السبت أكتوبر 19, 2024

(317) اذْكُرِ الدَّلِيلَ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِىِّ فِى غَيْرِ حَضْرَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ.

        أَخْرَجَ الطَّبَرَانِىُّ فِى مُعْجَمَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ عَنْ عُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ (أَىْ يَتَرَدَّدُ) إِلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ عُثْمَانُ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلا يَنْظُرُ فِى حَاجَتِهِ (أَىْ لِشِدَّةِ انْشِغَالِهِ) فَلَقِىَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّى فِى حَاجَتِى لِتُقْضَى لِى ثُمَّ رُحْ حَتَّى أَرُوحَ مَعَكَ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَفَعَلَ مَا قَالَ لَهُ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ فَجَاءَ الْبَوَّابُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ فَأَجْلَسَهُ عُثْمَانُ عَلَى طِنْفِسَتِهِ أَىْ بِسَاطِهِ فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَذَكَرَ لَهُ حَاجَتَهُ فَقَضَى لَهُ حَاجَتَهُ وَقَالَ مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ (أَىْ مَا ذَكَرْتُهَا إِلَّا الآنَ فَقَضَى لَهُ حَاجَتَهُ) ثُمَّ خَرَجَ (أَىِ الرَّجُلُ) مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِىَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِى حَاجَتِى وَلا يَلْتَفِتُ إِلَىَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِىَّ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ وَلَكِنْ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ أَتَاهُ ضَرِيرٌ فَشَكَى إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَقَّ عَلَىَّ ذَهَابُ بَصَرِى وَإِنَّهُ لَيْسَ لِى قَائِدٌ فَقَالَ لَهُ (رَسُولُ اللَّهِ ﷺ) ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ مَا قَالَ لَهُ فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَلا طَالَ بِنَا الْمَجْلِسُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ وَقَدْ أَبْصَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ. قَالَ الطَّبَرَانِىُّ فِى كُلٍّ مِنْ مُعْجَمَيْهِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأَعْمَى تَوَسَّلَ بِالنَّبِىِّ ﷺ فِى غَيْرِ حَضْرَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ قَالَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأَعْمَى تَوَسَّلَ بِالرَّسُولِ فِى غَيْرِ حَضْرَتِهِ بِقَوْلِهِ يَا مُحَمَّد أَنَّهُ ثَبَتَ النَّهْىُ عَنْ نِدَاءِ الرَّسُولِ بِاسْمِهِ فِى وَجْهِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾. وَفِى هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوَسُّلَ بِالنَّبِىِّ بَعْدَ مَمَاتِهِ جَائِزٌ بِدَلِيلِ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ أَمَرَ صَاحِبَ الْحَاجَةِ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِالنَّبِىِّ ﷺ فَبَطَلَ قَوْلُ ابْنِ تَيْمِيَةَ لا يَجُوزُ التَّوَسُّلُ إِلَّا بِالْحَىِّ الْحَاضِرِ.