السبت أكتوبر 19, 2024

(302) عَرِّفِ الْبِدْعَةَ لُغَةً وَشَرْعًا.

        الْبِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ أَىْ مَا عُمِلَ وَلَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَشَرْعًا الشَّىْءُ الْمُسْتَحْدَثُ الَّذِى لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ وَلا الْحَدِيثُ. وَالْبِدْعَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ بِدْعَةٍ حَسَنَةٍ وَبِدْعَةٍ سَيِّئَةٍ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِىِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ، أَىْ مَنْ أَحْدَثَ فِى دِينِنَا مَا يُخَالِفُهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ أَمَّا مَنْ أَحْدَثَ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فَلَيْسَ مَرْدُودًا. وَيُفْهَمُ هَذَا التَّقْسِيمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا حَدِيثُ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ فَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ النَّوَوِىُّ فِى شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَالْمُرَادُ بِهِ غَالِبُ الْبِدَعِ، أَىْ أَنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْبِدْعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الرِّيحِ ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ وَلَمْ تُدَمِّرْ هَذِهِ الرِّيحُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ إِنَّمَا دَمَّرَتْ كُلَّ شَىْءٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ مِنْ رِجَالِ عَادٍ الْكَافِرِينَ وَأَمْوَالِهمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ بِلا اسْتِثْنَاءٍ حَتَّى الأَنْبِيَاء وَالأَعْمَى يَقَعُ فِى مَعْصِيَةِ زِنَى الْعَيْنِ وَهُوَ النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ أَغْلَبَ النَّاسِ يَقَعُونَ فِى هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ.