اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ عِلْمَ الدِّينِ هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ عِلْمُ الدِّينِ حَيَاةُ الإِسْلامِ مَنْ أَهْمَلَهُ كَانَ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ وَعَمِلَ بِهِ كَانَ مِنَ النَّاجِينَ وَهُوَ أَفْضَلُ مَا تُقْضَى بِهِ نَفَائِسُ الأَوْقَاتِ. وَأَفْضَلُ الْعُلُومِ عَلَى الإِطْلاقِ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِى يُعْرَفُ بِهِ مَا يَلِيقُ بِاللَّهِ وَمَا لا يَلِيقُ بِهِ وَمَا يَلِيقُ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَمَا لا يَلِيقُ بِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ مُحَمَّدٍ ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ قَدَّمَ الأَمْرَ بِمَعْرِفَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى الأَمْرِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَفِى ذَلِكَ دِلالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ هُوَ أَجَلُّ الْعُلُومِ وَأَعْلاهَا وَأَوْجَبُهَا وَقَدْ خَصَّ النَّبِىُّ ﷺ نَفْسَهُ بِالتَّرَقِّى فِى هَذَا الْعِلْمِ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ، فَكَانَ هَذَا الْعِلْمُ أَهَمَّ الْعُلُومِ تَحْصِيلًا وَأَحَقَّهَا تَبْجِيلًا وَتَعْظِيمًا. وَلَمَّا كَانَتِ الْعَقِيدَةُ الْحَقَّةُ وَهِىَ عَقِيدَةُ الإِسْلامِ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجِنَانِ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهَا أَكْثَرَ مِنَ الِاعْتِنَاءِ بِعِلْمِ أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ.
وَلَمَّا كَانَ كِتَابُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَرِىِّ رَحِمَهُ اللَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ جَامِعًا لِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ الْحَقَّةِ الْمُبَارَكَةِ ارْتَأَيْنَا أَنْ نَجْعَلَ مَا شَرَحَهُ الشَّيْخُ بِطَرِيقَةِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ لِيَسْهُلَ عَلَى الطَّالِبِ دَرْسُهُ وَيَسْهُلَ عَلَى الْمُبْتَدِئِ حِفْظُهُ رَاجِينَ رِضىَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.