

وقال في الكتاب المسمى “الإفادة الأحمدية” ما نصه [68]: “طائفة من أصحابنا لو اجتمع أكابر أقطاب هذه الأمة ما وَزِنوا شعرة من أحدهم” اهـ.

 

وقال فيه ما نصه [69]: “كل الشيوخ أخذوا عني من عصر  الصحابة إلى النفخ في الصور” اهـ.

 

وقال فيه أيضًا ما نصه [70]: “قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من أول إنشاء العالم إلى النفخ في الصور” اهـ.

 

وقال فيه أيضًا ما نصه [71]: “يوضع لي منبر من نور يوم القيامة وينادي مناد حتى يسمعه كل من بالموقف: يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه في دار الدنيا من غير شعوركم” اهـ.

 

وقال فيه أيضًا ما نصه [72]: “من لم يعتقد أنها –يعني صلاة الفاتح- من كلام الله لم يصح الثواب فيها” اهـ.

 

هذا بعض ما في كتبهم ولو أردنا حصرها لضاقت هذه الأوراق عنها.

 

والله سبحانه وتعالى نسأله أن يسددنا ويوقفنا لما يجب ويرضى من القول والعمل.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب “قصص الأنبياء” لعبد الوهاب النجار ففيه ما يخالف عقيدة أهل الحق.

 

ومما فيه قوله [73]: “الملائكة الذين قالوا: {أتَجعلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدماءَ} [سورة البقرة/30] استحقروا ءادم”، فإن في هذا الكلام طعنًا بالملائكة لأن الملائكة لا يعترضون على الله ولا يحقّرون أنبياءه فهم منزهون عن ذلك، فقولهم مما حكاه القرءان عنهم {أتجعلًُ فيها مَن يُفسدُ فيها} الآية ليس المراد به ءادم إنما المراد به أن صنف البشر الذين كتب الله أنهم سيكونون خلفاء في الأرض فيهم من صفتهم هذه وهي الإفساد في الأرض وسفك الدماء بغير حق لأنهم علموا أن البشر الذين هم من ذرية ءادم عليه السلام يحصل من بعضهم هذا. فقوله إن الملائكة استحقروا ءادم معناه أنهم اعترضوا على الله كما اعترض إبليس لمّا أُمرت الملائكة بالسجود وهو كان فيهم قبل أن يكفر فقال: {ءَأسجدُ لِمَنْ خَلقتَ طينًا} [سورة الإسراء/61] مع أنه قال: {قالَ أناْ خيرٌ مِنهُ خلقتني من نارْ وخلقتهُ من طين} [سورة ص/76]، فتحقير ءادم من صفة إبليس ليس من صفة الملائكة الذين يعلمون أن ءادم من أنبياء الله تعالى الذين اصطفاهم واختارهم وفضلهم على الملائكة حيث أمرهم كلهم بالسجود لآدك ولولا أنه أفضل من الملائكة ما أمرهم بالسجود له، وإن الله تعالى يفضل ما شاء من خلقه على ما شاء.

 

ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى موجبًا للتحذير منه.

 

وأشد من هذا قوله في هذا الكتاب عن نظرية دارون ما نصه [74]: “عندنا القرءان الكريم يدل بنصوصه الظاهرة على أن أصل الإنسان ءادم ولم يكن قردًا تحول ولا شيئًا ءاخر ترقى وهو الثقة، فإذا وصل أصحاب النظرية إلى الأدلة القاطعة التي تجعل هذه القصة بديهية تساوي في بداهتها “كل عدد زوجي ينقسم إلى قسمين متساويين” و”السماء فوقنا والأرض تحتنا” كان لزامًا علينا أن نؤول القرءان ليوافق الواقع كما هي القاعدة القائلة: إن القرءان يؤخذ على ظاهره بدون تأويل إلا إذا منع من ذلك مانع فيُعمد إلى تأويله” اهـ، فإن قوله هذا يتضمن جواز تأويل نصوص القرءان لغير دليل شرعي ثابت أو دليل عقلي قاطع وهذا عبث بالقرءان والقرءان منزه عن العبث، فكيف احتمل في ظنه دليل عقلي يلزم تأويل القرءان ولا يوجد شبهة دليل، وقد نقض هذه النظرية الفاسدة كثير بعدما قبلوها، فقوله هذا فيه فتح باب للتلاعب بالقرءان.

 

ومما في هذا الكتاب أيضًا إنكاره أحاديث نزول عيسى عليه السلام وأنه يقتل الدجال [75]، وأن المسلمين على زعمه ينتظرون إنسانًا خرافيًا يكون أعور [76]، ويقول إن هذه أخبار ءاحاد لا تنهض بإنشاد عقيدة إذا خالفها إنسان وحاد عن الاعتقاد بها [77]، ويدعي أن صعود عيسى عليه السلام إلى السماء لا يوجد فيه نص قاطع الثبوت والدلالة وبزعمه أنه لا حجة للجمهور في القول بأنه رفع إلى السماء لأنه لا يوجد ذكر للسماء [78].

 

قلنا: إن عبد الوهاب النجار كما قال فيه الشيخ عبد الله الغماري [79]: “من المبتدعة”، وأما إنكاره نزول عيسى عليه السلام من السماء فهذا أمر أجمع عليه المسلمون إجماعًا معتبرًا عند الأصوليين، وقد وردت أحاديث صحاح كحديث [80]: “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا” رواه البخاري وغيره، وعند البيهقي [81]: “ينزل عيس ابن مريم من السماء”، وعند ابن حبان [82] عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وإنهُ لعلمٌ للساعةِ} [سورة الزخرف/61] قال: “نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة”، فأحاديث نزوله عليه السلام مشهورة قريبة من التواتر.

 

أما حديث خروج الدجال فهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره [83].

 

أما زعمه أنه لا حجة للجمهور في القول بأنه رفع إلى السماء فهذا يرده رواية البيهقي السابقة وفيها: “ينزل من السماء”، وقد ألف في ذلك بعض محدثي الهند كتابًا سماه “التصريح في نزول المسيح”.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب يسمى “عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة” لسعاد ميبر وفيه مقالات خارجة عما عليه أهل السنة ومن ذلك زعمها اشتراط أن يَعلم المتكلم بالكفر أن كلامه كفر أي أنه لا يُحكم عليه بالكفر إلا أن يَعلم أن كلامه أو فعله المكفّر كفر، وهذا الكلام خلاف الحق المقرر في تآليف العلماء، ويكفي في ذلك قول الحافظ المجتهد المطلق ابن جرير الطبري فقد صرح بأن المسلم قد يخرج من الإسلام من غير أن يعلم أنه خرج ومن غير أن يختار دينًا غير الإسلام على الإسلام، نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح البخاري، وقد صرح كثير من العلماء الذين تكلموا في بيان الكفريات بأن من نطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان في غير حالة الإكراه كفر، ومن أراد مزيد تفصيل فليراجع كتابنا “صريح البيان في الرد على من خالف القرءان”.

 

ومن ذلك أيضًا مما في هذا الكتاب قولها ما نصه [84]: “وعلى هذا فإن الاستغاثة لا تكون إلا لله”، وهذا الإطلاق مردود لأن الاستغاثة بالصلحاء وبالأنبياء والاولياء جائزة بدليل حديث الطبراني أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله ادع لي أن يرد علي بصري فقال له الرسول: “ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي” فذهب الأعمى وفعل ما علمه الرسول. ثم عاد إلى مجلس الرسول وقد أبصر وكأنه لم يكن به ضُرٌّ قط، ثم علّم الصحابي الذي كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم حبن علّم الأعمى رجلاً كانت له حاجة إلى عثمان بن عفان ففعل الرجل فقضى عثمان له حاجته، وهذا استغاثة لأن الاستغاثة والتوسل بمعنى واحد كما قال الحافظ اللغوي المجتهد تقي الدين السبكي.

 

وفي حديث الشفاعة يوم القيامة عند البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الناس يستغيثون بآدم” [85]، وفي رواية لهذا الحديث: “يستشفعون” [86] بدل يستغيثون، وهذا أيضًا دليل على أن الاستغاثة والتوسل مترادفان، فيصح أن يقال: “كل استغاثة توسل”، ولا يَغُرَّنكَ ما قاله محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من أو قول “يا رسول الله” أو “يا محمد” شرك.

 

أما استشهادك بابن تيمية وتسميتكِ له “شيخ الإسلام” ليس في محله فابن تيمية هو أول من حرم التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقله قبل ذلك عالم قط كما قال معاصره الحافظ تقي الدين السبكي علي بن عبد الكافي الذي قال فيه الذهبي تلميذ ابن تيمية:

 

ليهن المنبر الأموي لما *** علاه الحاكم البحر التقي

شيوخ العصر أحفظهم جميعًا *** وأخطبهم وأقضاهم علي

 

قال السبكي ذلك الكلام عن ابن تيمية في كتاب “شفاء السقام في زيارة خير الأنام”، وقال في غير هذا الكتاب عن ابن تيمية: “وحبس بإجماع العلماء وولاة الأمور” حتى مات بعد مضي سنتين في الحبس. ثم ابن تيمية ناقض نفسه في مسئلة التوسل ففي أكثر كتبه يحارب التوسل بالرسول وبغيره إلا بالحي الحاضر وأثبت التوسل في كتابه “الكلم الطيب” فإنه قال: “فصل في الرِّجل إذا خدرت” ثم ذكر أن عبد الله بن عمر خدرت رجله فقال له بعض الناس: اذكر أحب الناس إليك فقال: “يا محمد” فاستقامت رجله لكن المنتسبين إليه الوهابية ما أخذوا بما في كتابه هذا بل جمدوا على كتبه الأخرى التي يحرم فيها التوسل. والخدر مرض معروف يصيب الرجل وهو نوع من الشلل معروف عند الاطباء من جملة أدويته دهن الرِّجل بدهن الخردل.

 

ثم مؤلفة هذا الكتاب توافق الوهابية فهي وهابية معنى وإن لم تظهره أمام جماعتها. وعند جماعتها استغاثة بريئستهن فإنهن يقلن في مجالسهن: “لو كنا أينما كنا شيختنا معنا لا تتركنا” ويرقصن على ذلك وذلك معروف عند جماعتها في الشام وفي لبنان وغير ذلك، ورئيستهن هي منيرة قبيسي، فلم يبق لسعاد ميبر إلا أن تنادي على نفسها أنها وهابية.

 

ثم مما يدل على أنها وهابية أنها وافقتهم في قولهم: لا بد من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أي بزعمها لا يكفي توحيد الألوهية وهذا ضد ما أجمع عليه المسلمون وما قال أحد بهذا إلا أتباع ابن تيمية وخالفوا الحديث المتواتر [87]: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله”، والرسول كان يحكم بالإسلام للكافر إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وهؤلاء قالوا لا يكفي، ومع هذا فإن سعادًا هذه تورد في كتابها هذا عبارات مما يقوله الصوفية لترضي جماعتها جماعة منيرة قبيسي الدمشقية لأنهن يزعمن أنهم يوافقن التصوف، فسعاد ميبر ذات وجهين تريد أن ترضي الوهابية وتريد أن ترضي جماعتها وهذا حال المنافقين والمنافقات.

 

ولو علمتِ يا سعاد قول ابن تيمية بأن العالم بنوعه أي جنسه أزلي لم يزل مع الله أي لم يتقدمه الله بالوجود ما استجزتِ أن تسميه “شيخ الإسلام” لأن هذه المقالة تكذيب للقرءان، فالله وصف نفسه بأنه فقط لا ابتداء لوجوده قال تعالى: {هوَ الأولُ والآخرُ} [سورة الحديد/3]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان الله ولم يكن شئ غيره” وأجمع علماء الإسلام على أن العالم جنسه وأفراده أي أشخاصه حادث، وقول ابن تيمية هذا ليس دين محمد بل دين أتباع إرسطو [88]، على أن ابن تيمية بعدما ذكر هذا نسب هذا إلى علماء الحديث زورًا ولم ينسبه إلى الفلاسفة لأنه لا يريد أن ينسب إليهم وهو في الحقيقة صار واحدًا منهم، وهو يكفر أتباع إرسطو من المنتسبين إلى الإسلام كابن سينا والفارابي فيكون بذلك كفّر نفسه وهو لا يشعر.

 

وإن أردتِ مزيد تفصيل في أمر ابن تيمية وفي مسئلة التوسل فراجعي كتابنا “المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية” فإنه مفيد لأمثالك.

 

وفي هذا الكتاب أعني كتاب سعاد ميبر [89] أن الغزالي قال عن الله: “وهو في كل النواحي لا يزول” وهذا غير صحيح ليس من كلام الغزالي فإن الغزالي نص في أكثر من كتاب على أن الله تعالى ليس في مكان واحد ولا في جميع الأمكنة، وكذلك نص على ذلك الإمام أبو الحسن الأشعري والإمام أبو منصور الماتريدي وأجمع على ذلك العلماء. وإنما هذا القول وهو شطر من بيت من جملة أبيات نسبها البيجوري إلى الغزالي في شرح “جوهرة التوحيد” بل هذا القول ضد عقيدة أهل السنة، فأهل السنة متفقون على أن الله تعالى ليس متحيزًا في مكان ولا في جهة ولا في جميع الجهات والأمكنة.

 

وفي هذا الكتاب [90] ذكر أن إبراهيم هو أبو الأنبياء الذين وضعوا أسس التوحيد، وهذا الكلام في غير محله فإن أبا الأنبياء على الإطلاق ءادم عليه السلام ثم يطلق على نوح لكن لا على وجه الإطلاق، وقد انعقد الإجماع على أن ءادم نبي حتى قال ابن حزم إن من خالف ذلك أو شك في ذلك كافر بالإجماع وذلك في كتابه “مراتب الإجماع”.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا [91] التردد في أن الجنة التي كان فيها ءادم عليه السلام هي جنة الخلد أم أرض من بقاع الأرض، وهذا الكلام مخالف لظاهر النصوص لأن ظواهر النصوص القرءانية والحديثية أنها هي جنة الخلد، والنصوص لا يجوز تأويلها إلا بدليل عقلي قاطع أو بدليل نقلي ثابت كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن جملة ذلك قوله تعالى: {إنَّ لكَ ألا تجوعَ فيها ولا تعْرى* وأنكَ لا تظمؤُاْ فيها ولا تضْحى} [سورة طه/118-119] وجنة بهذه الصفة لم توجد في الأرض.

 

وفي هذا الكتاب أنه لم يرد نص صريح في تعين مكان الجنة والنار [92]، قلنا: بلى ورد في ذلك نص صريح قال تعالى: {ولقد رءاهُ نزلةً أخرى* عندَ سدرة المُنتهى* عندها جنةُ المأوى} [سورة النجم/13-14-15]، وورد مما يبين مكان النار حديث البراء بن عازب [93] أن الكفار ينزل بأرواحهم إلى سجين في الأرض السفلى، وذكر الحاكم أبو عبد الله في “المستدرك” [94] أنه صحت الروايات أن جهنم تحت الأرض السابعة.

 

ويوجد مواضع كثيرة في هذا الكتاب خالفت فيه سعاد ميبر النصوص وخرقت الإجماع، وهذا بسبب أن مؤلفة الكتاب لم تتلق العلم الصحيح عند أهل المعرفة، فما أجدر كتابها هذا بأن يسمى كتاب “التشبيه والتمويه” بدل الاسم الذي هي سمته.

 

* ومما يجب التحذير منه كتب فتحي يكن ولا سيما كتابه “الموسوعة الحركية” فمما ذكره فيه ونصه [95]: “هلمًا بأن هذه التقسيمات الكفرية لا تقوم على دليل شرعي أساسًا” اهـ، وهذا الكلام يجب إنكاره إنكارًا شديدًا، وهذا الكلام جر بعض الناس لأن يقولوا: إن الألفاظ الكفرية لا يحكم على قائلها بالكفر إلا مع الاعتقاد، وهذا رد للإجماع لأن فقهاء الإسلام أجمعوا على أن الكفر ثلاثة أنواع وكل قسم كفر بانفراده من غير أن ينضم إليه الآخر، قال الشيخ يوسف الأردبيلي في كتاب “الأنوار لأعمال الأبرار” في كتاب الردة ما نصه [96]: “وهي قطع الإسلام ويحصل ذلك بالقول تارة وبالفعل تارة أخرى”، ثم قال: “والقول الموجب للكفر لا فرق بين أن يصدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء” اهـ، وهذا التقسيم قاله خلق كثير من فقهاء الإسلام، فتراجع مؤلفاتهم.

 

فقول فتحي يكن من أن تقسيم الكفر إلى ثلاثة أقسام لا صحّة له سببه أنه لم يمارس تلقي علم الدين من أهل المعرفة، وأقصى ما حصّله مطالعة بعض تآليف سيد قطب وجماعته ولذلك صار الصواب عنده غلطًا والغلط عنده صوابًا، كان الواجب عليه وعلى أمثاله أن يتعلم علم الدين ثم يتكلم بما هو من الدين، وإن زاد فتحي يكن على ذلك فقد اطلع على رسالة الشيخ حسن البنا رحمه الله في العقيدة فإنه صرح في رسالته بأن السلف والخلف متفقون على تأويل الآيات المتشابهة يعني كآية {الرحمن على العرشِ استوى} [سورة طه/5] إما بالإجمال وإما بالتفصيل، لكنه هو وأمثاله ممن اتبعوا سيد قطب خلافُ منهج الشيخ حسن البنا فإن الشيخ حسن البنا كان عالمًا تلقى علم الدين من أفواه أهل المعرفة أما سيد قطب وأتباعه فليسوا كذلك.

 

ثم الشيخ حسن البنا في حياته عرف أن بعض المنتسبين إليه باسم “حزب الإخوان” انحرفوا فتبرأ منهم فقال: “هؤلاء ليسوا من الإخوان وليسوا مسلمين” اهـ فإنهم انحرفوا باعتقادهم إلى سفك دماء المسلمين باسم أنهم يحكمون بالقانون أي حكم رؤسائهم بالقانون ومعايشة الرعايا لهم فاعتقدوا حل سفك دماء الحكام والرعية فنفذوا ذلك بالفعل.

 

ومن الدليل على أن فتحي يكن يكفر المسلمين اليوم قوله في كتابه المسمى “كيف ندعو إلى الإسلام” ما نصه [97]: “واليوم يشهد العالم أجمع ردةً عن الإيمان بالله تعالى وكفرًا جماعيًا وعالميًا لم يُعرف لهما مثيل من قبل” اهـ، وهذا صريح في تكفيرهم للمسلمين ولا يستثنون إلا جماعتهم، فجماعتهم على زعمهم هم المسلمون.

