(55) مَا مَعْنَى الدَّائِمِ فِى حَقِّ اللَّهِ.
مَعْنَى الدَّائِمِ الَّذِى لا يَلْحَقُهُ وَلا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ وَبِمَعْنَاهُ الْبَاقِى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ أَىْ ذَاتُهُ أَىْ يَبْقَى اللَّهُ. وَذَاتُ اللَّهِ أَىْ حَقِيقَةُ اللَّهِ الَّذِى لا يُشْبِهُ الْحَقَائِقَ أَىْ لَيْسَ جِسْمًا كَثِيفًا كَالإِنْسَانِ وَالْحَجَرِ وَلا جِسْمًا لَطِيفًا كَالنُّورِ وَالْهَوَاءِ. فَاللَّهُ تَعَالَى يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ وَلا دَائِمَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا اللَّهُ فَلا شَرِيكَ لِلَّهِ فِى الدَّيْمُومِيَّةِ أَىِ الْبَقَاءِ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لِأَنَّ بَقَاءَ اللَّهِ بَقَاءٌ ذَاتِىٌّ أَىْ لَيْسَ بِإِبْقَاءِ غَيْرِهِ لَهُ وَأَمَّا دَيْمُومِيَّةُ غَيْرِهِ كَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَهِىَ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً بَلْ هُمَا شَاءَ اللَّهُ لَهُمَا الْبَقَاءَ أَمَّا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا فَيَجُوزُ عَلَيْهِمَا الْفَنَاءُ عَقْلًا لَكِنْ وَرَدَ فِى الشَّرْعِ بَقَاؤُهُمَا بِنَصِّ الْقُرْءَانِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِفَنَائِهِمَا أَوْ فَنَاءِ النَّارِ دُونَ الْجَنَّةِ كُفْرٌ. وَخَالَفَ فِى ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَةَ فَقَالَ إِنَّ النَّارَ تَفْنَى لا يَبْقَى فِيهَا أَحَدٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِى رِسَالَةٍ لَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّة فِى كِتَابِهِ حَادِى الأَرْوَاحِ إِلَى بِلادِ الأَفْرَاحِ. وَكَذَّبَ ابْنُ تَيْمِيَةَ بِذَلِكَ الْقُرْءَانَ وَالإِجْمَاعَ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾.