السبت أكتوبر 19, 2024

(284) تَكَلَّمْ عَنِ الْحِسَابِ.

        يَجِبُ الإِيمَانُ بِالْحِسَابِ وَهُوَ عَرْضُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ عَلَيْهِمْ أَىْ يُعْرَضُ عَلَيْهِمْ مَا عَمِلُوا فِى الدُّنْيَا فَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ كِتَابَ عَمَلِهِ. الْمُؤْمِنُ يَأْخُذُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَالْكَافِرُ يَأْخُذُ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَهَذَا الْكِتَابُ هُوَ الَّذِى كَتَبَهُ الْمَلَكَانِ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ فِى الدُّنْيَا. وَيَكُونُ الْحِسَابُ بِتَكْلِيمِ اللَّهِ لِلْعِبَادِ جَمِيعِهِمْ كَمَا وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِى رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِرْمِذِىُّ مَا مِنْكِمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكَلِّمُ كُلَّ إِنْسَانٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَسْمَعُ الْعَبْدُ كَلامَ اللَّهِ الأَزَلِىَّ الَّذِى لَيْسَ حَرْفًا وَلا صَوْتًا وَلا لُغَةً فَيَفْهَمُ الْعَبْدُ مِنْ كَلامِ اللَّهِ السُّؤَالَ عَنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَاعْتِقَادَاتِهِ فَيُسَرُّ الْمُؤْمِنُ التَّقِىُّ وَلا يُسَرُّ الْكَافِرُ بَلْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ وَالْقَلَقُ وَيَنْتَهِى حِسَابُهُمْ فِى وَقْتٍ قَصِيرٍ. فَلَوْ كَانَ حِسَابُ اللَّهِ لِخَلْقِهِ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ مَا كَانَ يَنْتَهِى حِسَابُهُمْ فِى مِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ لِأَنَّ الْخَلْقَ كَثِيرٌ وَحِسَابُ الْعِبَادِ لَيْسَ عَلَى الْقَوْلِ فَقَطْ بَلْ عَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ فَلَوْ كَانَ حِسَابُهُمْ بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ لَاسْتَغْرَقَ حِسَابُهُمْ زَمَانًا طَوِيلًا جِدًّا وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ بَلْ لَكَانَ أَبْطَأَ الْحَاسِبِينَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْرَعُ مِنْ كُلِّ حَاسِبٍ.