 

فليُعلم أن فتوى فتحي يكن وسيد سابق وحسن قاطرجي وأمثالهم بسببها تجرأ كثير من العوام على التلفظ بالكفر فإن أحدهم يسب الله ثم يقول: “هذا لغو الكلام” ويحتج بالآية: {لا يُؤاخذكُمُ اللهُ باللغوِ في أيْمانكم} [سورة المائدة/89]، هؤلاء جعلوا لغو اليمين كالكفر القولي والعياذ بالله تعالى ولم يعرفوا لغو اليمين.

 

* ومما يجب التحذير منه مؤلفات يوسف القرضاوي فإنه يثني ويمدح فيها حزب التحرير ومحمد بن عبد الوهاب وحركته المسماة بالوهابية التي تعتبر أخطر حركة معاصرة على المسلمين، وسيد قطب وجماعته حزب الإخوان، ويمتدح ابن تيمية والألبانيين وزعيم الوهابية الراحي عبد العزيز بن باز فكأنه جمع بين أشتات الفرق الضالة والعياذ بالله تعالى من الضلال.

 

ومن أعجب فتاويه أنه أباح بيع الخمر ولحم الخنزير في متاجر يملكها مسلمون إذا كان لا بد من بيعها بشرط أن تكون نسبة المواد المحرمة قليلة من جملة التجارة العامة [98]، وفي هذه الفتاوى تجرأ على الله وعلى شرعه، فأين في شرع الله أنه إذا كانت المواد المحرمة أقل من المواد الحلا يجوز بيعها، ألم يبلغه أن الله تبارك وتعالى سماها رجسًا، ألم يسمع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجه [99]: “لعنت الخمرة على عشرة أوجه: بِعَينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وءاكل ثمنها، وشاربها، وساقيها”، ألم يسمع بحديث البخاري [100] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والأزلام ولحم الخنزير” فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال: “لا هو حرام”.

 

ومما يدل على أن القرضاوي ليس من أهل العلم ما ذكره في جريدة اللواء [101] من أنه ليس في مدح الفقر ءاية من كتاب الله ولا حديث واحد يصح عن رسول الله. كيف يعتبر بعض الناس هذا الرجل من أهل العلم وهو لا يدري أن الله تعالى مدح فقراء المهاجرين بقوله: {للفقراءِ المُهاجرينَ الذينَ أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم يبتغونَ فضلاً منَ اللهِ ورضوانًا ويَنصُرونَ اللهَ ورسولهُ أولئكَ همُ الصادقون} [سورة الحشر/8]، وأورد البخاري في صحيحه بابًا سماه: “باب فضل الفقر”، وجاءت أحاديث عديدة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك منها ما رواه البخاري في صحيحه [102] عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء”، وما رواه الترمذي [103] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدخل الفقراء الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام”، وما رواه الترمذي أيضًا [104] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه”.

 

ومن أعظم فتاويه نكارة ما ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد أحيانًا في الشرعيات ويخطئ في اجتهاده [105]، فالجواب: نسبة الخطإ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في التشريع كفر صريح مخالف لقوله تعالى: {وما ينطقُ عن الهوى* إن هوَ إلا وحيٌ يوحى} [سورة النجم/3-4]، ومخالف لحديثين صحيحين الأول: ما رواه الطبراني [106] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما منكم من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك غير رسول الله” فهذا صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطئ في الحكم الشرعي ولا في اجتهاده في الشرعيات، والثاني: حديث مسلم [107]: “إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من أمر دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشئ من أمر دنياكم فإنما أنا بشر”، فرق صلى الله عليه وسلم بين كلامه في أمر الدين وبين كلامه في غير ذلك بأن كلامه في أمر الدين كله يؤخذ به وأنه لا يخطئ في ذلك. وفي قول القرضاوي هذا تسوية بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال إنه هو يجتهد فيصيب ويخطئ فقد ساوى بهذا نفسه بالرسول، وذكر الزركشي [108] أن القول الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد لا يخطئ، ونقل العلامة ابن أمير الحاج في كتابه التقرير والتحبير [109] امتناعه أي امتناع جواز الخطإ على اجتهاده صلى الله عليه وسلم، ونقله عن أكثر العلماء، وقال الرازي والصفي الهندي: إنه الحق، وجزم به الحليمي والبيضاوي، وذكر السبكي أنه الصواب وأن الشافعي نص عليه في مواضع من الأم لأنه أولى بالعصمة عن الخطإ من الإجماع لأن عصمته أي الإجماع عن الخطإ لنسبته إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وللزوم جواز الأمر باتباع الخطإ لأننا مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {قُلْ إن كُنتم تُحبون اللهَ فاتبعوني يُحببكم الله} [سورة ءال عمران/31] إلى غير ذلك، انتهت عبارة ابن أمير الحاج.

 

ولم يكتف بذلك القرضاوي بل قدح في بعض كتبه بعصمة الأنبياء، وأنكر نبوة ءادم عليه السلام، إلى غير ذلك من الفتاوى الباطلة التي حشاها في كتبه، نسأل الله تعالى السلامة من الفتن.

 

* ومما يجب الحذر منه كتب محمد سعيد البوطي، ومن أشنع عباراته تسميته الله تعالى بالعلة فقد ذلك في كتابه المسمى “كبرى اليقينيات” بعد كلام ما نصه [110]: “إلى أن يتنتهي بك هذه العلل الكثيرة المختلفة إلى العلة الوحيدة الكبرى الكامنة خلف ما قد رأيت أي إلى واجب الوجود وهو الله عز وجل” اهـ، والجواب: أن هذا الكلام باطل، وقد كفّر الإمام ركن الإسلام علي السُّغدي من سمى الله تعالى سببًا أو علة، وذكر المفسر النسفي في تفسير قوله تعالى {وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها وذروا الذينَ يُلحِدونَ في أسمائِهِ سيُجْزَونَ ما كانوا يعملون} [سورة الأعراف/180] ما نصه: “ومن الإلحاد تسميته بالجسم والجوهر والعقل والعلة”.

 

ثم يوافق البوطي المعتزلة في مسئلة القدر [111] وخالف بذلك صريح القرءان والسنة الصحيحة وخرج عن إجماع الأمة بل عن الإسلام، وقد ذكرنا في هذا الكتاب الأدلة على أن الله تعالى خالق كل شئ وخالق حركات العباد وسكونهم وأعمالهم خيرً كانت أو شرًا بدليل قوله تعالى: {اللهُ خالقُ كلِّ شئ} [سورة الزمر/62]، وقوله تعالى: {إنَّا كُلَّ شئٍ خلقناهُ بقدر} [سورة القمر/49]، وقوله صلى الله عليه وسلم [112]: “إن الله صانع كل صانع وصنعته”، وقوله تعالى: {فلمْ تقتُلوهم ولكنَّ اللهَ قتلهم وما رميتَ إذ رميتَ ولكنَّ اللهَ رمى} [سورة الأنفال/17]، نفى الله تعالى عن الرسول الرمي من حيث الإيجاد من العدم إلى الوجود وأثبته له من حيث الكسب والفعل، فخالف البوطي ومن قلدهم من المعتزلة هذا النص القرءاني.

 

ومن أبشع مقالاته ما ذكره في مجلة الوهج ونصه [113]: “عندما يتعارض نص قرءاني مع قرار علمي واضح فأنا أقول: لا نؤول القرءان بل نترك القرءان ونأخذ بالقرار العلمي”، ثم قال في المصدر نفسه: “إذا تعارض الدين والعلم فأنا أقول خذوا العلم واتركوا الدين”، ويقول في كتابه المسمى: “هذه مشكلاتهم” ما نصه [114]: “وهل من إشكال أن يضع أحدنا القرءان تحت مجهر البحث والنقد العلميين”.

 

نقول للبوطي: ألا تخجل من هذا الكلام الذي معناه عندما تتعارض ءاية قرءانية واضحة نزل بها جبريل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فتلقاها أصحابه عنه وحفظوها ونشروا الدين في أرجاء الأرض مع قرار علمي فبزعم البوطي نترك القرءان الكريم ونأخذ بالقرار العلمي، وأي كفر وإلحاد هذا الكلام الذي ينفر منه قلب عوام المسلمين الذين يعتقدون أن القرءان هو الحق الثابت الذي لا يخالف الواقع، وهذا الكلام فيه هدم للدين والعياذ بالله تعالى من الكفر والضلال.

 

ومما يدل على أن البوطي ليس من أهل العلم ولا يعتمد على كلامه ولا على مؤلفاته أنه أمر شابًا وجد بصندوق جده كتابًا فيه سحر فقرأ فيه بعض التعاويذ فظهرت عليه جنية فصار يجامعها ويزني بها فسأل البوطي عما يفعل الآن وقد أراد الزواج من إنسية فأجابه بقوله [115]: “أعتقد أنك لست بحاجة بعد كل هذه المتعة التي تحققت لك إلى الزواج من أي فتاة إنسية لقد جاءك الجمال ومعه المتعة أشكالاً كما تقول دون أن تكلف بتقديم مهر ولا دار ولا شئ في مقابل ذلك، ردد طلاسمك كلما هاجت بك النفس” اهـ، وهذه الإجابة لا تنم عن علم وورع، كيف يقول له “ردد طلاسمك” فيأمره بترديد العبارات التي يقوم عليها السحر، وفي هذا دعوة إلى العمل بالسحر، إضافة إلى أنه يدعوه إلى الزنا والعياذ بالله تعالى.

