الجمعة أكتوبر 18, 2024

(57) مَا حُكْمُ مَنْ يُسَمِّى الْمَعَابِدَ الدِّينِيَّةَ لِلْكُفَّارِ بُيُوتَ اللَّهِ.

      يَكْفُرُ مَنْ يُسَمِّى الْمَعَابِدَ الدِّينِيَّةَ لِلْكُفَّارِ بُيُوتَ اللَّهِ لِأَنَّهَا أَمَاكِنُ بُنِيَتْ لِلشِّرْكِ وَالْكُفْرِ فَلا تَكُونُ مُعَظَّمَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحَجِّ ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحُكَّامَ يَدْفَعُونَ الأَذَى وَالضَّرَرَ فَصَارَ بِهِمُ الأَمَانُ وَلَوْلاهُمْ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ وَمَسَاجِدُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَالصَّوَامِعُ وَالْبِيَعُ وَالصَّلَوَاتُ هِىَ مَعَابِدُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَمَّا كَانُوا عَلَى الإِسْلامِ لِأَنَّهَا كَمَسَاجِدِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْكُلَّ بُنِىَ لِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَمْجِيدِهِ أَىْ تَعْظِيمِهِ لا لِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى مَسْجِدًا وَهُوَ لَيْسَ مِنْ بِنَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بَلْ بَنَاهُ سَيِّدُنَا ءَادَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ امْرُؤٌ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يُسَمِّىَ مَا بُنِىَ لِلشِّرْكِ بُيُوتَ اللَّهِ وَمَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ قَالَ مَا شَاءَ ثُمَّ وَجَدَ عَاقِبَةَ قَوْلِهِ فِى الآخِرَةِ إِنْ لَمْ يَتُبْ. وَلَفْظُ الْيَهُودِ مُشْتَقٌّ وَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ قَوْمِ مُوسَى ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ أَىْ تُبْنَا إِلَيْكَ يَا اللَّهُ. لَمَّا تَابَ أُولَئِكَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَىْ رَجَعُوا إِلَى الإِسْلامِ قَالُوا ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾. وَقِيلَ سُمُّوا يَهُودًا لِتَهَوِّدِهِمْ أَىْ تَمَايُلِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَفَرُوا بِتَكْذِيبِهِمْ لِسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ بَقِىَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهِمْ. أَمَّا النَّصَارَى فَسُمُّوا بِذَلِكَ لِقَوْلِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿مَنْ أَنْصَارِى إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ أَىْ أَنْصَارُ دِينِ اللَّهِ. وَالنَّصَارَى بَعْدَ أَنْ كَفَرُوا بِتَكْذِيبِهِمْ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ بَقِىَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا مِنْ يَهُودِىٍّ أَوْ نَصْرَانِىٍّ يَسْمَعُ بِى ثُمَّ لا يُؤْمِنُ بِى وَبِمَا جِئْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْحَوَارِيُّونَ هُمْ أَتْبَاعُ سَيِّدِنَا عِيسَى وَتَلامِذَتُهُ وَكَانُوا أَعْوَانًا لَهُ يَنْشُرُونَ دَعْوَتَهُ وَشَرْعَهُ.