السبت أكتوبر 19, 2024

(250) اذْكُرْ مَا يَجِبُ لِلأَنْبِيَاءِ مِنَ الصِّفَاتِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ.

        اعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ لِلأَنْبِيَاءِ الصِّدْقُ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ فَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ مَعْرُوفًا بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالأَمِينِ لِمَا عُرِفَ بِهِ مِنَ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَلَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ كَذْبَةٌ قَطُّ لِأَنَّ الْكَذِبَ نَقْصٌ لا يَلِيقُ بِالأَنْبِيَاءِ. وَتَجِبُ لَهُمُ الْفَطَانَةُ أَىِ الذَّكَاءُ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْبَلادَةُ وَالْغَبَاوَةُ أَىْ ضَعْفُ الْفَهْمِ أَىْ لا يَلِيقُ بِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَغْبِيَاءَ لِأَنَ اللَّهَ أَرْسَلَهُمْ لِيُبَلِّغُوا الرِّسَالَةَ وَيُبَيِّنُوا الْحَقَّ وَيُقِيمُوا الْحُجَّةَ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَانِدِينَ فَلَوْ كَانُوا أَغْبِيَاءَ لَنَفَرَ النَّاسُ مِنْهُمْ لِغَبَاوَتِهِمْ وَاللَّهُ حَكِيمٌ لا يَجْعَلُ النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ فِى الأَغْبِيَاءِ. وَتَجِبُ لَهُمُ الأَمَانَةُ فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْخِيَانَةُ فِى الأَقْوَالِ كَجَحْدِ الأَمَانَةِ وَالأَفْعَالِ كَأَكْلِ الأَمَانَةِ فَلا يَغُشُّونَ النَّاسَ إِنْ طَلَبُوا مِنْهُمُ النَّصِيحَةَ وَلا يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَقَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ أَىْ حَفِظَهُمْ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِى لا تَلِيقُ بِمَقَامِهِمْ فَالأَنْبِيَاءُ سَالِمُونَ مِنَ الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ أَىِ الذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ وَالدَّنَاءَةِ أَىِ الذُّنُوبِ الصَّغِيرَةِ الَّتِى فِيهَا خِسَّةٌ وَدَنَاءَةٌ كَسَرِقَةِ حَبَّةِ عِنَبٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا وَهَذِهِ السَّلامَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ هِىَ الْعِصْمَةُ الْوَاجِبَةُ لَهُمْ. أَمَّا الصَّغَائِرُ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا خِسَّةٌ وَلا دَنَاءَةٌ فَتَجُوزُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ لَكِنْ إِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ شَىْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُنَبَّهُونَ فَوْرًا لِلتَّوْبَةِ فَيَتُوبُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ فِى تِلْكَ الصَّغِيرَةِ غَيْرُهُمْ مِنْ أُمَمِهِمْ.