 

فظهر بذلك أن البوطي لا يعتمد عليه وليس كما يظن به كثير من الناس الذين لا يعرفون حاله سوى أنه دكتور وله مؤلفات مطبوعة. العبرة بموافقة دين الله تبارك وتعالى.

 

* ومما يجب التحذير منه تحذيرًا بالغًا مؤلفات سيد قطب الذي كان في أول أمره صحفيًا ماركسيًا ثم انخرط في حزب الإخوان واشتغل بالتأليف فزل وضل. فقد سمى الله تعالى بالريشة المبدعة والخالقة [116]، وبالعقل المدبر [117]، وهذا مما لا يخفى أنه إلحاد قال الله تعالى: {وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوهُ بها وذروا الذينَ يُلحدونَ في أسمائهِ} [سورة الأعراف/180]، فإذا كان إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري نص على أن الله تعالى لا يسمى عارفًا ولا مستطيعًا فما بال من يسميه عقلاً مع أن معنى الأوَّلَين هو وصف له بالعلم والقدرة فليس في ذلك خطأ من حيث المعنى وإنما الخطأ فيهما من حيث اللفظ، وقال النسفي في تفسير هذه الآية [118]: “ومن الإلحاد تسميته بالجسم والجوهر والعقل والعلة” اهـ، وقال الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، أليس العقل من صفات البشر، وهذا النص صريح في تكفير سيد قطب ومن وافقه.

 

أما كتابه المسمى “في ظلال القرءان” فقد ذكر فيه أنه لا وجود للمسلمين على الأرض طالما يحكم الحكام بغير الشرع ولو في مسئلة صغيرة [119]، وفي موضع ءاخر لم يدع فردًا من البشرية إلا وقد رماه بالردة حتى المؤذنين في مشارق الأرض ومغاربها لأنهم لم يثوروا على الحكام [120]، وفي موضع يذكر أن من حكم ولو في مسئلة جزئية بغير الشرع فهو خارج عن الدين [121]، وردد هذا الكلام كثيرًا في مواضع عديدة من كتابه مستدلاً بقوله تعالى: {ومَن لم يحْكُم لِما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] ءاخذًا بظاهر الآية، وهذه الآية أوَّلها السلف ومن بعدهم فقد ثبت ذلك عن ابن عباس والبراء بن عارب رضي الله عنهم، قال القرطبي في تفسير هذه الآية [122]: “نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم [123] من حديث البراء، وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل: فيه إضمار أي ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا للقرءان وجحدًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار أي معتقدًا ذلك ومستحلاً له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكبُ محرّمٍ فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إلا أن الشعبي قال: هي في اليهود خاصة، واختاره النحاس” اهـ.

 

وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: “من ترك الحكم بما أنزل الله ردًّا لكتاب الله فهو كافر، ظالم، فاسق”، وقال عكرمة: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، وروى الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في سننه [124] في الآيات الثلاث أن ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرءان قال: “إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة، {ومن لم يحكُم بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] كفر دون كفر” اهـ، أي ذنب كبير يشبه الكفر في الفطانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [125]: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، وقد وقع القتال بين المؤمنين منذ أيام علي رضي الله عنه ولا يزال يحدث إلى يومنا هذا والله تعالى يقول: {وإن طائِفتانِ منَ المؤمنين اقتتلوا} [سورة الحجرات/9] الآية. يعني ابن عباس أن الكفر كفر ينقل عن الملة وكفر لا ينقل عن الملة ويؤيده الحديث الصحيح “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” فكما أن الشرك أصغر وأكبر كذلك الكفر أصغر وأكبر فإن الشرك هو عبادة غير الله فلما قال عن الرياء إنه الشرك الأصغر علمنا أن الكفر أيضًا كذلك أصغر وأكبر والكفر الأكبر هو الذي ينقل عن الملة والشرك الذي هو الرياء لا ينقل عن الملة بالإجماع. وحديث “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” رواه الحاكم وصححه [126]. الرياء الناس مبتلون به أكثر أكثر المسلمين لا يخلون منه والرسول سماه الشرك الأصغر كذلك الكفر كفر أكبر وكفر أصغر الكفر الأصغر الذي يحكم بغير الشرع لأجل الرشوة أو لأجل مراعاة خاطر قريب أو صديق. ورد في الحديث أن الذي يرائي بعمله يقال له يوم القيامة خذ ثوابك من الذي عملتَ له ويغفره الله لمن يشاء كذلك الكفر الأصغر يغفره الله لمن يشاء. سيد قطب لعنه الله جعل الحكم بغير الشرع ولو في مسئلة واحدة كفرًا مخرجًا من الملة لذلك يستحلون قتل المسلمين جماعتُه ويحتجون بهذه الآية ولا يعرفون أن الكفر كفر أكبر وكفر أصغر وأن معنى هذه الآية أن الحكم بغير الشرع كفر أصغر ليس الذي يُخرج من الدين.

 

ثم إن كلام سيد قطب هذا هو عين مذهب الخوارج القائلين بأن الظلم والفسق هو كفرٌ يُخلد صاحبه في النار، وليس لسيد قطب سلف إلا طائفة من الخوارج تسمى “البيهسية” منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم: “إن الملك إذا حكم بغير الشرع صار كافرًا ورعاياه كفار من تابعه ومن لم يتابعه”، وكفى سيد قطب خزيًا وضلالاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: “يخرج قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرءان لا يجاوز حناجرهم، يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم” ثم قال صلى الله عليه وسلم: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” رواه البخاري [127].

 

وقد قلد سيد قطب في فتواه الشيطانية هذه جماعةٌ كفتحي يكن [128]، وفيصل مولوي [129].

 

ومن أوقح ما في هذا الكتاب ما ذكره سيد قطب أن التأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه [130]، وفي هذا الكلام طعن بالصحابة والسلف وجعلهم محرفين لكتاب الله كما فعلت علماء اليهود.

 

ومن الضلال المحشو في هذا الكتاب ما ذكره في تفسير قول الله تعالى: {وهوَ معكُم أينَ ما كنتم} [سورة الحديد/4] فقال ما نصه [131]: “هي كلمة على الحقيقة لا على الكتابة والمجاز، فالله سبحانه مع كل أحد ومع كل شئ في كل وقت وفي كل مكان”، فقد جعل الله تعالى منتشرًا في العالم وهذا كفر شنيع يخالف قوله تعالى: {ليسَ كمثلهِ شئ}، ويخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [132]: “كان الله ولم يكن شئ غيره”، وقد ذكر الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات”.

 

وقد سبق سيد قطب في هذه العقيدة الخبيثة جهم بن صفوان الذي قُتل على الزندقة في أواخر الأمويين قتله سَلمُ بن أحوز المازني بأمر الخليفة الأموي، وقد أجمع المسلمون على أن معنى الآية إحاطة علمه تعالى بكل الخلق.

 

وقد أدى جهل سيد قطب بعلم الدين إلى ذم سيدنا موسى ويوسف وإبراهيم [133] عليهم السلام، نعوذ بالله من الكفر، فلتُحذر مؤلفات هذا الرجل الذي يدعو الناس إلى هدم الدين وإلى الفوضى والقتل والدمار وفتح باب المروق من الدين، وحوادث مصر والجزائر واليمن شاهد على ذلك فكم من نساء وشيوخ وأطفال قتلوا وذبحوا بسبب فتوى سيد قطب التي تدعو إلى قتل المسلمين، وكان الأحرى به بدل ذلك أن يحرض المسلمين على جهاد ومحاربة اليهود أعداء الدين والإسلام قتلة الأنبياء، لعنهم الله تعالى.

 

* ومما يجب التحذير منه كتب حزب التحرير وبالخصوص كتاب يسمى “الشخصية الإسلامية” لتقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير فإنه يقول فيه [134]: “وهذه الافعال –أي أفعال الإنسان- لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء” اهـ وذكر نحو ذلك في كتابه المسمى “نظام الحكم في الإسلام” [135].

 

الجواب: هذا كلام مخالف للقرءان والحديث الصحيح ولصريح العقل، فأما القرءان فقد قال الله تعالى: {وخلقَ كلَّ شئٍ فقدَّرَهُ تقديرًا} [سورة الفرقان/2]، وقال: {واللهُ خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات/96]، وقال: {إنَّا كلَّ شئٍ خلقناهُ بقدرٍ} [سورة القمر/49]، والشئ هنا شامل لكل ما يدخل في الوجود من أجسام وحركات العباد وسكونهم ما كان منها اختياريًا وما كان منها اضطراريًا، فلو كان كل فعل اختياري من العباد بخلق العبد لكان ما يخلقه العبد من أعماله أكثر مما هو خلق لله من الأعمال وهذا باطل.

 

وقول النبهاني يرد أيضًا قول الله تعالى مخبرًا عن موسى: {إنْ هيَ إلا فتنتُكَ تُضِلُّ بها من تشاءُ وتهدي من تشاء} [سورة الأعراف/155] وهذا صريح بأن الله تعالى هو الذي يخلق الاهتداء في قلوب من شاء أن يهديهم، والضلالة في قلوب من شاء أن يضلهم، ويرده أيضًا قوله تعالى: {ونُقلِّبُ أفئِدَتهم وأبصارهم} [سورة الأنعام/110] فقد أخبر الله تعالى في هذه الآية بأن عمل العبد القلبي وعمله الذي يعمله بجوارحه من فعل الله تعالى وخلقه، فهل للنبهاني وجماعته من جواب؟، والآيات القرءانية في الدلالة على ما ذكرنا مما هو مذهب أهل السنة والجماعة كثير.

