السبت أكتوبر 19, 2024

(237) مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الأَجْسَامِ وَالأَعْمَالِ.

        قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الصَّافَّاتِ ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ أَىْ خَلَقَ أَجْسَامَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِىُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ عَامِلٍ وَعَمَلِهِ وَفِى هَذَا إِبْطَالٌ لِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ بِقُدْرَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ فِيهِ فَالْعِبَادُ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَإِنَّمَا يَكْتَسِبُونَهَا وَالْكَسْبُ هُوَ تَوْجِيهُ الْعَبْدِ قَصْدَهُ وَإِرَادَتَهُ نَحْوَ الْعَمَلِ فَيَخْلُقُهُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ كَاسِبٌ لِعَمَلِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى خَالِقٌ لِعَمَلِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِى هُوَ كَسْبٌ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ أَىْ لِلنَّفْسِ جَزَاءُ مَا كَسَبَتْهُ مِنَ الْخَيْرِ أَىْ تَنْتَفِعُ بِذَلِكَ ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ أَىْ وعَلَيْهَا وَبَالُ مَا اكْتَسَبَتْهُ مِنْ عَمَلِ الشَّرِّ أَىْ تَنْضَرُّ بِذَلِكَ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الإِنْسَانَ لَيْسَ مَجْبُورًا بَلْ هُوَ مُخْتَارٌ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَىْ لَهُ اخْتِيَارٌ تَابِعٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ.