السبت أكتوبر 19, 2024

(215) اشْرَحْ مَعَانِىَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ.

        إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ أَىْ إِنَّ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرُ مَا يُعْطَاهُ الإِنْسَانُ وَالتَّقْوَى هِىَ أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ. وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِى وَعَجَلْ أَىْ أَنَّهُ لا يُبْطِئُ مُبْطِئٌ عَنِ الْخَيْرِ وَلا يُسْرِعُ مُسْرِعٌ إِلَى الْخَيْرِ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِى يَخْلُقُ فِى الْعَبْدِ الْقُوَّةَ وَالنَّشَاطَ لِلْخَيْرِ وَهُوَ الَّذِى يَخْلُقُ فِيهِ الْكَسَلَ وَالتَّوَانِىَ عَنِ الْخَيْرِ. أَحْمَدُ اللَّهَ فَلا نِدَّ لَهُ أَىْ لا مِثْلَ لَهُ، بِيَدَيْهِ الْخَيْرُ أَىْ وَالشَّرُّ أَىْ أَنَّ اللَّهَ مَالِكُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لا خَالِقَ لَهُمَا إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ لَبِيدُ بنُ رَبِيعَةَ عَلَى ذِكْرِ الْخَيْرِ دُونَ الشَّرِّ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَهَذَا أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ الْبَلاغَةِ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ يُذْكَرُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ الدَّاخِلَيْنِ تَحْتَ حُكْمٍ وَاحِدٍ اكْتِفَاءً بِأَحَدِهِمَا عَنْ ذِكْرِ الآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النَّحْلِ ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ أَىْ قُمْصَانًا تَقِيكُمُ الْحَرَّ أَىْ وَالْبَرْدَ لِأَنَّ السَّرَابِيلَ تَقِى مِنَ الأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَرِّ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ مَا شَاءَ فَعَلْ أَىْ مَا أَرَادَ اللَّهُ حُصُولَهُ لا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ وَمَا أَرَادَ أَنْ لا يَحْصُلَ فَلا يَحْصُلُ. مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الْخَيْرِ اهْتَدَى أَىْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَكُونَ مُهْتَدِيًا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ اهْتَدَى أَىْ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى دِينِ اللَّهِ وَعَلَى تَقْوَاهُ. نَاعِمَ الْبَالِ أَىْ مُطْمَئِنَّ الْبَالِ، وَمَنْ شَاءَ أَضَلّ أَىْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَكُونَ ضَالًّا أَضَلَّهُ أَىْ خَلَقَ فِيهِ الضَّلالَ وَهَذَا الْكَلامُ مِنْ أُصُولِ الْعَقَائِدِ الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِى الْمُعْتَقَدِ.