 

وأما مخالفته للحديث فقد روى مسلم والبيهقي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [136]: “كل شئ بقدر حتى العجز والكيس”، وروى الحاكم من حديث حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله صانع كل صانع وصنعته”، وخالف أيضًا الحديث الذي أخرجه الحافظ ابن جرير الطبري وصححه [137]: “صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام: القدرية والمرجئة”، فهذا الحديث صريح في تكفير أهل القدر القائلين بأن العبد هو الذي يخلق أعماله بإرادته وتقديره كهذه الفرقة التحريرية، فهم بهذه المقالة جردوا أنفسهم من الإسلام وانسلخوا منه كما تنسلخ الحية من جلدها.

 

وأما مخالفته لصريح العقل فهو أنه يلزم من قولهم هذا أن يكون الله مغلوبًا مقهورًا لأنه يكون العبد على ذلك خالقًا لهذه المعاصي على رغم إرادة الله، تعالى الله عن ذلك، والله لا يكون إلا غالبًا. وأيضًا على حسب زعمهم يجري في ملكه شئ بغير مشيئته، وهذا مما لا يصح فإنه لا يجري في ملكه طرفة عين ولا لفتة ناظر إلا بقضاء الله وقدره ومشيئته وعلمه، ولا فرق بين ما كان خيرًا أو شرًا، فلا يصح عقلاً أن يكون وجود قسم منها بفعل الله ووجود قسم ءاخر بفعل غيره كما تقول المعتزلة الذين خالفوا أهل الحق.

 

ومن جملة تحريفاتهم [138] أنهم يقولون إن الذي يكون في زمن ليس فيه خليفة كهذا الزمن إذا مات تكون ميتته جاهلية، مع إيهامهم أن ذلك لمن لم يتكلم معهم في أمر الخليفة كما هم يتكلمون بألسنتهم، يقال لهم: هذا الحديث رواه مسلم عن ابن عمر [139] بلفظ: “من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” هذا نص الحديث أما هم فإنهم يذكرون للناس الجملة الأخيرة ويكررونها، ومعنى الحديث ليس كما يزعمون إنما معناه أن الذي يتمرد على الخليفة ويتركه بالخروج عن طاعته واستمر على ذلك إلى الممات تكون ميتته ميتة جاهلية كما يدل على ذلك حديث مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [140]: “من كره من أميره شيئًا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرًا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية”، فلتنظر التحريرية إلى قوله صلى الله عليه وسلم: “فمات عليه” فإنه صريح في أن الذي يموت ميتة جاهلية هو الذي يأتيه الموت وهو متمرد على السلطان، ويدل عليه أيضًا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [141]: “من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية”، وخير ما يُفسر به الحديث الحديث، فهذه الأحاديث الثلاثة كلٌّ يعني أن الذي يموت متمردًا على طاعة الخليفة مع قيام الخليفة هو الذي يموت ميتة جاهلية، ليس الذي يموت ميتة جاهلية المسلم الذي يموت في زمن ليس فيه جماعة ولا إمام للمسلمين كما زعمت جماعة حزب التحرير بدليل حديث حذيفة بن اليمان الذي رواه البخاري ومسلم [142] أن حذيفة رضي الله عنه قال: يا رسول الله فإن لم يكن لهم جماتعة ولا إمام قال: “فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

 

ثم إن محاولتكم تطبيق حديث ابن عمر على المسلمين في هذا الوقت محاولة صعبة، فاتقوا الله، فما ذنب المسلمين في هذا الزمن الذي لا يستطيعون فيه أن ينصبوا خليفة والله تعالى يقول: {لا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلى وُسعها} [سورة البقرة/286]، وكلامكم هذا مؤداه أن الأمة الإسلامية اليوم ءاثمون ويستثنى منهم جماعتكم فقط!.

 

ومن أراد مزيد الاطلاع على مفاسد حزب التحرير فليطالع كتابنا “الغارة الإيمانية في رد مفاسد التحريرية” وكتابنا “صريح البيان في الرد على من خالف القرءان”.

 

* ومما يجب التحذير منه كتاب منسوب إلى الشيخ محمود أبي الشامات الدمشقي أنه من تأليفه يسمى “الإلهامات الإلهية على الوظيفة الشاذلية اليشرطية” فهو محشو بمقالات صريحة في كفر الحلول والاتحاد اللذين هما من أكفر الكفر، وقد مر ذكر أن الإمام سيد الطائفة الصوفية الجنيد بن محمد البغدادي قال: “التوحيد إفراد القديم من المحدث”، فقول الإمام الجنيد في واد وقول الشاذلية اليشرطية الذين يقولون مرة بعبارات الوحدة ومرة بعبارات الحلول أي حلول الله في خلقه في واد ءاخر، فما أبعد ما بين الواديين.

 

والعجب كيف ينتسبون إلى التصوف الإسلامي وهم ضد الصوفية لأن التصوف الإسلامي ما ذهب إليه الجنيد وأمثاله وهو موافق للنصوص القرءانية كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أحد* اللهُ الصمد* لم يلِدْ ولم يُولَدْ} [سورة الإخلاص/1-2-3] فإن هذا صريح في أن الله ليس أصلاً لغيره ولا فرعًا عن غيره، فهؤلاء اليشرطية القائلون بالوحدة والحلول مصادمون لهذا النص وغيره، فكفرهم أسمج الكفر وأشنعه.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا القول بأولية النور المحمدي وقد رددنا على هذه المقالة في هذا المؤلف وفي مؤلف مستقل فليُراجع.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا مما يجب التحذير منه ونص عبارته [143]: “قال سيدي الشيخ محي الدين بن عربي في كتابه “شرح الوصايا اليوسفية”: يجب على المريد أن يعتقد في شيخه أنه المتحكم في موته وحياته، وأن الله تجلى له في صورته”، ثم قال: “فمن مات تحت حكم شيخ كامل فإن الله لا يتجلى له في القيامة إلا في صورة ذلك الشيخ” اهـ، فهذا الكلام ليس من دين الله وهو مناف للتوحيد الذي هو أصل الدين وأصل التصوف الإسلامي، فما هذا الكلام إلا زندقة وهو كفر صريح لا تأويل له، وهو دس على الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه ولا يتفوه بمثل هذا الكلام المنافي للتوحيد ولعقيدة المسلمين.

 

وأما قوله [144]: “وقد ألف السادة الصوفية نفعنا الله بهم الكتب والرسائل في إثبات وحدة الوجود وأقاموا الأدلة النقلية والعقلية على إثباتها” اهـ، فهو مردود لأن الصوفية الذين على نهج الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه ردوا هذه العقيدة الفاسدة قال السيد أو العلمين أحمد الرفاعي رضي الله عنه: “إياك والقول بالوحدة فإنه من الأباطيل”، وقال أيضًا ما نصه: “لفظتان ثُلمتان في الدين: القول بالوحدة، والشطح المجاوزُ حدّ التحدث بالنعمة”، وذم الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه في كتابه “الفتوحات” عقيدة وحدة الوجود وعقيدة الحلول وقال قولاً شديدًا في ذك هاتين العقيدتين ونصه: “من قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد”، فكيف بعد هذا يقول هذا المؤلف إن هذا قول السادة الصوفية، وكيف يتجرأ أن ينسب إليهم ما هو ضد التوحيد.

 

وفي هذا الكتاب أيضًا ما نصه [145]: “ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم مظهر الهُوية الآخذة بناصية كل ما دب وثبت في أرض العلم القديم الأزلي، قال تعالى: {ما من دابةٍ إلا هُوَ ءاخِذ بناصيتها إنَّ ربي على صراطٍ مستقيم} [سورة هود/56] اهـ، فقوله هذا زيغ لم يسبقه إليه أحد، وهو مخالف لتفسير السلف لهذه الآية قال البخاري [146] وغيره من السلف في تفسير: {ءاخذ بناصيتها} [سورة هود/56]: “أي في مُلكه وسلطانه”.

 

والحاصل أن كل ما أورده هذا المؤلف اليشرطي وأمثاله في مؤلفاتهم تلبيس وتمويه لا يروج إلا على من لم يعرف التوحيد الإسلامي، ولو كان الأمر كما يقوله هذا المؤلف ما قُتل بحكم الشرع الحلاجُ وأمثاله من الحلوليين، وهذا الحلاج ثبت أن الصوفية في عصره تبرأوا منه ونفوه ولم يعدوه منهم، وكذلك الصوفية المحققون الذين جاؤوا بعد عصر الحلاج كالشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه فقد قال في الحلاج: “لو كان على الحق ما قال أنا الحق” اهـ.

 

أما كلامنا على الشيخ محمود أبي الشامات إنما هو على حسب ما اطلعنا عليه فيما ينسب إليه من التأليف، وأما أمره في الباطن فعلمه عند الله هل صح عنه هذا أم هو مفترى عليه، لكن نقول أي إنسان ثبت عنه هذا الذي في الكتاب المسمى “الإلهامات الإلهية” فإنه ملحد من الملاحدة كائنًا من كان، والله تعالى أعلم.

 

* ومما يجب التحذير منه فتوى لصبحي الصالح في رسالة له سماها “المرأة في الإسلام” أفتى فيها بخلاف المذاهب الأربعة بل وكل المجتهدين بل هي خلاف كل علماء الإسلام المجتهدين كالإمام الأوزاعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة ومحمد بن جرير الطبري وأبي بكر بن المنذر والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وهؤلاء الثلاثة من كبار المجتهدين الذين تلقوا العلم من الصحابة، فقد ذكر صبحي الصالح في هذه الرسالة ما نصه [147]: “إن الطلاق لا يقع إلا بالنية وما يراه الفقهاء من وقوع طلاق الهازل مبني على أساس واهٍ من حديث مختلق موضوع والحق أن لا طلاق من الهازل” اهـ.

 

فالجواب: أن كل من ذكرناهم من المجتهدين اتفقوا على أن الهازل طلاقه يقع ولم يستثنوا الغضبان إلا المكره والمجنون ومن سبق لسانه، واختلفوا في السكران الذي غاب عقله بالسكر فمنهم من حكم عليه كالمجنون ومنهم من لم يعتبره في حكم المجنون.

 

أما ما ادعاه من أنه لا يصح من الحديث في ذلك شئ فهو مردود بحديث [148]: “ثلاثةٌ جِدهنَّ جِد وهزلهنّ جِد: النكاح والطلاق والرجعة” رواه أبو داود وغيره، وعلى هذا الحديث بنى المجتهدون مذهبهم في هذه المسألة، وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن حجر وغيره وسكت عليه أبو داود أي لم يضعفه.

 

وهذا الحديث الذي جعله موضوعًا هو ثابت عند علماء الحديث على رغم رأيه، وهل لقوله وقول أمثاله اعتبار في الكلام على الحديث، فالكلام على الحديث بالتصحيح والتضعيف شرطه أن يكون الذي يصحح ويضعف حافظًا من الحفاظ، وأين هو من الحفظ، فكلامه وكلام أمثاله في الحديث أو في التحليل والتحريم لا يعتبر.

 

وأما ما ذكره صبحي الصالح من أن للمرأة أن تشترط أن لا يتزوج عليها زوجها غيرها عند إجراء العقد مثلما لها أن تشترط أن تكون عصمتها بيدها [149] فهو باطل، وأما قوله أن للمرأة أن تشترط أن يكون أمرها بيدها فهو خلاف قول الجمهور من العلماء.

 

ثم أنَّى لصبحي الصالح أن يفتي في أمور الدين وهل صح له تلق معتبر عن أهل المعرفة؟ ما صح له ذلك إنما صح له أنه تلقى من كفار، وهل يُتلقى علم الدين من كفار؟! فعلم الدين يُتلقى من المسلم الثقة أي الذي يتمسك بالعمل بشرع الله بأن يكون مقيمًا للفرائض ومتجنبًا للكبائر، فإذا كان لا يجوز تلقيه من مسلم فاسق فكيف من كافر يكذب الله ورسوله. قال ابن سيرين: “إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم” رواه مسلم [150].

 

فنصيحتي لأمثاله الذين تخرجوا من جامعات الكفار أن لا يفتوا وحرام على الناس أن يستفتوا أمثالهم فقد صرح علماء الأصول والفقهاء بأنه لا يجوز استفتاء من لم يعرف بالعلم والثقة والعدالة منهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي والنووي وغيرهما.

 

* ومما يجب التحذير منه مؤلفات عفيف عبد الفتاح طبارة فإنه رجل جاهل بعلم الدين لم يمارس الفقه على أهل المعرفة ولا الحديث ولا التفسير إنما يخوض فيما لا يحسنه لأجل المال.

 

ومما انحرف فيه عن شريعة الله قوله في كتابه المسمى “مع الأنبياء في القرءان الكريم” [151] “إن الرأي الراجح أن هذه الجنة كانت في الأرض” اهـ، يعني بذلك الجنة التي أسكن الله فيها ءادم، فمن أين له هذا أما يستحي من هذا التخرص الفظيع، بل ثبت حديثًا أنه خُلق في الجنة فقد ورد في صحيح مسلم [152] وغيره، وأما القول بأن ءادم خلق في الأرض وأنه هبط من جزء منها إلى جزء فليس له سند إنما هو قولٌ قاله من لا يعتد به فقد ذكر الله تعالى في القرءان: {إنَّ لكَ ألا تجوعَ فيها ولا تعرَى* وأنَّكَ لا تظمؤا فيها ولا تَضْحى} [سورة طه/118-119] أي أن ءادم لا يظمأ فيها ولا يضحى أي لا يصيبه عطش ولا حر شمس، وأيُّ أرض في الدنيا لا يعرى فيها الإنسان ولا يجوع وهذه بلاد الهند كلها بهذه الصفة، والمشهور في التاريخ أن ءادم أنزل على جبل سَرَنديب وهي من أرض الهند، وأُنزِلت حواء بجدة، وأُنزل إبليس في الأبلة وشُهر عند أهل العلم أن ءادم دفن عند مسجد الخيف بمنى.

 

ومما يرد زعم هذا المؤلف ما رواه الحاكم في المستدرك [153] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “ما سكن ءادم الجنة إلى ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس” وروى عنه: “أن أول ما أهبط الله ءادم إلى أرض الهند”، وعنه أيضًا قال: قال علي: “أطيب ريح في الأرض الهند أُهبط بها ءادم فعلق شجرها من ريح الجنة”، وروى الحاكم أيضًا في مستدركه [154] عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال: “إن الله لما أخرج ءادم من الجنة زوّده من ثمار الجنة وعلّمه صَنعةَ كل شئ فثِمارُكم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تغيَّر وتلك لا تَغَيَّر”.

 

وهذه الأحاديث كلها تكذّب قول عفيف طبارة ومن قلده لأن في بعضها أن الله زوّد ءادم عند خروجه من الجنة من ثمار الجنة لكنها بعد أن نزلت إلى الأرض تغيرت وثمار الجنة لا تتغير وفي هذا أبين البيان على فساد قول إن ءادم خلق في الأرض في مكان فيه بستان ثم أُخرج من هذا المكان إلى غيره من أرضنا هذه من أرض الدنيا. وكذلك حديث عبد الله بن عباس أن القدر الذي عاشه ءادم في الجنة كمقدار ما بين العصر إلى غروب الشمس لا يمكن حملُه على حساب الوقت المعهود في الدنيا بما بين العصر إلى غروب الشمس إلا على تلك الأيام الستة التي كل يوم منها قدر ألف سنة فإن ما بين العصر والغروب بالنسبة إلة تلك الأيام وقت واسعة بالنسبة للوقت المعروف في الدنيا وهذا ينطبق على ما ورد في الأثر أن ءادم عاش من عمره ألف سنة مائة وثلاثين سنة في الجنة وأكمل الألف بعد أن أُنزل إلى الأرض.

 

ثم إنه لو كانت الجنة التي كان فيها ءادم في الأرض لكان ذلك الموضع معروفًا يتناقله البشر من ذلك الوقت إلى هذه الساعة لكنه لا توجد أرض بهذه الصفة ولكان مزارًا لكل طوائف البشر.

 

وحديث إن ثمار الجنة لا تتغير صححه الحاكم والحافظ الذهبي، وأي أرض في الدنيا لا تتغير ثمارها!، وحديث عبد الله بن عباس أيضًا صححه الحاكم فبئس التصرف تصرفك يا عفيف وهذا شأن من لا يتلقى علم الدين من أهل المعرفة ثم يخوض اعتمادًا على مطالعته.

 

أما علمت يا عفيف الآية القرءانية: {ما يَلفِظُ منْ قولٍ إلا لديهِ رقيبٌ عتيدٌ} [سورة ق/18]، تُب إلى الله تعالى وتعلم علم الدين من أهل المعرفة ثم بعد ذلك إذا صرت أهلاً ألّف.

 

وقوله في نفس الكتاب [155] إن ءادم على زعمه ليس أول من سكن الأرض بل يوجد قبله بشر فيه رد على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد صح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الناس يوم القيامة يذهبون إلى ءادم لطلب الشفاعة يقولون: يا ءادم أنت أبو البشر [156]” وثبت في رواية أخرى: “يا ءادم أنت أول الناس”، يا أيها المتعالم تترك ما صح عن رسول الله وصار مشهورًا مقبولاً عند علماء الحديث وتلجأ إلى أوهام بعض الأوروبيين، ألم تعلم أنك تقلدهم أنت وأمثالك في نظرية داروين وهي أن شكل البشر قرد أي كان في الأصل شكل قرد والآن قد رجعوا عنه، تقلد هؤلاء وتترك حديث رسول الله الذي اتفق عليه المسلمون، فكيف هذا وأنت تدعي الإسلام، كف يا هذا عن الكلام في الدين، ألم تعلم أن الإنسان يُسأل يوم القيامة عن قوله وفعله واعتقاده.

 

وما يحذر منه ما ذكره في كتابه المذكور في تفسير قوله تعالى: {ويا قومِ استغفروا ربَّكُم ثُمَّ توبوا إليهِ يُرسِلِ السماءَ عليكُم مِدرارًا ويَزِدْكُم قُوَّةً إلى قُوتِكُمْ ولا تتَولَّوا مُجرمين} [سورة هود/52] ما نصه [157]: “والمعنى اطلبوا من خالقكم أن يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم ثم ارجعوا إليه” اهـ، الجواب: هذا جهل منك بمعنى الآية وانحراف عن فهم علماء الإسلام السلف والخلف فإن معنى استغفروا ربكم أي اطلبوا مغفرة الله بالدخول في الإسلام بترك عبادة الأوثان الخمسة التي كنتم تعبدونها، وليس معناه قول “أستغفر الله أستغفر الله” قبل الدخول في الإسلام فالكافر المشرك لا ينفعه قول أستغفر الله ما لم يتخل عن عبادة غير الله ويؤمن بالله وبرسوله الذي أرسله، وكان رسول أولئك نوحًا عليه السلام الذي أُرسل إليكم وهو نوح فإذا فعلتم ذلك يكثر الله لكم المطر ويمدكم بالأموال والبنين ويجعل لكم جنات وأنهارًا، فلما لم يؤمنوا بل أصروا على عبادة الأوثان وتكذيبهم لرسولهم نوح أهلكهم الله بالغرق ولم ينج منهم من الغرق إلا نوح وثلاثة من أبنائه وعدد لا يبلغ عددهم المائة ممن ءامنوا به.

