(9) مَنْ هُوَ الْمُكَلَّفُ.
الْمُكَلَّفُ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِى بَلَغَهُ أَصْلُ دَعْوَةِ الإِسْلامِ أَىْ بَلَغَهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ سَوَاءٌ بَلَغَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِمَا يُعْطِى مَعْنَاهُ. وَعَلامَاتُ الْبُلُوغِ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ خُرُوجُ الْمَنِىِّ أَوْ بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً وَعَلامَاتُ الْبُلُوغِ بِالنِّسْبَةِ لِلأُنْثَى خُرُوجُ الْمَنِىِّ أَوْ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً. وَالْمَنِىُّ لَهُ عَلامَاتٌ خُرُوجُهُ بِلَذَّةٍ يَعْقُبُهَا انْكِسَارُ الشَّهْوَةِ وَخُرُوجُهُ بِتَدَفُّقٍ وَهُوَ الِانْصِبَابُ بِشِدَّةٍ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَهُ رَائِحَةُ الْعَجِينِ حَالَ كَوْنِهِ رَطْبًا وَرَائِحَةُ بَيَاضِ الْبَيْضِ حَالَ كَوْنِهِ جَافًّا وَهَذِهِ عَلامَاتٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَالْمَنِىُّ سَائِلٌ أَبْيَضُ لا رُوحَ فِيهِ وَقَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ إِنَّ الْمَنِىَّ فِيهِ رُوحٌ أَوْ هُوَ حَيَوَانٌ مَنَوِىٌّ بَاطِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ أَىْ نُطَفًا لا رُوحَ فِيهَا ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾ أَىْ فِى الأَرْحَامِ ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ أَىْ عِنْدَ انْقِضَاءِ ءَاجَالِكُمْ ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ أَىْ لِلْبَعْثِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ (أَىْ مَا يُخْلَقُ مِنْهُ) فِى بَطْنِ أُمِّهِ (أَىْ فِى رَحِمِهَا) أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً (أَىْ مَنِيًّا سَائِلًا يَتَفَرَّقُ ثُمَّ يَجْتَمِعُ فِى مُدَّةِ الأَرْبَعِينَ) ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ (أَىْ يَكُونُ قِطْعَةَ دَمٍ طَرِيَّةً تَعْلَقُ بِالرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ (أَىْ يَكُونُ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ (أَىْ يَنْفُخُ الرُّوحَ فِى الْجَنِينِ بِأَمْرِ اللَّهِ بَعْدَ التَّشَكُّلِ بِشَكْلِ ابْنِ ءَادَمَ فَيَصِيرُ حَيًّا) رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ. فَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنِىَّ لا رُوحَ فِيهِ لِأَنَّ الرُّوحَ يُنْفَخُ فِى الْجَنِينِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْحَمْلِ.