الجمعة أكتوبر 18, 2024

(99) مَا هُوَ الْكَلامُ الَّذِى عَابَهُ الْعُلَمَاءُ.

      الْكَلامُ الَّذِى عَابَهُ الْعُلَمَاءُ هُوَ كَلامُ الْمُبْتَدِعَةِ فِى الِاعْتِقَادِ كَالْمُشَبِّهَةِ الَّذِينَ يَصِفُونَ اللَّهَ بِصِفَاتِ الْبَشَرِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ الِاخْتِيَارِيَّةَ أَىْ يُحْدِثُهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَالْخَوَارِجِ الْقَائِلِينَ بِتَكْفِيرِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ وَسَائِرِ الْفِرَقِ الَّتِى شَذَّتْ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ وَأَصْحَابُهُ وَهَذَا مَا عَنَاهُ الشَّافِعِىُّ بِقَوْلِهِ الَّذِى رَوَاهُ عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بنُ الْمُنْذِرِ فِى الأَوْسَطِ لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلا الشِّرْكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَىْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ، أَىِ الْعَقَائِدِ الَّتِى مَالَ إِلَيْهَا الْمُخَالِفُونَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ افْتَرَقُوا إِلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ بِذَلِكَ فِى حَدِيثٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى على اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِى إِلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِى النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِىَ الْجَمَاعَةُ، أَىِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ وَهُمْ جُمْهُورُ الأُمَّةِ الَّذِينَ لَمْ يَخْرُجُوا فِى أُصُولِ الْعَقِيدَةِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ وَأَصْحَابُهُ. وَأَمَّا عِلْمُ الْكَلامِ الَّذِى يَشْتَغِلُ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِى يُعْرَفُ بِهِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ وَمَا يَسْتَحِيلُ فِى حَقِّهِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فَقَدْ عَمِلَ بِهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ قَبْلِ الإِمَامِ الأَشْعَرِىِّ وَالإِمَامِ الْمَاتُرِيدِىِّ كَأَبِى حَنِيفَةَ فَإِنَّ لَهُ خَمْسَ رَسَائِلَ فِى ذَلِكَ وَصَنَّفَ فِيهِ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ كِتَابَ الْقِيَاسِ وَكَانَ يُتْقِنُهُ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ فِى مَنَاقِبِ الشَّافِعِىِّ أَتْقَنَّا ذَاكَ قَبْلَ هَذَا، أَىْ أَتْقَنَّا عِلْمَ الْكَلامِ قَبْلَ فُرُوعِ الْفِقْهِ.