 

فمن ظن أن الكافر الأصلي والمسلم الذي ارتد بسب الله أو بسب الرسول أو بسب الملائكة أو بسب شعائر الإسلام ينفعه قول أستغفر الله فهو جاهل بدين الله قال الله تعالى: {فإن انتهوا فلا عُدوانَ إلا على الظالمين} [سورة البقرة/193] أي إن انتهوا عن كفرهم، وقال تعالى: {قُل للذينَ كفروا إن يَنتهوا يُغفر لهم ما قدْ سلفَ} [سورة الأنفال/38] أمر الله تعالى نبيه أن يقول للكفار إنكم إن انتهيتم عن كفركم هذا يعفر لكم بإسلامكم ما قد سلف من الكفر والمعاصي.

 

والانتهاء عن الكفر هو بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله مع التخلي عن الشرك الذي كانوا عليه، وقد ثبت حديثًا [158] أن رجلاً من المشركين جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: علمني ما أقول فقال له: “قل اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري” ثم هذا الرجل المشرك خرج من عند الرسول فأسلم ثم جاء الرسولَ فقال: يا رسول الله كنتَ علمتني أن أقول اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري والآن حين أسلمت ماذا أقول؟ فقال له: “قل اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما عمَدتُ وما أخطأت وما جهلت” فلو كان ينفعه قول أستغفر الله قبل أن يُسلم كان علّمه أن يقول قل أستغفر الله.

 

فليس الأمر كما يظن كثير من أهل هذا العصر يتكلمون بالكفر ثم يقال لهم هذا كفر فيقولون أستغفر الله أستغفر الله، وهؤلاء بقولهم “أستغفر الله” قبل النطق بالشهادة ازدادوا في الكفر لا ينفعهم لأن طلبهم المغفرة بقول “أستغفر الله” تكذيب للقرءان، فماذا يزيدهم إلا كفرًا.

 

ومما يجب التحذير منه ما ذكره هذا الرجل في كتابه المذكور ونصه [159]: “فيلمح إبراهيم أحد الكواكب السيارة مما كان يعبده هؤلاء القوم يلمع في السماء فيقول إبراهيم على مسمع من الحاضرين: [هذا ربي] مجاراة لهم وإيهامًا أنه على رأيهم” ثم قال: “أسلوب حكيم اختاره إبراهيم فهو لم يحقر معبوداتهم ويسفه معتقداتهم في بادئ أمره فينفروا منه ويخاصموه ويصموا ءاذانهم عن سماع حجته بل جاراهم في معتقداتهم لينال ثقتهم” اهـ.

 

الجواب: قوله هذا افتراء على إبراهيم عليه السلام لأن الأنبياء إبراهيم ومن سواه مستحيل عليهم أن يُظهروا للكفار أنهم يتكلمون معهم بما يفهم منه أنهم موافقوهم وهذا شأن الأنبياء كلهم أن يدعوا بالحق قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {فاصْدَعْ بِما تُؤمَرُ وأعْرِضْ عنِ المُشركين} [سورة الحجر/94]، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجول في مجتمعات المشركين ويقول “أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا”، هذا حال الأنبياء عليهم السلام ليس ما تدعيه من الافتراء عليهم يا عفيف عبد الفتاح طبارة.

 

وأما قول إبراهيم: “هذا ربي” فهو على تقدير أهذا ربي كما تزعمون، ثم لما غاب الكوكب ذكر لهم الدليل الذي هو يمنع صحة ألوهية الكوكب وهو أن الكوكب ينتقل من حال إلى حال والإله لا يجوز عليه التغير والانتقال من حال إلى حال.

 

* ومما يجب التحذير منه منشورات الجماعة المسماة جماعة “عباد الرحمن” وهم فرع من حزب سيد قطب فإن في هذه المنشورات من الفتاوى الكثيرة التي تخالف الدين وتخرق الإجماع، فمنها قولهم [160] “إن الإنسان مخيّر”، وهذا التعبير غلط إنما التعبير الصحيح عند علماء أهل السنة أن العبد مختار أي يفعل أعماله باختياره بالقدرة التي خلقها الله فيه على وفق مشيئة الله الأزلية، فقول بعض الناس: “الإنسان مخير أم مسير؟” غلط مخالف للغة وللمعنى الذي يعتقده أهل السنة وذلك لأن معنى مخير أن الإنسان خيره الله بين كذا وكذا، ومعنى مسير في اللغة التي جاء بها القرءان ممكّن من السير قال تعالى: {هُوَ الذي يُسَيِّرُكم في البرِّ والبحر} [سورة يونس/22] فهذه العبارة التي يستعملها أمثال هؤلاء مخالفة للغة وللشرع.

 

وإن علماء أهل السنة قالوا في كتبهم: “الإنسان مختار تحت مشيئة الله” بمعنى أن الإنسان يفعل باختياره ما كتب الله أنه يفعله وقدره وشاءه، فالعبارة الصحيحة لمن أراد أن يسأل شخصًا: “هل الإنسان يفعل باختياره أم هو مجبور” أن يقول “الإنسان مختار أم مجبور” فهؤلاء وأمثالهم يعبّرون بألفاظ لا توافق اللغة ولا الشرع وذلك لأنهم أعرضوا عن تعلم علم الدين من أهل الثقة على الطريق الذي توارثه المسلمون من السلف إلى الخلف.

 

ومما يحذر منه ما جاء في أحد منشوراتهم [161] من زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن تقبيل اليد تشبهًا بالأعاجم فلا يدع أحدًا يقبل يده، فالجواب: هذا الكلام مخالف لما صح في تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله، وقد ألف الحافظ أبو بكر بن المقري رسالة في أحاديث تقبيل اليد.

 

وقد صح عند المحدثين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قُبلت يده ورجله، رواه الترمذي وصححه [162]، وأن علي بن أبي طالب قبّل يد العباس ورجله وقال: يا عم ارضَ عني، رواه البخاري في كتاب الادب المفرد [163].

 

الهوامش:

 

[1] الأجوبة المرضية، مخطوط [ق/172].

[2] لسان الميزان [5/353].

[3] لطائف المنن والأخلاق [ص/390].

[4] لطائف المنن والأخلاق [ص/394].

[5] مراحل السالكين [ص/61].

[6] مراحل السالكين [ص/69].

[7] لطائف المنن والأخلاق [ص/394].

[8] ولا بدع في هذا فإن عددًا من الأئمة كفروا المعتزلة منهم الإمام الزهري التابعي الجليل أفتى عبد الملك بن مروان بقتل القدرية أي المعتزلة، وكذلك قال الإمام مالك: أرى أن يُستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا.

[9] لطائف المنن والأخلاق [ص/394-395].

[10] انظر الكتاب المسمى المناجاة الكبرى [ص/24-25]، طبع مطبعة المنار ومكتبتها بتونس.

[11] انظر كتاب الغنية [1/94 ،97].

[12] انظر كتاب الغنية [1/103].

[13] انظر كتاب الغنية [1/102].

[14] الطريقة الرفاعية [ص/58-59].

[15] نقله المناوي في الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية [1/18].

[16] الدرر الكامنة [4/216]، طبقات القراء [1/585]، الطريقة الرفاعية [ص/16].

[17] صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار [ص/128].

[18] أخرجه أبو نعيم في حلية الاولياء [7/240].

[19] الطريقة الرفاعية [ص/59].

[20] إتحاف السادة المتقين [1/432]، المعجم الكبير [11/269] عن ابن عباس رفعه.

[21] أخرجه ابن حبان في صحيحه، انظر الإحسان [1/364-365 ،369-370].

[22] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان [6/261] وغيره.

[23] أخرجه ابن حبان في صحيحه، انظر الإحسان [4/117].

[24] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قوله تعالى: {وهو الذي يبدَؤُاْ الخلقَ ثمَّ يُعيدهُ وهوَ أهونُ عليه}، والبيهقي في الأسماء والصفات [1/364].

[25] الدرر الكامنة [3/401].

[26] الصواعق المرسلة [4/1308].

[27] الجزء 2 صحيفة 453.

[28] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق: باب حفظ اللسان، ومسلم في صحيحه: كتاب الجنة والنار وصفة نعيمها وأهلها: باب في شدة حر جهنم وبُعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، والترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس.

[29] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الحدود: باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في سننه [7/60].

[30] أخرجه الحاكم في المستدرك [1/31 و32] والبيهقي في شعب الإيمان [1/209].

[31] إتحاف السادة المتقين [2/135].

[32] الفتاوى [ص/21].

[33] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الصيد والذبائح: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة.

[34] الفتاوى [2/65]، دار العودة، بيروت.

[35] انظر الكتاب المسمى “المنتخب في تفسير القرءان الكريم” [1/27]، دار العودة.

[36] المرجع السابق [1/155].

[37] إتحاف السادة المتقين [4/380].

[38] مائة سؤال وجواب [2/31].

[39] انظر الكتاب [ص/264].

[40] أورده ابن حبان في كتاب الضعفاء [2/51]، والسيوطي في الجامع الصغير [2/91]، ورمز له بالضعف، وقال المناوي في فيض القدير [4/188] ما نصه: “… قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر: سنده ضعيف، وقال السخاوي: ضعيف جدًا” اهـ.

[41] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب في قيام الرجل للرجل، وأخرجه الترمذي في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل، وقال: هذا حديث حسن.

[42] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في القيام، والترمذي في سننه: كتاب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، والنسائي في سننه: كتاب المناقب: باب مناقب فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم.

[43] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”، وحديث ءاخر أخرجه الترمذي في نفس الباب، والنسائي في السنن الكبرى: باب تأويل قول الله جل ثناؤه: {ولقد ءاتينا موسى تسعَ ءايات بيِّنات}، وابن ماجه في سننه: كتاب الادب: باب الرجل يقبل يد الرجل، وحديث ءاخر أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب في قبلة الرجل.

[44] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [23/108-114].

[45] رواه الحافظ أبو بكر بن المقري في جزء تقبيل اليد.

[46] أخرجه البخاري في الأدب المفرد [ص/328].

[47] انظر الكتاب [ص/226].

[48] انظر كتابه المسمى بالوصية [ص/6].

[49] انظر كتابه المسمى الوصية [ص/12].

[50] انظر المصدر السابق.

[51] انظر الكتاب [ص/22].

[52] انظر الكتاب [ص/20].

[53] انظر الكتاب [ص/58].

[54] انظر الكتاب [ص/55].

[55] الفتح الرباني [ص/190-191].

[56] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب صلاة التراويح: باب فضل من قام رمضان.

[57] رواه ابن المنذر في الاوسط [5/184]، والبيهقي في السنن الكبرى [3/31-32].

[58] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الوتر: باب ما جاء في الوتر.

[59] طرح التثريب في شرح التقريب [3/98].

[60] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.

[61] يوم السبت 16 مايو= 28 ذي الحجة/1350هـ.

[62] الحقائق الإسلامية [ص/42].

[63] انظر الكتاب [/114].

[64] انظر الكتاب [/164].

[65] انظر الكتاب [/221].

[66] انظر الكتاب [2/16].

[67] انظر الكتاب [2/166].

[68] انظر الكتاب [ص/40].

[69] انظر الكتاب [ص/40].

[70] انظر الكتاب [ص/63].

[71] انظر الكتاب [ص/74].

[72] انظر الكتاب [ص/80].

[73] انظر الكتاب [ص/5].

[74] انظر الكتاب [ص/12-13].

[75] انظر الكتاب [ص/423-424].

[76] انظر الكتاب [ص/466-467].

[77] انظر الكتاب [4/424].

[78] انظر الكتاب [ص/429].

[79] الأحاديث المنتقاة [ص/138].

[80] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء: باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام حاكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والترمذي في سننه: كتاب الفتن: باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، وأحمد في مسنده [2/538]، والبيهقي في سننه [1/244].

[81] الأسماء والصفات [2/166].

[82] أخرجه ابن حبان في صحيحه/، انظر الإحسان [8/288].

[83] صحيح مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب ذكر الدجال وصفة ما معه، وباب صفة الدجال، وباب خروج الدجال ومكثه في الأرض، وباب قصة الجساسة، وباب قصة الدجال.

[84] انظر الكتاب [ص/144].

[85] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الزكاة: باب من سأل الناس تكثرًا.

[86] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وكتاب التوحيد: باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم.

[87] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإيمان: باب {فإن تابوا وأقاموا الصلاةَ وءاتوا الزكاةَ فخلوا سبيلهم} [سورة التوبة/5]، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله.

[88] فإن المحدثين منهم يقولون: العالم قديم النوع حادث الأفراد بدل قول الأولين منهم: العالم قديم بجنسه وأفراده.

[89] انظر الكتاب [ص/165].

[90] انظر الكتاب [ص/246].

[91] انظر الكتاب [ص/304].

[92] انظر الكتاب [479].

[93] أخرجه أحمد في مسنده [4/288].

[94] المستدرك [4/596].

[95] الموسوعة الحركية [2/260].

[96] الأنوار لأعمال الأبرار [2/481].

[97] انظر الكتاب [ص/112].

[98] انظر البيان الذي صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء في دبلن في اجتماعه الثاني [ص/4]، وهذا المجلس رئيسه يوسف القرضاوي وأعضاؤه من حزب الإخوان ومنهم فيصل مولوي.

[99] أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة: باب لعنت الخمرة على عشرة أوجه.

[100] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب البيوع: باب بيع الميتة والأصنام، ومسلم في صحيحه: كتاب المساقاة: باب 71، والترمذي في سننه: كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام.

[101] جريدة اللواء -3تموز 1996، [ص/15].

[102] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وباب فضل الفقر.

[103] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم.

[104] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء في فضل الفقر.

[105] حلقة تلفزيونية على قناة الجزيرة بتاريخ 12/9/1999.

[106] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [11/269].

[107] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله الشرع.

[108] البحر المحيط [6/218].

[109] التقرير والتحبير [2/300].

[110] انظر الكتاب [ص/291].

[111] راجع كتابه المسمى: “الإنسان مسير أم مخير” [ص/42].

[112] أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات [ص/260]، والحاكم في المستدرك [1/31-32].

[113] انظر مجلة الوهج –حزيران 1995 [ص/36].

[114] انظر الكتاب [ص/29].

[115] مجلة طبيبك عدد تموز 1998.

[116] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني” [ص/109، 175، 198، 201].

[117] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [مجلد6 –ص/3804].

[118] تفسير النسفي [2/87].

[119] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الأول –الجزء الرابع ص/590].

[120] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السابع ص/1057].

[121] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السادس ص/841].

[122] الجامع لأحكام القرءان [6/190-191].

[123] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب رجم اليهود أهل الذمة.

[124] المستدرك [2/313]، السنن الكبرى [8/20].

[125] مسند أحمد [1/439].

[126] رواه الحاكم في المستدرك [4/329] بنحوه.

[127] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى عادٍ أخاهُم هودًا} [سورة الأعراف/65]، وكتابه استتابة المرتدين: باب من ترك قتال الخوارج للتأليف ولئلا ينفر الناس عنه.

[128] انظر كتابه المسمى: كيف ندعو إلى الإسلام [ص/112].

[129] مجلة الشهاب: العدد الأول –السنة السادسة- 1972، [ص/16].

[130] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني- الجزء السادس ص/898].

[131] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد السادس- الجزء السابع ص/3481].

[132] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهوَ الذي يبدؤاْ الخلقَ ثمَّ يُعيده} [سورة الروم/27].

[133] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني في القرءان” [ص/162، 166، 133].

[134] انظر الكتاب: الجزء الأول: القسم الاول: [ص/71-72].

[135] انظر الكتاب [ص/22].

[136] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كل شئ بقدر، والبيهقي في كتابه الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد [ص/86].

[137] أخرجه الطبري في تهذيب الآثار [2/653].

[138] راجع مقالاتهم في كتابهم المسمى “الشخصية الإسلامية”: الجزء الثاني: القسم الثالث: [ص/13، 15، 29]، وكتاب “الخلافة” [ص/3، 4، 9]، وكتاب “الدولة الإسلامية” [ص/179].

[139] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة.

[140] انظر التخريج السابق.

[141] انظر التخريج السابق.

[142] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن: باب كيف الأمر إن لم تكن جماعة، ومسلم في صحيحه: كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة.

[143] انظر الكتاب [ص/24-25].

[144] انظر الكتاب [ص/45].

[145] انظر الكتاب [ص/29-30].

[146] صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق: باب قول الله تعالى: {وبَثَّ فيها مِن كُلِّ دابةٍ} [سورة البقرة/164]، وكتاب التفسير: باب {وكانَ عرشهُ على الماءِ} [سورة هود/7].

[147] انظر رسالته المسماة “المرأة في الإسلام” [ص/36].

[148] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الطلاق: باب في الطلاق على الهزل، والترمذي في سننه: كتاب الطلاق: باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق، وابن ماجه في سننه: كتاب الطلاق: باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبًا، والحاكم في المستدرك [2/197-198] وصححه.

[149] انظر رسالته المسماة “المرأة في الإسلام” [ص/40].

[150] أخرجه مسلم في صحيحه: المقدمة: باب بيان أن الإسناد من الدين… إلخ.

[151] انظر الكتاب [ص/39].

[152] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب البر والصلة والآداب: باب خلق الإنسان خلق لا يتمالك.

[153] المستدرك [2/542].

[154] المستدرك [2/543].

[155] انظر الكتاب [ص/45-46].

[156] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير: باب {ذُريةَ من حملنا معَ نوحٍ إنهُ كانَ عبدًا شكورًا} [سورة الإسراء/3].

[157] انظر الكتاب [ص/102].

[158] أخرجه ابن حبان في صحيحه، انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان [2/128-129].

[159] انظر الكتاب [ص/116-117].

[160] العدد رقم/70، [ص/2]، أيار سنة 1966.

[161] العدد رقم/183، [ص/4]، حزيران سنة 1986.

[162] رواه الترمذي في سننه: كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، وكتاب التفسير: باب ومن سورة بني إسرائيل.

[163] الأدب المفرد [ص/328].